استمع إلى الملخص
- **مسلسل Sunny**: يستند إلى كتاب ويتناول قصة سوزي التي تتلقى روبوتاً منزلياً بعد فقدان عائلتها، ويمزج بين الكوميديا السوداء والغموض والدراما الأسرية، مستكشفاً علاقة معقدة بين سوزي والروبوت "صَني".
- **عناصر المسلسل وأداء الممثلين**: يتميز بتنوع النبرة والأجواء، ويضم ممثلين مخضرمين مثل رشيدة جونز، مستكشفاً موضوعات معقدة مثل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على العلاقات الإنسانية.
بنَت بعض شركات الإنتاج صورتها الخاصة بطريقة تمكّننا بمجرّد ذكر اسمها من الحصول على فكرة عمّا سنشاهده. A24 مرادف لقصص مختلفة، مسرودة بعناية بصرية، وبنبرة خاصة. أفلام مثل The Witch، وEx Machina، وA Ghost Story، وMidsommar، وThe Florida Project، حوّلت شركة الإنتاج المستقلة إلى براند بحد ذاته. إذا وصفنا فيلماً بأنه ينتمي إلى عوالم ما تنتجه A24، فإن محبّي السينما سيعرفون ما نعنيه، سواء أكان جيداً أم سيئاً.
كما دخلت شركة الإنتاج في مجال المسلسلات التلفزيونية منذ مدة. من بين قائمة أعمالها "برونكا" و"إيرما فيب" و"رامي" و"يوفوريا". وعلى الرغم من إنجازها سابقاً أعمالاً لصالح "إتش بي أو" و"نتفليكس" و"ستارز"، إلّا أنّ أسلوبها يبدو مناسباً أكثر على "آبل تي في بلس"، المنصة المولعة بالعناوين المنفلتة من حدود ما ينبغي أن تكون. بعد المزيج المفاجئ والمنعش لمسلسل "شوغر"، تقدّم المنصة قصة خيالية أخرى من حلقات مدتها نصف ساعة، تتناوب بين الكوميديا السوداء والغموض والدراما الأسرية، وحتى إثارة العصابات.
المسلسل الذي يحتوي على تلك الوصفة الغريبة يحمل عنوان Sunny ونقطة بدايته بسيطة: سوزي أميركية تعيش في اليابان، في كيوتو، وتتلقى نبأ تحطم الطائرة التي كان يستقلها زوجها وابنها. ترسل لها شركة التكنولوجيا التي يعمل فيها زوجها روبوتاً منزلياً (يعطي المسلسل عنوانه) لمساعدتها في التغلّب على الحزن، لكنّ سوزي لا تحب تلك الآلات، علاوة على ذلك، فهي لا تفهم كيف صمّم زوجها الروبوت بينما ما تعرفه عنه أنه كان يعمل في مصنع للثلاجات.
من هناك، تدخل سوزي عالماً غريباً عنها بحثاً عن إجابات؛ إذا فهمت من هو زوجها حقاً، فقد تكون أيضاً قادرة على إعداد نفسها للتعامل مع جميع الأشخاص الذين فجأة أصبحوا مهتمين بها كثيراً. وهذا يعني تعايشاً أفضل مع حماتها المهووسة باتباع التقاليد، والتي ربما تعرف أكثر مما تبدو.
يستند مسلسل Sunny إلى كتاب من تأليف كولين أوسوليفان، وحوّلته إلى الشاشة كاتي روبينز (The Affair)، التي قررت اتباع المسار نفسه الذي اتبعته بطلتها، وهي امرأة غربية تعيش في اليابان خارج ثقافتها (ترتدي مترجماً محمولاً في أذنها لأنها لا تتحدث اليابانية)، وفي الوقت نفسه، داخل ثقافتها عبر زواجها من ياباني يتحدث الإنكليزية بطلاقة. يمثّل منزلها، بمزيجه التقليدي والحديث، مقياساً جيداً للمسلسل نفسه، الذي يتأرجح بين عوالم "بلاك ميرور" وفيلم ياكوزا ياباني من الستينيات.
قد تكون هذه القفزات في النبرة والأجواء مربكة، بخاصة عندما تزور صَني الشركة المصنعة للروبوتات، وتعطي الانطباع بأننا في مشهد مقتطع من مسلسل Severance بسبب تصميم مساحاتها. كل هذه المكونات، إضافةً إلى الحساسية الكوميدية التي توفّرها بطلته رشيدة جونز، تجعل المسلسل أحد أكثر الإصدارات الفريدة لهذا الصيف، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تساهم، إيجاباً في قضاء وقت ممتع في مشاهدة حلقاته.
