في خضم الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال في قطاع غزة، اختارت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الثلاثاء، أن تنشر تقريراً عن كيفية إعداد جنود الاحتلال لطعامهم في منازل الفلسطينيين التي استباحوها، بعد إجبارهم على النزوح.
وقام معد التقرير أيتان ليشم بمرافقة قوات الاحتلال، وهم يعدون وجبات أكلهم في مطابخ أهالي غزة، الذين يعانون منذ بدء الحرب من انقطاع المواد الغذائية وصعوبة الوصول إلى الطعام.
واحتوى التقرير الذي نشر بقسم الطبخ في النسخة العبرية من الصحيفة على مقابلات مع جنود الجيش الإسرائيلي، إضافةً إلى العديد من الصور التوثيقية أثناء إعداد الطعام وتناوله، بهدف "البحث في روتين تناول الطعام لدى الجيش الإسرائيلي أثناء الحرب، في محاولة لفهم علاقة الجنود مع الطعام في أسوأ موقف يمكن تخيله".
وأجاب أحد الجنود على سؤال الصحيفة حول شعوره بالأكل في منازل أهل غزة بالقول: "نعم، هناك مشاعر مختلطة بالتأكيد، لأنني أستخدم أغراضهم في منزلهم. لكن من ناحية أخرى، علينا أن نأكل، والغريزة والجوع يغطيان على هذه المشاعر"، مضيفاً: "من المهم توضيح أن هذه منازل مهجورة، وبعضها مدمر أو من المقرر تدميره، وهذه هي الطريقة التي نقاتل بها في غزة".
فيما انهمك جندي آخر في حديث عن "غنى مطابخ غزة بأنواع مختلفة من البهارات" وعن "وجود زيت الزيتون في كل بيت"، مستفيضاً في الحديث عن المكونات التي يستخدمها في إعداد الطعام لزملائه في الفرقة.
In a new twist on the classic 'Shoot, then cry' genre of Israeli cultural production, the subheading apparently reads something like: "In every home in Gaza we found olives, olive oil and lots of spices. We are cooking with mixed emotions." pic.twitter.com/CYVCpknQgN
— gawanmac 🇵🇸 (@gawanmac) February 13, 2024
ولم يحمل تقرير الصحيفة أيّ إدانة للجنود الذين احتلوا البيوت بعد تهجير أهلها الفلسطينيين وإجبارهم على النزوح، بل كان أشبه برحلة ميدانية للتعرف إلى "طعام المعركة"، في تجاهل تامٍ لمعاناة سكان القطاع من أجل توفير الغذاء.
ونشرت الصحيفة العديد من الصور لصحون أعدّها الجنود في البيوت المحتلة مع تعليقات تشرح طبيعة كل وجبة، مثل الكاري الهندي مع الأرز، و"البروشيتا على طريقة غزة". فيما أرفقت صور أخرى للجنود بتعليقات حول "الدور المهم" لإعداد الطعام وتشاركه في "الحفاظ على الصحة النفسية" أثناء المعركة.
ورغم عدم نشر "هآرتس" التقرير في نسختها الإنكليزية، إلّا أن ذلك لم يمنع انتشار ترجمته عن العبرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، ممّا أثار موجة واسعة من الانتقادات للصحيفة من قبل المستخدمين. وأدان العديد من المعلقين التقرير وتجاهله لطبيعة الجرائم التي يرتكبها الجنود في غزة، فيما سخر البعض من محاولات "هآرتس" تقديم نفسها على أنّها "حيادية ومتوازنة" في نسختها الإنكليزية، بينما تكشف عن انحيازها الواضح في نسختها العبرية.