نشرت إحدى مجموعات حقوق الحيوان الفنلندية لقطات فيديو مروّعة تظهر فيها ثعالب سمينة ومريضة محبوسة في أقفاص ضيقة، فيما تتغذى الصغار منها على جيف أشقائها الموتى، كاشفةً بذلك عن صورة مروّعة لإنتاج الفرو في البلاد، بحسب ما نقلته وكالة فرانس برس.
تنتج فنلندا ما يقرب من مليون قطعة فرو سنوياً، لتكون بذلك المنتج الرئيسي في أوروبا لفراء الثعالب، والثانية في العالم بعد الصين.
وتأتي اللقطات الجديدة لتسلّط الضوء على الجدل المستمر حول زراعة الفرو ولتعزّز الدعوات لحظرها. وقالت النائبة في تحالف اليسار ماي كيفيلا لـ"فرانس برس": "كان يجب حظر زراعة الفراء في فنلندا منذ زمن، وأعتقد أنه من المخجل عدم القيام بذلك حتى الآن".
وفي ديسمبر/كانون الأوّل الماضي، جمعت مبادرة قادها مواطنون أوروبيون مليون توقيع لفرض حظر على صناعة الفراء في الاتحاد الأوروبي، وهو العدد المطلوب من التواقيع للحصول على ردّ من المفوضية الأوروبية. وتحثّ المبادرة الاتحاد الأوروبي على اتباع عدد متزايد من الدول التي تمنع هذه الممارسة، وتعتبرها "قاسية بطبيعتها".
وفي عام 2020، قرّر الحزب الديمقراطي الاجتماعي، بقيادة رئيسة الوزراء الفنلندية سانا مارين، السير على خطى تحالف اليسار والخضر، ودعا إلى دعم الحظر على إنتاج الفرو.
مع ذلك، يشكّل المؤيدون للحظر التام أقلية في البرلمان الفنلندي، حيث تعتبر الصناعة التي تبلغ قيمتها 360 مليون يورو حيوية وأساسية للدورة الاقتصادية في بعض المناطق الريفية.
"مروعة بكل معنى الكلمة"
شاركت منظمة حقوق الحيوان الفنلندية "أويكوتا إيلايميلي" (العدالة للحيوانات)، لقطات غير منشورة مع وكالة فرانس برس، وقالت إنّها صُورت بشكل سري داخل 6 مزارع فراء فنلندية مختلفة خلال العام الماضي. وأكدت جمعية مربي الفراء الفنلندية التي تعطي الإذن للمزارع، بعد ضمان صحة الحيوانات للوكالة، أنها أعطت تصريحات لأربع من المزارع الست التي صورها الناشطون.
وتكشف اللقطات عن الظروف الصعبة التي تعيش فيها الثعالب المحاصرة داخل أقفاص صغيرة، ويبين الفيديو إصابة الحيوانات بأمراض العين والتهابات في الأذنين والذيل.
وصرح الناشط كريستو موريما لوكالة فرانس برس بأن "حالة الحيوانات في هذه المزارع مروعة للغاية".
ولفت موريما إلى أنّ الثعالب غير قادرة على تلبية احتياجاتها السلوكية الطبيعية في الأقفاص الضيقة، وهو ما يعرضها "لاضطرابات سلوكية مختلفة"، منها الحركة بشكلٍ قهري.
ولفتت المنظمة الفنلندية إلى أنّ الثعالب "تربّت بشكل أدى إلى تضخم أحجامها"، الأمر الذي أدّى إلى مشاكل صحية مثل تشوّهات الجلد والتهابات العين.
وتبدو بعض الثعالب في اللقطات سمينة لدرجة لا تبدو معها أنّها ثعالب، فيما يظهر الصغار منها وهي تتغذى على جيف الثعالب الميتة.
ولفت موريما إلى أنّ قانون حماية الحيوان الفنلندي "متأخر كثيراً عن المعايير الأوروبية"، وأن المشاكل منتشرة على نطاق واسع، مؤكّداً أنّ "جميع مزارع الفراء الفنلندية متشابهة من وجهة نظر الحيوانات".
"صورة مضلّلة"
وأدانت جمعية مربي الفراء الفنلندية قيام الناشطين بالتصوير من دون تصريح، واصفةً إياه بـ"التجاوز غير القانوني"، معتبرةً أنّ هذه اللقطات لا تعبّر عن الواقع.
وقال المتحدث باسم الجمعية التي تمثل معظم منتجي الفراء في فنلندا أوليبيكا نيسينين: "إنّهم يقدمون صورة خاطئة تماماً عن زراعة الفراء"، ولفت إلى أنّهم عرضوا اللقطات على أصحاب المزارع التي تمّ التصوير فيها، لافتاً إلى أنّهم لم يقدروا "على التعرف إلى حيواناتهم من بين تلك الظاهرة في المقاطع، باستثناء ثعلب فضي واحد".
ومع ذلك، وبهدف التحقيق في هذه الادعاءات، سيبدأ أطباء بيطريون تابعون للجمعية بزيارة المزارع في الأيام المقبلة، لكنّ نيسينين يصرّ على أن "هذه المزارع الأربع تدار بشكل جيد وتحصل الحيوانات فيها على عناية جيّدة".
وقال نيسينين: "إذا كانت المزرعة تحوي 5 أو 10 آلاف حيوان، فستكون هناك دائماً حيوانات مصابة بالتهابات مفاجئة في العين أو التهابات في الأذن"، لافتاً إلى أنّ الإحصاءات تظهر أنّ أعداد "الإصابات والوفيات منخفضة للغاية".
دعوات للحظر
وحظرت العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك النمسا والمملكة المتحدة، زراعة الفراء، وشجّعت جائحة كوفيد- 19 المزيد من البلدان على اتباعها.
وخلال تفشّي الوباء، فرضت فرنسا وهولندا وإستونيا قيوداً جديدة، فيما أمرت الدنمارك بإعدام جميع حيوانات المنك التي تربى في مزارع إنتاج الفرو في البلاد.
وفي عام 2021، حثّت النمسا وهولندا الاتحاد الأوروبي على إنهاء زراعة الفراء، وهي دعوة مدعومة من بلجيكا وألمانيا ولوكسمبورغ وسلوفاكيا. لكن اتحاد المربين في فنلندا يقول إنّ أيّ حظر من جانب الاتحاد الأوروبي سيكون مخالفاً لقواعد المجموعة الأوروبية.
وقال نيسينين: "إن حظر زراعة الفراء وتجارة الفراء يتعارض مع معاهدات الاتحاد الأوروبي والحريات الأربع"، في إشارة إلى حرية حركة السلع والأشخاص والخدمات والأموال، والتي تشكل حجر الأساس للمعاهدة التأسيسية للاتحاد الأوروبي.
وأكّد على أهمية صناعة زراعة الفراء في الريف الفنلندي، مشيراً إلى وجود 3000 شخص يعملون بها.