يتفادى مناهضو اللقاحات الرقابة الآلية التي تفرضها منصة فيسبوك على منشوراتهم، عبر استخدام رمز الجزرة ليحلّ محلّ كلمة لقاح. وقد رصدت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) مجموعات عدة لمناهضي اللقاحات، إحداها تضم آلاف الأعضاء الذين يستخدمون رمز الجزرة عند الحديث عن اللقاح، علماً أنّ خوارزمية "فيسبوك" تميل إلى رصد الكلمات بدلاً من الصور.
تجمع هذه المجموعات أشخاصاً يشاركون ادعاءات لم يتم التحقق من صحتها، حول أشخاص ساءت حالتهم الصحية أو قُتلوا بسبب اللقاحات. ونبهت "بي بي سي" الشركة الأمّ لـ"فيسبوك"، ميتا، إلى نشاط هذه المجموعات، ما استدعى حذفها. وأوضحت الشركة: "حذفنا هذه المجموعات لانتهاكها سياسات المعلومات المضللة الضارة الخاصة بنا، وسنراجع أي محتوى مشابه آخر. نواصل العمل عن كثب مع خبراء الصحة العامة وحكومة المملكة المتحدة لمعالجة المعلومات الخاطئة عن لقاح كوفيد-19".
لكنّ "بي بي سي" أشارت، الجمعة، إلى أنّ بعض المجموعات استعادت نشاطها على "فيسبوك" منذ ذلك الحين.
إحدى المجموعات المرصودة دشنت قبل 3 سنوات، إلّا أنّها أعادت تسمية نفسها للتركيز على المنشورات المتعلقة باللقاحات، في أغسطس/آب الماضي، بعدما كانت مخصصة لمشاركة "المزاح والمراهنات ومقاطع الفيديو المضحكة". هذه المجموعة التي تضم 250 ألف عضو لها قواعد واضحة: "استخدام كلمات مشفرة لكلّ شيء" وعدم استخدام كلمات لقاح (vaccine) وكوفيد (covid) و"جرعة معززة" (booster).
Just got invited to a Facebook group with a couple of hundred thousand members where people share stories about why they think the Covid vaccine killed people they knew. But instead of saying vaccine they use the 🥕 symbol, presumably to evade censorship. Very odd pic.twitter.com/mvXBv1aXBX
— Marc Owen Jones (@marcowenjones) September 11, 2022
الباحث في مجال المعلومات المضللة والأستاذ المساعد في دراسات الشرق الأوسط والعلوم الإنسانية الرقمية في جامعة حمد بن خليفة القطرية، مارك أوين جونز، أشار عبر حسابه في "تويتر" إلى أنه دعي للانضمام إلى عدد من هذه المجموعات. وقال جونز: "كان الأعضاء يروون قصصاً عن أقارب لهم ماتوا بعد فترة وجيزة من تلقي لقاحات كوفيد-19، لكنّهم استخدموا رموز الجزر بدلاً من كلمتي لقاح أو كوفيد-19". وأضاف: "كنت مرتبكاً في البداية، ثم فهمت أنّ هذه طريقة للهروب من خوارزميات فيسبوك لكشف الأخبار الزائفة".
انتشرت الأخبار الكاذبة بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال المراحل الأولى من وباء كوفيد-19، لدرجة أنها وُصفت بـ"الوباء المعلوماتي". وتربط فرضيات بين الأخبار المزيفة والتأثير السلبي في سلوك الناس، مثل رغبتهم في ارتداء كمامة أو الحصول على لقاح أو الامتثال لإرشادات الصحة العامة الأخرى. وقد أدّت المخاوف التي لا أساس لها من وجود صلة بين لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية والتوحد، إلى انخفاض طفيف نسبياً في معدلات تطعيم الأطفال في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (نحو 10 في المائة)، ما أدى بدوره إلى ارتفاع كبير في حالات الحصبة، وهذا يعكس حجم تأثير هذه الشائعات على متلقّيها.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد قال، العام الماضي، إنّ مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك "تقتل الناس" وذلك بعدما واصل البيت الأبيض انتقاد الشركة، لسماحها بنشر معلومات مضللة عن لقاحات فيروس كورونا على منصتها. ورفض موقع فيسبوك حينها هذه الانتقادات، مؤكداً أنّ جهوده في إظهار الحقائق هي في الواقع "تُنقذ الأرواح"، قائلاً في بيان ردّاً على بايدن إنّ "الاتّهامات غير المدعومة بحقائق لن تشتّت تركيزنا".