يونسكو: 85% من جرائم قتل الصحافيين يفلت مرتكبوها من العقاب

02 نوفمبر 2024
لافتة كتب عليها "توقفوا عن قتل الصحافيين في فلسطين" في لندن، 19 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أشار تقرير اليونسكو إلى أن 85% من جرائم قتل الصحافيين منذ 2006 لم تُحل، مع مقتل صحافي كل أربعة أيام في 2022 و2023، ودعت الدول لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، خاصة في مناطق النزاع.
- يمثل الصحافيون المحليون 86% من ضحايا القتل في النزاعات، مع تزايد استهداف الصحافيات في 2022، واستمرار الاعتداءات في مناطق مثل غزة ولبنان.
- دعا الاتحاد الدولي للصحافيين إلى حماية الصحافيين ومحاسبة الجناة، مشددًا على ضرورة اتفاقية ملزمة لسلامتهم، مع دعوات لإنهاء الانتهاكات في مصر.

نبهت منظمة يونسكو، اليوم السبت، إلى أن الغالبية العظمى من جرائم قتل الصحافيين لا تزال بلا عقاب في العالم، وذلك في تقرير لمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على هذه الجرائم. ونقل التقرير عن المديرة العامة لـ"يونسكو"، أودري أزولاي، قولها إنه "في عامي 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة. في معظم الحالات، لن يُحاسَب أحد على عمليات القتل هذه".

وذكر التقرير أن 85% من جرائم قتل الصحافيين التي أحصتها "يونسكو" منذ عام 2006 تُعتبر بلا حل. وفي مواجهة "معدل الإفلات من العقاب" هذا المرتفع جداً، دعت "يونسكو" الدول إلى "زيادة جهودها أكثر".

في السنتين اللتين يغطيهما تقرير "يونسكو" (2022-2023)، قُتل 162 صحافياً، نصفهم تقريباً كانوا يعملون في بلدان تشهد حروباً ونزاعات مسلحة. عام 2022، كانت المكسيك الدولة التي سجلت أكبر عدد من الجرائم مع 19 حالة، بفارق ضئيل عن أوكرانيا حيث قُتِل 11 صحافياً في ذلك العام.

وأشار التقرير إلى أنه عام 2023 "سجلت دولة فلسطين أكبر عدد من جرائم القتل هذه، إذ قُتِل 24 صحافياً هناك". قُبِلَت فلسطين عضواً كامل العضوية في "يونسكو" عام 2011.

وبشكل عام، لفت التقرير إلى "زيادة عدد جرائم القتل في البلدان التي تشهد نزاعات". ووفقاً لـ"يونسكو"، فإن مقتل الصحافيين المحليين يمثّل "86% من جرائم القتل المتعلقة بتغطية النزاعات". كذلك، أشارت المنظمة إلى أن "الصحافيين لا يزالون يُقتَلون في منازلهم أو بالقرب منها، ما يعرّض عائلاتهم لخطر كبير". وأضافت أن معظم الصحافيين الذين قُتلوا في مناطق جغرافية أخرى كانوا يغطون "الجريمة المنظمة والفساد" أو قُتِلوا "في أثناء تغطيتهم تظاهرات".

واستُهدِفَت الصحافيات خصوصاً عام 2022 أكثر من السنوات السابقة. وسجّلت المنظمة عشر جرائم قتل لصحافيات في ذلك العام وحده. ومن بين الضحايا، الصحافية المكسيكية ماريا غوادالوبي لورديس مالدونادو لوبيز التي قُتلت بالرصاص على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. كذلك اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في الضفة الغربية المحتلة.

حتى نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استشهد 180 صحافياً على يد قوات الاحتلال في عدوانها المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من عام، بحسب الحصر الرسمي الأخير الصادر عن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة.

وبينما يحيي العالم اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين، يواصل الاحتلال الإسرائيلي إبادة الصحافيين الفلسطينيين وتجريب مختلف أنواع الاستهداف ضدهم.

