هند الراوي: لا أتصور أن أغني بغير لغة بلدي

10 يناير 2025
تتلمذت على يد فاطمة سرحان وجمالات شيحة (من الفنانة)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- البدايات والتأثيرات الفنية: بدأت هند الراوي مسيرتها بالغناء الكلاسيكي متأثرة بعمالقة مثل عبد الوهاب وأم كلثوم، قبل أن تتجه للفولكلور المصري، متأثرة بتعليمات فاطمة سرحان وجمالات شيحة، مما ساهم في تشكيل هويتها الفنية.

- التجربة الدولية: انضمت لفرقة Orange Blossom الفرنسية في 2013، حيث قدمت الفولكلور المصري بأسلوب غربي، مما لاقى إعجاب الجمهور الأوروبي، وأثبتت أن الموسيقى لغة عالمية تتجاوز الحواجز اللغوية.

- التطلعات المستقبلية: تسعى هند لتوثيق الفولكلور المصري عبر تسجيلات وكتاب وألبوم، وتعمل على مشروع "زرزورة" مع فرقة فرنسية، متوقعة إطلاق الألبوم في 2026.

تتلمذت هند الراوي على يد اثنتين من أبرز رائدات الفن الشعبي في مصر، فاطمة سرحان وجمالات شيحة. اختارتها Orange Blossom لتصبح المغنية الرئيسية للفرقة، وتبدأ مسيرة فنية جديدة، قدّمت الراوي عبرها الفولكلور المصري، لكن بصيغة موسيقية غربية، وتعاونت خلال ذلك مع العديد من الفرق الأوروبية، فيما تعرّف إليها الجمهور المصري والعربي حين غنّت في حفل طريق الكباش، وقبلها عندما قدمت أعمالاً مثل الأغنية الأمازيغية في فيلم "الفيل الأزرق".

التقت "العربي الجديد" المغنية المصرية للتعرف أكثر إلى تجربتها الفنية.

لماذا اتجهت إلى غناء الفولكلور؟

بدأت مسيرتي الفنية بالغناء الكلاسيكي، فكنت أقدم تراث عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم، والتحقت بمعهد الموسيقى العربية ودرست فيه. لكن، في مرحلة ما، شعرت بأن هذا ليس ما أرغب فيه، فقد جئت إلى القاهرة من مدينة لديها تراثها الفني الخاص، وهي الإسماعيلية، وكنت أشعر دائماً بأن الفولكلور المصري أكثر تغلغلاً في وجداني، وإن كان هذا لا يمنع احتفائي بالتراث الغنائي المصري، فما زلت حتى اليوم أغني في حفلاتي أعمالاً لأم كلثوم وعبد الوهاب.

عملتِ مع فنانتين رائدتين لهذا اللون، فاطمة سرحان وجمالات شيحة. ما الذي قدمته كل منهما إليك؟

التحقت بفرقة النيل التي أسسها الفنان زكريا الحجاوي، وكانت فاطمة سرحان هي من اختبرتني، ثم علمتني. كان هناك أخريات أيضاً، منهن الفنانة رشيدة السيد التي عرفتني إلى فنّ المديح. كانت الفرقة تقدم شتى صنوف الفولكلور، الصعيدي والفلاحي بجانب السيناوي أو البدوي، ولم يقتصر ما تعلمته بها على الغناء، بل امتد إلى كيفية الأداء وقيادة العمل. التحقت بعد ذلك بفرقة مواويل، وكانت جمالات شيحة مغنيتها الرئيسية، ومنها تعلمت الصرامة والحزم في العمل، ودربتني على غناء الموال الشعبي الذي كانت تشتهر بأدائه.

عام 2013، أصبحتِ المغنية الرئيسية لفرقة Orange Blossom الفرنسية. كيف التحقتِ بها؟ وما ظروف تسجيل أول ألبوم لك معها؟

كانت الفرقة الفرنسية تبحث عن بديل للمغنية الجزائرية الفرنسية التي انفصلت عنها، لذلك أتى أعضاء الفرقة إلى مصر ضمن رحلة بحث شملت الجزائر والمغرب وتونس. ومن خلال المركز الثقافي المصري، أجروا اختبارات لمغنيات كثيرات، لكن وقع اختيارهم عليّ نهايةً، لأسجل معهم ألبومي الأول والثالث للفرقة في آخر 2014. طفنا بعدها بجولة كبيرة في أوروبا استمرت عشر سنوات.

