بعد صدور حكم بسجن الصحافي في إذاعة "موزاييك إف إم" خليفة القاسمي لمدة خمس سنوات، ومع استمرار تضييق السلطات التونسية على حرية الصحافة والتعبير، نظمت 43 منظمة وجمعية حقوقية، منها المعهد العربي لحقوق الإنسان والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، وقفة احتجاجية، صباح اليوم الخميس، أمام مقر النقابة، وسط العاصمة التونسية.
ورفع المشاركون شعارات من قبيل "الصحافي ليس إرهابياً" و"المرسوم 54 سيف مسلط على الصحافيين" و"سلطة رابعة لا سلطة راكعة".
كما وضع الصحافيون والمشاركون قيوداً في أيديهم كناية عن رغبة النظام التونسي في تكبيلهم من خلال منظومة قانونية، وخاصة المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد في 13 سبتمبر/ أيلول 2022، لا تحترم حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.
وأكّد نقيب الصحافيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "الوقفة استجابة أولاً لقوى المجتمع المدني التي تريد التعبير عن رفضها للتراجع المخيف في حرية الصحافة والحريات بشكل عام"، وتابع: "نحمّل السلطات التونسية مسؤولية ما آلت إليه الأمور، فنحن نعيش اليوم حالة غريبة، حيث بتنا كلنا مشاريع سجناء في ظل التزايد المهول لعمليات الإيقاف والتحقيق على خلفية ما نعبر عنه".
وشدّد الجلاصي على أن "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وشركاءها من المجتمع المدني سيواصلون النضال من أجل ضمان حرية الرأي والتعبير والحريات الفردية والجماعية باعتبارها المحرّك الأساسي للنظام الديمقراطي"، مضيفاً: "سنقف جبهة صدّ لكل محاولة لضرب هذه الحريات التي انتزعها الشعب التونسي بنضالات أبنائه وليست منّة من أي كان".
وفي سياقٍ متصل، شهدت منصات التواصل الاجتماعي في تونس، يوم أمس الأربعاء، تضامناً واسعاً مع الطالبين الجامعيين التونسيين ضياء نصير ويوسف شلبي، اللذين قبض عليهما يوم الثلاثاء بسبب أغنية ساخرة بعنوان "مرة في حيينا هدّ علينا الحاكم في الليل".
ونشر الشابان الأغنية على "تيك توك" و"فيسبوك" هذا الأسبوع، ويظهران فيها مع مجموعةٍ من أصدقائهما وهم يضحكون ويرددون أغنية ساخرة تنتقد معاملة الشرطة للموقوفين وقانون المخدرات.
وأفادت محامية الموقوفين إيمان السويسي بأن شلبي ونصير يواجهان تهماً بإهانة الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ونسب أمور غير صحيحة لموظفين، وأنهما قد يواجهان عقوبة السجن لمدة تصل إلى عام إذا أكدت المحكمة التهمة.
وبالفعل، نجحت عملية مناصرة الطالبين المحتجزين، إذ تمّ الإفراج عنهما اليوم الخميس. كذلك، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن رفضه لمثل هذه الممارسة، محملاً بعض القضاة المسؤولية عمّا حصل.
وكان العديد من المستخدمين التونسيين قد قاموا بإعادة نشر الأغنية أو مشاركة مقاطع لهم وهم يؤدّون الأغنية وحدهم أو في مجموعات، في نوعٍ من التحدّي للسلطات وإعلاناً للتضامن مع الموقوفين.
كما ردّد المشاركون في البرنامج الصباحي على إذاعة "أي أف أم"، الذي يقدمه برهان بسيس، الأغنية معاً خلال البثّ المباشر، واعتبر المحلّل في البرنامج زياد الهاني أنّ ما حصل مع الطالبين "فضيحة بكل المقاييس وترجمة عملية لرغبة السلطات التونسية في تكميم الأفواه".