طالبت "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" (أمنستي)، اليوم الأربعاء، الأمن العام اللبناني بالإفراج الفوري عن الصحافية الأميركية ندى الحمصي، الموقوفة "تعسفاً" منذ الشهر الماضي، و"التحقيق بشكل سريع وشامل ومستقل وشفاف وفعال، في انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة التي واجهتها منذ اعتقالها، وتقديم أي شخص يُشتبه في مسؤوليته إلى العدالة".
وأفادت المنظمتان، في بيان مشترك، بأنّ ندى الحمصي موقوفة منذ 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وقالت المحامية ديالا شحادة، إنّ عناصر الأمن العام اللبناني دهموا شقة موكلتها يومها من دون مذكرة قضائية، فعثروا على كمية صغيرة من الحشيش، ثم اتصلوا بالمدعي العام الذي أصدر مذكرة توقيف بحق الحمصي وشريكها. وصادر العناصر أجهزتها الإلكترونية ووثائق أخرى.
ومع أنّ النيابة العامة أمرت بالإفراج عن الحمصي في 25 نوفمبر الماضي، أصدر الأمن العام أمراً بترحيلها، واستمر في توقيفها "تعسفاً" وفقاً للمنظمتين الحقوقيتين.
لا تزال أسباب مداهمة منزل الحمصي مجهولة، لكنّ ضباط الأمن العام قالوا لشحادة إنّ المداهمة استندت إلى معلومات استخبارية جمعتها شعبة المعلومات في الجهاز. ويصرّ ضباط الأمن العام على أنّ الحمصي محتجزة "لأسباب أمنية"، من دون تقديم أي تفاصيل إلى شحادة، للسماح لها بإعداد دفاعها. لم يُوجَّه إلى الحمصي أيّ اتهام له خلفية أمنية أو عسكرية، لكن وُجّه إليها اتهام بتعاطي المخدرات.
ووفقاً للبيان، لم يسمح عناصر الأمن العام للحمصي بالاتصال بأسرتها أو بمحامٍ لستة أيام بعد اعتقالها، واستجوبوها في غياب محامٍ، في انتهاك لـ"المادة الـ 47" من "قانون أصول المحاكمات الجزائية".
تقدمت شحادة بطلب للإفراج عن الحمصي في 25 نوفمبر. وفي اليوم نفسه، أمر المدعي العام في بيروت بالإفراج عنها. أوضحت شحادة أنّ الأمن العام واصل احتجاز الحمصي بحجة أنّها كانت تعمل في البلاد من دون تصريح عمل مناسب، وأصدر أمراً بترحيلها قبل نحو أسبوعين.
قالت باحثة لبنان في "هيومن رايتس ووتش" آية مجذوب، إن عناصر الأمن العام "انتهكوا حقوق الحمصي في الاحتجاز، من خلال حرمانها الاتصال بمحامٍ". ووصفت رفض الإفراج عن الحمصي ــ رغم أمر النيابة العامة ــ بـ"إساءة استخدام صارخة للسلطة، ومؤشر مقلق جداً على أنّ هذا الجهاز لا يحترم سيادة القانون".
وشددت مسؤولة الحملات بشأن لبنان في "منظمة العفو الدولية" ديالا حيدر، على أنّ "على الأمن العام الإفراج عن الحمصي فوراً، ومنحها فرصة حقيقية للطعن في ترحيلها أمام محكمة مختصة ومستقلة وذات مصداقية".
وكشفت المنظمتان أنّهما وجهتا رسالة إلى المدير العام للأمن العام اللبناني، اللواء عباس إبراهيم، في الأول من الشهر الحالي، تطالبانه فيها بالإفراج عن الحمصي والتحقيق في سلوك مرؤوسيه، من دون أن تتلقيا أيّ رد.
الحمصي صحافية أميركية مستقلة تعمل مع وسائل إعلام عربية ودولية عدة، كان آخرها "الإذاعة الوطنية العامة" الأميركية.
يتعرض الصحافيون والناشطون في لبنان لهجمات متزايدة من جهات حكومية وغير حكومية. وفقاً لـ"مركز الدفاع عن الحريات الإعلامية والثقافية" (سكايز)، ومقره بيروت، تعرّض أكثر من مائة إعلامي لاعتداء من أطراف غير حكومية بين بداية الانتفاضة في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019، ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الحالي.
وتعتدي الأجهزة الأمنية بانتظام على صحافيين يقومون بعملهم، خصوصاً في أثناء تغطية الاحتجاجات. لكن، بدل محاسبة الجناة، تستخدم السلطات اللبنانية الصلاحيات الواسعة للمحاكم العسكرية لإسكات ومعاقبة أيّ معارضة سلمية أو انتقاد للأجهزة الأمنية.