بداية مسلسل Sunny درامية للغاية، نعم، لكن تطوّرها ليس كذلك. فإدخال تلك الساق إلى العالم السفلي، على سبيل المثال، يحدث من دون إغفال متعة وحتى سخرية معيّنة في بعض الأحيان. والعلاقة بين سوزي وصَني تتحرك أيضاً وفقاً لهذه المعايير. يبدأ الأمر بالشك الأول في ذلك الروبوت المنزلي الذي يبدو خارجاً من "أنمي" لطيف ورائع، لكنّ جهود صَني للتقرُّب من مالكتها ومساعدتها تفضي إلى تأثيرٍ في نهاية المطاف. ومن خلال هذه العلاقة، تعرف سوزي أيضاً الجانب المظلم لهذه الروبوتات، وهو الجانب الذي سيكون مألوفاً لأولئك الذين شاهدوا أعمالاً درامية، مثل المسلسل السويدي Humans، وإعادة إنتاجه الأميركية. فالمسلسل يذهب أبعد بكثير مما يبدو في ملخصّه، لأن كل ما اعتقدت سوزي أنها تعرفه هو في الواقع ملفوف بالغموض.
على أية حال، فرغم أن مسلسل Sunny يلعب أحياناً بالوعي الذاتي ويغمز لجمهوره، إلا أن هناك بعض الأشياء التي يأخذها على محمل الجدّ. الأول، ترسيخ عنصر الخيال العلمي في نسخة عادية، وفي الوقت نفسه غريبة، من اليابان، تبدو، لسوزي على الأقل، مكاناً لتعايش الحداثة والتقاليد، ثم هناك الجانب الأقل متعة الذي يُترجم إلى سلوكيات يابانية بحتة.
والآخر، علاقة سوزي إياها بروبوتها، وخاصة مدى صعوبة قبول خسارة زوجها وابنها. تمنحها صَني فرصة التواصل مع ماسا (بما أنها مصممة خصيصاً لها)، حتى إن كان ذلك التواصل مع جانب مجهول وغامض لزوجها. وفي الوقت ذاته، تتمكّن صَني من تطوير شخصية خاصة بها عبر التعبيرات التي تظهر على شاشة وجهها والأداء الصوتي لجوانا سوتومورا. وبالفعل، ما يقترحه الخيال الروائي يستحق المتابعة، فقط لنرى كيف تتطوّر الدينامية بين الروبوت ومالكتها، أحد الأضلاع الكلاسيكية لهذا النوع. تخفي الكوميديا الغامضة والمروعة العديد من الحيل والمهارات مثل ذلك الشيء الذي يعطي اسمه للمسلسل.
إلى جانب ذلك، يتكوّن طاقم عمل مسلسل Sunny من ممثلين مخضرمين. بصرف النظر عن رشيدة جونز، نجد هيديتوشي نيشيغيما في دور ماسا (المعروف خارج اليابان بدوره في فيلم Drive my car)، والممثلة والمغنية ومقدمة البرامج يو، وجودي أونغ في دور الحماة، والمغنية آني. كلهم يشكّلون هذا المزيج بين الدراما الكوميدية السوداء وقصة العصابات والغموض الذي ينتهي به الأمر إلى العمل أفضل بكثير مما يبدو للوهلة الأولى، وذلك يعتمد على الازدواجية الموجودة في حياة سوزي، ليس فقط بسبب وضعها غربيةً في اليابان، وإنما أيضاً بسبب الاختلاف بين ذكرياتها والصورة التي كانت لديها عن عائلتها والواقع.
يخلط مسلسل Sunny بين المأساة والكوميديا والإثارة التكنولوجية والخيال العلمي ونظريات المؤامرات المثيرة، ليستكشف مروحة موضوعات مليئة بالإمكانيات المزعجة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، ومَن يتحكم فيه، ومَن يمكن أن يقع في يديه (هنا الشركات التي تتطوّره والمافيا التي تستخدمه) وكيف يؤثّر ذلك على العلاقات الإنسانية. في الأخير، صَني عاملة تكدّ وتتعلّم، ونقية مثل الأطفال، ومن المحتمل أيضاً أن تكون ضارة بالمجتمع، لكنها قادرة على الوقوع في الحبّ وتعلّم مضاجعة مالكها.