في هذه المرحلة التي ينتشر فيها فيروس كورونا، وتفشل كافة العلاجات المتوافرة حتى اللحظة في إنقاذ أرواح كثيرين يتعرضون لمضاعفاته، تبدو المناعة السلاح الأمثل لمواجهة المرض. انطلاقاً من هذا المبدأ، ومن تجربة مرضية شخصية لها، خصصت الاختصاصية في الطب التحوّلي والتغذية، نسرين طرّاف، كتابها "غذاء، شفاء، إحساس" لنشر الوعي حول أهمية تقوية المناعة بالغذاء وبوسائل أخرى طبيعية، ترتبط بنمط الحياة لمواجهة كورونا وأمراض أخرى عديدة يمكن التعرض لها.
على الرغم من أهمية الدواء في معالجة أمراض كثيرة لا حلول أخرى لها، تبَيّن لـ طرّاف أنه في مقابل فوائده، لكل دواء آثار جانبية عديدة يمكن التعرض لها، ما قد يؤدي إلى الدخول في دوامة يصعب الخروج منها: "قررت العمل على هذا الكتاب بعد ان أدركت أهمية نمط الحياة والغذاء لتقوية المناعة، وبالتالي مواجهة الأمراض التي يمكن أن نتعرض لها، وذلك انطلاقاً من تجربتي الخاصة التي ساعدتني على كشف الآثار الجانبية الكثيرة للأدوية التي نتناولها، وأيضاً دور نمط الحياة الجوهري في مكافحة الأمراض والمساهمة في التخلي عن هذه الأدوية".
استندت في كتابها على الطب الوظيفي الذي ينظر في جذور الأمراض لمواجهتها بالوسائل الطبيعية، وبنمط الحياة والنظام الغذائي
كانت طراف قد فقدت منذ سنوات عديدة خالتها بسبب إصابتها بالسرطان، ما دفعها إلى الغوص في عالم الأدوية، ولاحقاً في الطب التحوّلي الوظيفي، واكتشاف كل ما للأدوية من آثار جانبية وأضرار في مقابل فوائدها. لذلك، بدا واضحاً أن الحل ليس في الدواء دائماً، وإن كان كذلك أحياناً. يمكن تحقيق أهداف صحية عديدة من خلال نمط الحياة السليم. وقد تبيّن لها ذلك أكثر عندما شُخّص لديها مرض HASHIMOTO المرتبط بالغدة الدرقية، ويؤثر على وظيفتها.
يسبب هذا المرض ضعفاً في النشاط وتساقطاً في الشعر وزيادة في الوزن. كان الحل العلاجي الوحيد، لدى طرّاف، هو الدواء الذي لا بد من تناوله طوال الحياة بحسب الأطباء. في سعيها لشفاء جسمها وحياتها أيضاً، أدركت أن التغذية أكثر من مجرد طعام يمكن تناوله. استندت على الطب الوظيفي الذي ينظر في جذور الأمراض لمواجهتها بالوسائل الطبيعية، وبنمط الحياة والنظام الغذائي. وبذلك، استطاعت أن تتغلب على مرضها وأن تشفى منه تماماً، بفضل النظام الغذائي الخاص الذي اتبعته بعد أن اكتشفت الأطعمة التي تؤثر سلباً على حالتها وعلى الغدة ووظيفتها، وإن كان الدواء قد ساعدها في مرحلة ما. وقد تبين لها أنه ثمة أطعمة مفيدة في حالات معينة وتضر بأخرى، إنما بشكل عام تعتبر الأطعمة المصنعة وتلك المحلاّة والسكريات مضرة دوماً ولا بد من تجنبها، في مقابل أهمية التركيز على المكسرات النيئة والخضر والفاكهة والحبوب.
على أثر تجربتها هذه، وبعد أن غاصت في مجال الطب الوظيفي، قررت طرّاف مشاركة الآخرين في خبرتها هذه من خلال كتابها. ويتضمن كتاب Eat Heal Feel، قسماً خاصاً بـ كورونا أضافته بعد انتشار الوباء لاعتبار أن الكتاب كان جاهزاً منذ عام 2019. لكن مع انتشار الوباء، ارتأت أن تنشر الوعي من خلال كتابها حول كيفية تقوية المناعة بالغذاء وبنمط الحياة لمواجهة الفيروس والحد من التقاط العدوى والحد من مضاعفات المرض أيضاً وتداعياته في حال الإصابة به. فقد تبيّن أن لأسلوب الحياة تأثير كبير على الوظيفة المناعية. علماً أنها حرصت على تقديم نسخة عربية منه بعد النسخة الأجنبية.
تشير في الكتاب إلى أهمية المشمش والهليون والحبق والكزبرة والكرز والفراولة؛ فكلّها أطعمة صحية يجب التركيز عليها للوقاية من أمراض عديدة
وضمن الأقسام الباقية في الكتاب فصول السنة الأربعة، بما فيها من أمراض يمكن التعرض لها في كل منها، وسبل مقاومة هذه الأمراض بالتغذية وبالفاكهة والخضر المتوافرة في كلٍّ من هذه الفصول ووصفات خاصة بكل منها. فمن الأطعمة الصحية في الربيع مثلاً للوقاية من أمراض عديدة، الأرضي شوكي الذي يخفض معدلات الكوليسترول ويساعد على ضبط ضغط الدم وخطر الإصابة بنوبة قلبية. كذلك تشير في الكتاب إلى أهمية المشمش والهليون والحبق والكزبرة والكرز والفراولة؛ فكلّها أطعمة صحية يجب التركيز عليها للوقاية من أمراض عديدة. كما تشدّد على أهمية حمية Detox للتخلص من السموم في فصلي الخريف والربيع، وعلى الصيام الذي له فائدة صحية ممتازة للجسم للتخلص من السموم أيضاً.
خصّصت طرّاف القسم التالي من الكتاب، للتحدث عن مختلف الزيوت العطرية الأساسية التي تناولتها تفصيلاً، لما لها من فوائد صحية يمكن أن تساعد في معالجة مشكلات صحية عديدة. وقد استطاعت أن تجمع في كتابها ما بين المجال الصحي ونمط الحياة والتغذية من جهة، والطهي من جهة ثانية. فأرادت أن تقدّم فيه للعالم وصفات من بلادها بشكل يسمح للكل باكتشافها والتعرّف إليها.