وأعلن الاتحاد الدولي للصحافيين (IFJ) في بيان، الخميس، بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحافيين الذي يوافق الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام مقتلَ 76 صحافياً وعاملاً إعلامياً في أثناء أداء عملهم منذ بداية عام 2024، من بينهم 46 صحافياً في قطاع غزة وحده.

وندّد البيان بموقف إسرائيل تجاه الصحافة واعتداءاتها على الصحافيين في أعقاب الحرب على غزة، والتي سبّبت حتى الآن مقتلَ ما لا يقل عن 146 صحافياً منذ أكتوبر 2023، واعتبرتها "الفترة الأكثر دموية في تاريخ الصحافة". كذلك، اتهم الاتحاد الدولي للصحافيين الحكومة الإسرائيلية بانتهاك قرارات مجلس الأمن الدولي التي تدين الهجمات الدولية على الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام في حالات النزاع المسلح، مطالباً إياها برفع الحظر المفروض على دخول الصحافيين الدوليين إلى المنطقة.

وأشار التقرير إلى أن "الإفلات من العقاب لا يزال متفشّياً في العديد من الدول، ومنها باكستان، التي شهدت 9 حالات قتل هذا العام، كذلك قُتل صحافيان في كولومبيا و19 جريمة اغتيال للصحافيين في كوسوفو، وأربعة آخرين تعرضوا للقتل في السودان".

واستنكر الاتحاد الدولي للصحافيّين استمرار الاعتقالات التعسفية والانتهاكات التي تتعرض لها الصحافة في مختلف أنحاء العالم، حيث أبلغت عن العديد من الاعتقالات، والترهيب والاعتداءات الجسدية، والتهديدات الإلكترونية التي تهدف إلى إسكات صوت الصحافة والصحافة التي تهم الجمهور.

وأوضحت رئيسة الاتحاد الدولي للصحافيين، دومينيك براداليي، أن هذا العام "يمثل مرة أخرى يوماً حزيناً للإفلات من العقاب. لا توجد على الإطلاق بيئة حرة وآمنة للصحافيين"، مضيفةً: "لقد مضى وقت طويل على وضع المجتمع الدولي حداً للإفلات من العقاب واعتماد اتفاقية ملزمة بشأن سلامة واستقلال الصحافيين وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام".

ودعا الاتحاد الدولي للصحافيين الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى تحمّل مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال التي استهدفت الصحافيين، خصوصاً في فلسطين ولبنان وسورية، وقالت إن "عليها أن تحاسب على الفظائع المرتكبة ضد الصحافيين، كذلك يجب على الأمم المتحدة أن تفعل المزيد للدفاع عن حرية الصحافة، بما في ذلك من خلال الدعوة إلى تنفيذ قراراتها".

وفي لبنان، ارتكب جيش الاحتلال جريمة أدت إلى استشهاد ثلاثة صحافيين وإصابة آخرين في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدما نفذ سلاح الجو غارة على مقر إقامة معلوم لعدد من الصحافيين في حاصبيا جنوبي البلاد خلال نومهم، ما أدى إلى استشهاد المصور غسان نجار، ومهندس البثّ محمد رضا من قناة الميادين، والمصوّر وسام قاسم من قناة المنار. 

وكانت هذه المرة الثالثة التي تتعرض فيها الطواقم الإعلامية للاستهداف الإسرائيلي في جنوب لبنان منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023؛ قتلت قوات الاحتلال المصور الصحافي في وكالة رويترز عصام العبدالله، في منطقة علما الشعب، في 13 أكتوبر من العام الماضي. واستهدفت مسيّرة إسرائيلية فريق عمل قناة الميادين في بلدة طير حرفا في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، ما أدّى إلى استشهاد مراسلة القناة فرح عمر والمصوّر ربيع معماري.

وقد تصدّرت إسرائيل وهايتي قائمة الدول التي سجّلت أكبر عددٍ من جرائم قتل الصحافيين خلال عام 2024، متقدمةً على الصومال وسورية وجنوب السودان، بحسب المؤشر العالمي للإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحافيين سنوياً.

