أثار قرار الهيئة الوطنية للصحافة دمج مجلتي "الكواكب" و"طبيبك الخاص" في مجلة "حواء"، مع إنشاء موقع إلكتروني خاص لكلّ إصدار، حالة من الحزن والخوف على مستقبل الصحافة الورقية في مصر. واختلف صحافيون وقراء على قرار وقف تلك الإصدارات الورقية التاريخية.
يأتي هذا القرار ضمن مشروع التحول الرقمي الشامل، الذي تبنته الحكومة المصرية منذ عام 2020، ويهدف إلى تبني مشروع وطنيّ لرقمنة الإعلام المصري. ويستهدف القرار تحويل أكبر قدر من الصحف القومية تدريجيًّا إلى نسخ إلكترونية ضمن منصة واحدة عملاقة للأخبار والصحافة المعمقة، فضلًا عن استغلال الأرشيف التراثي الهائل للصحافة والإعلام في مصر ورقمنته ليكون متاحاً للجميع.
قرار الهيئة الوطنية للصحافة في مصر، بإيقاف صدور مجلة "الكواكب" الورقية التي تأسست عام 1932، أثار خلافاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للقرار، فالبعض تساءل عن جدوى هذا القرار وإغفال قيمة المجلة الفنية التاريخية بدلًا من تطويرها، والبعض رأى أنه قرار صائب يتماشى مع الاتجاه العالمي للصحافة الرقمية.
ويعود إصدار المجلة إلى الصحافي اللبناني جرجي زيدان، مؤسس دار الهلال، ومرّ على رئاسة تحريرها مشاهير الإعلام في مصر ومنهم محمود سعد، وحُسن شاه وراجي عنايت ومحمد رجاء النقاش.
نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش، عارض ما وصفه بـ"إعدام مجلة الكواكب وقبلها جريدة المساء"، وقال إن هذا يؤكد أن "وراء هذه القرارات عقلية جاهلة بتاريخ مصر ومعادية لدور وتاريخ الصحافة المصرية". واعتبر قلاش، أن "أزمة الصحافة أكبر وأعمق من هذا العبث، وبعض الصحف والمجلات التي أغلقت بجرة قلم لا يعرف صاحب هذا القرار أنها كتبت بمداد قلوب وضمائر أجيال وراء أجيال من الصحافيين سطروا فيها أهم فترات من تاريخ مصر في السياسة والثقافة والفنون".
نقيب الصحافيين السابق يحيى قلاش عارض ما وصفه بـ"إعدام مجلة الكواكب وقبلها جريدة المساء"
الصحافي سيد محمود، عارض أيضًا القرار، واشتبك مع القرار بكتابة "لا أفهم كيف يمكن التفريط في مجلة مثل الكواكب تأسست عام 1932 أو طبيبك الخاص بكل ما لهما من وزن في الذاكرة المهنية؛ أفهم أن يكون الحديث عن تطوير أو تحديث لكن أن تصل إلى الإلغاء! لا شك أنها لحظة قاسية تنتظرها مطبوعات كثيرة لأن صاحب القرار يلجأ إلى الحل الأسهل، فمجلة مثل الكواكب عاشت وماتت بلا موقع إلكتروني فكيف يمكن تقييمها بصورة صحيحة".
أما المؤيدون للقرار، فبعضهم طرح سؤالاً منطقياً على المتباكين على إغلاق مجلة الكواكب: "متى آخر مرة اشتريت فيها عددًا لمجلة الكواكب؟ كم عدداً لديك من أعداد المجلة الفنية التاريخية؟ هل تعتمد على مجلة الكواكب في متابعة أخبار الفن والمشاهير؟". واعتبر هؤلاء أن ما يحرك مشاعر الجميع من قرار إغلاق مجلة المواكب، هو ذكريات لنجاحات قديمة لهذه المجلات ليس أكثر.
واقترح مؤيدون للقرار، أن يكون العدد الأخير من المجلة عددا تذكاريا فيه بعض من أهم الصور التي نشرتها المجلة في 90 سنة، ويباع العدد بمائة جنيه، على أن تتبنى كل وسائل الإعلام دعم العدد بالتسويق له، ليصبح رقم المبيعات هو رأس مال موقع إلكتروني رقمي عميق وكبير وحديث يليق بتاريخ وتراث وممتلكات "الكواكب" ويعاد إطلاقها مرة أخرى بداية 2023 كموقع فني كبير يجمع كبار النقادـ ويحوي التاريخ الفني بشكل منظم بسيط وسهل لكل من يرغب في الاطلاع عليه.
جاء قرار إغلاق مجلتي "الكواكب" و"طبيبك الخاص"، بعد نحو عام من إعلان الهيئة في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصحافة المصرية، تحويل إصدارات مسائية لمؤسسات صحافية قومية إلى النسخة الإلكترونية، وإلغاء طبعاتها الورقية التي يعود تاريخ نشأتها إلى منتصف القرن الماضي.
يشار إلى أن حجم توزيع كل الصحف المصرية لا يتخطى 2 مليون نسخة يومياً، أي بمعدل نسخة واحدة لكل 100 مواطن، بحسب تصريحات سابقة لنقيب الصحافيين المصريين السابق، عبد المحسن سلامة. كما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، انخفاض توزيع الصحف في 2016، بنسبة 4.6 بالمائة، وهبوطها من 534.6 مليون نسخة من 560.7 مليونا في 2015. وأضاف: "المؤسسات الصحافية تشهد ترهلاً إدارياً غير مسبوق، ولا تدار بأي معيار من معايير الإدارة الحديثة... ومن الأولى قبل زيادة أسعار الصحف أن يتم ضبط النفقات داخل المؤسسات الصحافية التي تشهد إهداراً غير مسبوق لمواردها، وجرأة غير مسبوقة على المال العام، تمثلت في زيادة مخصصات قيادات هذه الصحف بلا أي وجه حق، وحصول بعضها على بدلات خلال العامين الماضيين تقدر بالملايين، فضلاً عن اتخاذ قرارات غير رشيدة أهدرت على المؤسسات مبالغ طائلة".