قدّمتِ مئات الحفلات في مختلف بلدان العالم. كيف يكون استقبال الجمهور للمزيج الذي تقدمونه؟ وما الذي تشعرين به وأنت تغنين لجمهور لا يعرف لغتك؟

يحتفي الجمهور الغربي بي "كفرعونة طالعة من معبد مصري قديم"، وهو ما نشرته الصحافة الأوروبية. عموماً، أحرص على التزام الزي الفولكلوري، سواء أكان الصعيدي أم السيناوي أم الفلاحي، وذلك في أثناء أدائي على المسرح، لهذا كثيراً ما قيل لي إننا نشعر ونحن نشاهدك وكأننا انتقلنا إلى مصر. وتردّد على مسامعي أيضاً من الجمهور أن قشعريرة تساورهم في أثناء استماعهم إلى غنائي؛ ما يؤكد المقولة الشائعة أن الموسيقي لغة عالمية، ورغم أن الجمهور الغربي قد لا يفهم لغتي، إلا أنه يتأثر بما يحمله صوتي من مشاعر، لأنني لا أستطيع أن أغني شيئاً لا أشعر به، وهذا ما جعلني، رغم أني أعيش في فرنسا منذ نحو عشر سنوات، لا أتصور أن أغني بغير لغة بلدي التي أفكر وأشعر بها. وبالنسبة إليّ، فإن الغناء أمام الجمهور الغربي أصعب، لأني أحرص على عناصر كثيرة، منها الزي وطريقة الأداء، فيما قد أتحرر من ذلك بدرجة ما عندما أغني في مصر أو في أي دولة عربية.

تتعاونين مع فرق أخرى غير Orange Blossom، ما هي؟ وما طبيعة الموسيقى التي تقدمينها مع هذه الفرق؟

عملت مع فرق أوروبية مثل "رينويز" و"شاذات" و"ماركوس". وعملت أيضاً مع فرق عربية، لكن كل ذلك بالنسبة إليّ مجرد تجارب، فلست أنا من أضع الرؤية الفنية، وإن كنت بطبيعة الحال أختار الكلمات، لكن ليس لي الحرية الكاملة في الموسيقى، لذلك أفكر دائماً في العودة إلى الأصل، إلى ما كنت أقدمه قبل مجيئي إلى فرنسا؛ فأنا وإن كنت قد اكتسبت خبرة من خلال التجارب التي خضتها في أوروبا، لكني أشعر أيضاً بأنني فقدت أشياءَ في المقابل.

عملتِ في أوروبا لسنوات طويلة، وعملتِ في مصر. ما الفارق بين البيئتين الفنيتين؟

في مصر لا يوجد دعم مادي أو معنوي للفنان، في حين أنه في فرنسا، عندما يرغب أي موسيقي في تكوين فرقة جديدة، تؤمن الدولة دعماً للعازفين حتى يكتمل المشروع، وحين يبدأ أصحابه بإقامة الحفلات تحصّل منهم الضريبة، وهو ما لا نراه في بلدنا للأسف، لينحصر الاهتمام بتحصيل الضرائب والرسوم، وأنا وإن كنت أدفع ضرائب هنا، لكني أعلم أن جزءاً منها يذهب للتأمين الصحي، وجزءاً آخر للتأمين ضد البطالة في حالة توقف العمل، وثالث يخصص للمعاشات، وهكذا. في فرنسا أو أوروبا عموماً، أستطيع أن أقدم حفلاتي ليس فقط في المدن الكبيرة، بل في كل قرية، وهو ما نتطلع إلى أن يكون في مصر، أن تُفتح المسارح أمام الموسيقيين ليقدموا منتجهم الفني. أرجو أن تتغير تلك الأوضاع في بلدنا، لأننا نملك طاقات فنية كبيرة.

ما الذي تتطلعين إليه خلال الفترة المقبلة؟

أتطلع إلى توثيق الفولكور المصري، من خلال التسجيل مع آخر عشر سيدات في مصر يقدمن هذا اللون الموسيقي، في مقدمتهن الفنانة فاطمة سرحان، وأعتبر ذلك نوعاً من رد الجميل لهن، وأتطلع إلى تقديم كتاب يتناول حياتهن وما قدمهن للفن الشعبي، إلى جانب ألبوم أغني فيه معهن، وأرغب أيضاً في تدوين الفولكلور المصري. إلى جانب هذا، لدي مشروع تحت اسم زرزورة، مع فرقة فرنسية من ليون تقدم الموسيقى الشرقية. أما زرزورة فهي واحة أو مدينة مفقودة ما بين مصر وليبيا وتونس. هناك كثير من العلماء حاولوا البحث عن أي آثار تؤكد وجود تلك المدينة، لكن لم يعثروا إلا على القليل، ما يشير إلى فحوى المشروع الموسيقي، إذ سنعمل على تقديم كنوز الفولكلور المخبوءة غير المعروفة، وسيكون ذلك على مدار السنة المقبلة، ومن المنتظر أن يطلق الألبوم الخاص بالمشروع مع بدايات 2026.

المساهمون