"اخرس "، "مهرج"، "أحمق"، "حقير".. هذه بعضٌ من الكلمات التي توجّه بها مقدم البرامج الفرنسي سيريل حانونا (48 عاماً) إلى النائب الفرنسي لوي بوايار (22 عاماً)، خلال استقباله للأخير في برنامجه الشهير Touche pas à mon poste، على قناة "سي 8" الفرنسية.
ما جرى مباشرة على الهواء يوم الخميس الماضي، أشعل مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً "تويتر". ليومين على التوالي، احتلّ اسم مقدم البرنامج قائمة أكثر الكلمات تداولاً على "تويتر"، ليلحق به، على اللائحة ذاتها، اسم النائب بوايار واسم مالك القناة فينسان بولوري واسم البرنامج.
صدمة واستغراب من خروج مقدّم البرنامج حانونا عن طوره، وإهانته بهذه الحدّة والسوقية نائباً عن الجمهورية الفرنسية.
أمّا سبب هذا الاصطدام مباشرة على الهواء (شاهد البث المباشر 1,7 مليون شخص)، فكان انتقاداً توجّه به النائب بوايار إلى مالك القناة التي تبثّ البرنامج، الملياردير ورجل الأعمال الفرنسي فينسان بولوري. بوايار (نائب عن الحزب الفرنسي اليساري "فرنسا الأبية")، وخلال مشاركته في البرنامج للحديث عن أزمة الباخرة Ocean Viking التي تنقل 230 مهاجراً عبر البحر الأبيض المتوسط، أشار إلى تورّط بولوري في أعمال غير قانونية في أفريقيا: "الأشخاص الخمسة الأكثر ثراءً، هم أنفسهم الأشخاص المسؤولون عن إفقار فرنسا وأفريقيا. سأعطيكم مثالاً عن بولوري الذي هدم الغابات في الكاميرون". وهنا ما قصده بوايارد، هو الحديث عن أنشطة شركة socapalm لإنتاج زيت النخيل في الكاميرون، التي يكون بولوري واحداً من شركائها.
Séquence (quasi) intégrale de Louis Boyard chez Hanouna dans #TPMP (qui ne sera pas sur mycanal car il ne faut pas critiquer le parrain) pic.twitter.com/QUIHhkjQKM
— Yann (@LeDevBreton) November 10, 2022
ردود حانونا جاءت تصاعديّة في حدّتها. بدأ بسؤال بوايار عن سبب قدومه إلى البرنامج ما دام يحمل انتقادات لمالك القناة. ليعود ويؤكّد أن سقف الحريات عالٍ في البرنامج وأن الهواء مفتوح للجميع. لكن الأمر لم يبق على هذا الحال بعد ثوانٍ، بل وبفعل تكرار بوايار لكلامه وإضافته تفاصيل عن دعوى قضائية تقدّم بها مواطنون كاميرونيون ضد بولوري بسبب تدميره الغابات واستفادته من ثروات الكاميرون، غضب حانونا وانهال على ضيفه بالشتائم. وعندما اعترض بوايار على هذه الإهانات "غير المسؤولة"، توجه إليه المقدم بالقول إنه هو من صنعه ومن دون هذا البرنامج ما كان ليصير نائباً (في عام 2021، شارك بوايار في البرنامج كجزء من الفريق).
انتهى المشهد الإعلامي هذا بخروج (ويُمكن القول طرد) بوايار من البرنامج. ومن أبرز العبارات التي خرجت على لسان المقدم، وتركّز عليها النقد والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي: لا أعرف شيئاً عن القضية التي تتكلّم عنها، انا لا أبصق في الصحن الذي أكلت منه، أنا دائماً الأول في دفاعي عن العنصرية (كان يقصد "في مواجهة العنصرية").
ما حصل على الهواء امتدّ إلى خارجه. تغريدة من حانونا بعد ساعات من بث البرنامج، اعتبر فيها ما حصل دليلاً إضافياً على أن البرنامج يستضيف الجميع ويترك لهم الحرية في قول ما يريدون، "حتى لو أراد بعض النواب إحداث ضجة". في نفس الوقت، غرّد النائب بوايار مُتّهماً حانونا باللا مسؤولية تجاه حرية التعبير وكذلك في تعامله مع اليمين المتطرّف في فرنسا (في إشارة إلى مساهمة حانونا الإعلامية في صعود اليمين المتطرّف في فرنسا، وتحديداً في الترويج للمرشح السابق الى رئاسة الجمهورية إيريك زيمور). لكن بوايار قام لاحقاً بحذف هذه التغريدة، ونشر بياناً شرح فيه تفاصيل الحادثة، وأعلن عن نيّة فريقه السياسي التقدم بمشروع قانون يضع حدّاً للتدخل الصارخ في وسائل الاعلام، وكذلك الطلب الى المجلس الوطني فتح تحقيق خاص في تدخل رجل الأعمال فينسان بولوري في وسائل الإعلام التي يملك، وتحديداً في برنامج سيريل حانونا.
« Moi je crache pas dans la main qui me nourrit ».
— Louis Boyard (@LouisBoyard) November 11, 2022
Après cette phrase de @Cyrilhanouna nous ne pouvons pas en rester là.
Je demande à notre Assemblée Nationale l’ouverture d’une commission d’enquête.
Elle portera sur les ingérences de Bolloré dans nos médias et donc sur @TPMP. pic.twitter.com/4iLcpAVrB8
في هذا الوقت، تقدّم عدد من المشاهدين بشكاوى إلى الهيئة العامة الفرنسية لتنظيم وسائل الإعلام السمعية والبصرية والرقمية Arcom. وكذلك قامت رئيسة كتلة حزب "فرنسا الأبية" في المجلس الوطني، الذي ينضوي تحته بوايار، بالتوجه إلى رئيس الهيئة العامة لتنظيم وسائل الإعلام للطلب منه متابعة القضية. وفي حديث مع صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، أشارت مصادر من الهيئة إلى تسلّم العديد من شكاوى المشاهدين. بناءً عليه، سيقومون بمشاهدة الحلقة، ومراجعتها قانونيّاً جملة بجملة، قبل اتخاذ قرارهم.
كثير من ردود الفعل المُشجعة لمضمون كلام حانونا بحقّ النائب، جاءت من منطلق العداء السياسي مع الحزب الذي ينتمي إليه. بينما كانت دعوات مقاطعة البرنامج، فرصة لإعادة الجدل حول الأخطار التي تطال حرية التعبير في ظلّ سطوة وتركّز الوسائل الإعلامية بأيدي مجموعات صغيرة من الأثرياء. وكذلك، التساؤل من جديد عن دور سيريل حانونا وبرنامجه في صعود اليمين المتطرّف في فرنسا. وليس أخيراً، فتح الشبابيك على سياسات ونشاطات رجل الأعمال بولوري سواء في أفريقيا أو في فرنسا.