واحتلت هايتي المرتبة الأولى هذا العام بسبع جرائم قتل للصحافيين لم يُكشف عن مرتكبيها، بعد ظهورها على المؤشر العام الماضي واحتلالها المركز الثالث جراء الاضطرابات السياسية التي أدت إلى سيطرة العصابات على مناطقة واسعة من البلاد. فيما جاءت إسرائيل في المركز الثاني، بثماني جرائم قتل للصحافيين لم يُكشف عن مرتكبيها، حتى 31 أغسطس/ آب الماضي. 

ولفت التقرير، الصادر الأربعاء، إلى أن قياس نسبة عدد جرائم قتل الصحافيين التي لم يُكشف عن مرتكبيها يتم نسبةً إلى عدد السكان، ما يجعل هايتي التي تملك عدداً قليلاً من السكان تتصدّر المؤشر أمام دولة الاحتلال، رغم وقوع عددٍ أقل من الجرائم فيها. كذلك، أشارت لجنة حماية الصحافيين إلى أنّها تحقّق في 10 جرائم قتل عمدٍ أخرى راح ضحيتها صحافيون آخرون على يد قوات الاحتلال، لكنّها أشارت في الوقت عينه إلى أنّ العدد قد يكون أكبر من ذلك بكثير، في ظل صعوبة توثيق أحداث الحرب.

وفيما نبّه التقرير إلى أنّ إسرائيل قتلت "عدداً قياسياً" من الصحافيين الفلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة العدوانية المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لم تحتسب معظم هذه الجرائم ضمن مؤشر الإفلات من العقاب، إذ يعتمد هذا المؤشر على معايير معينة، وتعرّف اللجنة "جريمة القتل العمد" بأنها "قتل الصحافي، سواء عن نية مسبقة أو بصفة ارتجالية، عندما تتيح لنا الأبحاث التي نجريها أن نقول، وبدرجة معقولة من اليقين، إن الفرد المعني قُتل على خلفية ارتباط مباشر بعمله صحافياً".

وفي سياق متصل، دعت لجنة العدالة Committee for Justice الحقوقية إلى وقف استهداف الصحافيين وملاحقتهم في مصر. وأشارت في بيان لها، اليوم السبت، إلى أن السلطات المصرية "استهدفت خلال العام الحالي المدونين والصحافيين عقاباً على عملهم المهني بطرق وأساليب عدة. وذكرت اعتقال رسام الكاريكاتير أشرف عمر منذ 22 يوليو/ تموز الماضي، وكذلك الصحافي خالد ممدوح في 16 يوليو، والصحافي رمضان جويدة في مايو/ أيار الماضي. وذكرت تعرض الصحافي ياسر أبو العلا، وهو عضو نقابة الصحافيين المصريين، للاختفاء القسري والتعذيب لمدة 50 يوماً بعد اعتقاله في مارس/ آذار، بينما اعتقلت زوجته وشقيقتها بعد تقديم شكاوى عن اختفائه، واضطر إلى بدء إضراب عن الطعام احتجاجاً على ظروف حبسه القاسية.

وأشارت إلى أن الناشط علاء عبد الفتاح "يواجه تعنتاً استثنائياً، حيث لا تزال السلطات ترفض الإفراج عنه رغم انقضاء مدة محكوميته، محتسبة مدة عقوبته من 2022 بدلاً من 2019، ما سيؤجل إطلاق سراحه حتى عام 2027". وقد أكمل المدون محمد إبراهيم خمس سنوات داخل محبسه رغم صدور قرارات بالإفراج عنه أكثر من مرة.

ودعت "لجنة العدالة" إلى "إنهاء هذه الممارسات، والإفراج الفوري عن جميع الصحافيين المحتجزين تعسفياً، وضمان احترام حرية الصحافة، ووقف عمليات التعذيب والاختفاء القسري ضد الصحافيين، وتوفير الحماية القانونية لهم كي يتمكنوا من أداء دورهم من دون تهديد أو تضييق، بما يضمن التزام مصر بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان ويعزز سمعتها على المستوى الدولي".

المساهمون