استنكر مجلس النواب المصري قرار البرلمان الأوروبي الأخير بإدانة استمرار عمليات الإعدام في مصر، معتبراً إياه "تدخلاً فجاً" في الشأن الداخلي المصري، و"ينم عن جهل من البرلمانيين الأوروبيين بحقيقة الأوضاع في مصر"، بدعوى أن أحكام الإعدام لا ترتبط بمواقف سياسية من المعارضين، وتستند إلى وقائع جرمها القانون المصري.
وأعرب البرلمان المصري، في بيان صادر عن لجنته الخارجية، مساء السبت، عن رفضه واستيائه الشديدين لقرار البرلمان الأوروبي، باعتباره مثّل "إخلالاً جسيماً ببديهيات مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وارتكازه على مبدأي سيادة الدولة، والمساواة بين الدول"، علاوة على تغاضيه عن مناقشات مطولة بين ممثلي البرلمان الأوروبي والمصري عن الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
واعتبر أن "مصر لها الحق في اختيار نظامها القانوني والقضائي، الذي يتفق وحضارتها، وتطلعات شعبها، والتزاماتها الدولية التي ارتضتها طوعاً"، متذرعاً بأن وقف عقوبة الإعدام ليس التزاماً دولياً أو موضع توافق بين الدول، وأن الترويج لمفاهيم لا تتوافق مع القيم الاجتماعية والثقافية السائدة في المجتمعات، ومحاولة فرضها من خلال طرق مختلفة وملتوية، يجب على الجميع الانصياع لها، ما هو إلا "استعلاء مرفوض".
كذلك ادعى أن "الأغلبية الساحقة من دول الاتحاد الأوروبي، اتخذت قراراتها بإلغاء عقوبة الإعدام بقرارات سياسية، من دون استفتاء شعوبها، وعلى خلاف إرادتها، بعد أن استقرت دولها أمنياً، وسياسياً، واقتصادياً"، متهماً البرلمان الأوروبي بالاعتماد على "بيانات مختلقة"، بما يقوض مصداقيته كإحدى أبرز المؤسسات الأوروبية.
وأضاف أن "مجلس النواب المصري يعي خطورة عقوبة الإعدام، بوصفها أشد الجرائم خطورة، وأكثرها جسامة، لذا أحاطها القانون المصري بإجراءات وضمانات عدة، تكفل لمن يواجه هذه العقوبة حصوله على محاكمة عادلة منصفة، تتاح له خلالها الفرصة كاملة للدفاع عن نفسه أمام محكمة الجنايات، وفقاً للمعايير الدولية".
وأشار البيان إلى "وجوب إجماع آراء قضاة المحكمة على الحكم بالإعدام – إعمالاً بحكم المادة (381) من قانون الإجراءات الجنائية - على الرغم من أن القاعدة العامة في إصدار الأحكام هي الاكتفاء بأغلبية آراء قضاة المحكمة"، مع عدم جواز الحكم بالإعدام على المتهم الذي لم تجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة (وقت ارتكاب الجريمة).
وتابع "متى صار الحكم بالإعدام نهائياً، وجب رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية، للنظر في صدور أمر بالعفو، أو لإبدال العقوبة في غضون أربعة عشر يوماً، في حين حرص المشرع المصري على وضع ضوابط مشددة لتنفيذ عقوبة الإعدام، بحيث يتم تنفيذ الحكم بإزهاق الروح، من دون تعذيب، مع مراعاة الشعور الديني للمحكوم عليه، واحترام إنسانيته".
واستشهد البرلمان المصري، في بيانه، بحرص المشرع على إحاطة أحكام الإعدام في مصر بضمان إجرائي يكفل صدور الحكم عن يقين كامل، وعقيدة راسخة، وذلك بارتكاب الجاني الجريمة، وتكامل أدلة الدعوى، وصحة إجراءاتها، فإن تشكك أحد قضاة المحاكمة في أي مما سلف "تعذر الحكم على المتهم بالإعدام".
وعن التوسع في أحكام الإعدام العسكرية، زعم التقرير أن "المتهم يتمتع أمام القضاء العسكري بذات الضمانات التي يتمتع بها أمام القضاء العادي من الحق في الدفاع، والاطلاع على الأوراق، وعلنية الجلسات، والحق في الطعن على الحكم الصادر أمام درجة أعلى إلى آخره، وتوافر كافة معايير المحاكمة العادلة، المنصوص عليها في المواثيق الدولية".
وجدد البرلمان المصري رفضه أية إملاءات بتعديل قوانين محلية، صاغها نواب الشعب المنتخبون وفقاً للدستور، وتنبع من السياق الاجتماعي، والتهديدات الأمنية التي تواجهها البلاد، مستطرداً "كان الأحرى بالبرلمان الأوروبي اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة الإرهاب، أو معالجة مشكلات العنصرية والتمييز في المجتمعات الأوروبية، قبل تلقين شعوب وبرلمانات دول أخرى مبادئ حقوق الإنسان".
واختتم البرلمان، الموالي للرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلاً إن توقيت صدور بيان البرلمان الأوروبي خلال فترة الانتخابات الرئاسية، وبالتزامن مع انطلاق الحملة العسكرية على الإرهاب في مناطق سيناء، "يُثير العديد من علامات الاستفهام حول مصداقية بعض الأطراف في الحرب على الإرهاب، ويكشف النوايا الحقيقية لمن يتشدقون بنغمة الشراكة جنوب البحر الأبيض المتوسط، ودعاوى الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط".
وكان البرلمان الأوروبي قد طالب السلطات المصرية بوقف عمليات الإعدام المتواصلة في البلاد، مؤكداً في قرار شديد اللهجة، صدر قبل تسعة أيام، أن هناك ما لا يقل عن 2116 شخصاً حُكم عليهم بالإعدام، منذ يناير/ كانون الثاني من عام 2014، تم تنفيذ 81 حكماً منها، في حين لم تشهد فترة حكم الرئيس المعزول، محمد مرسي، استخدام هذا النوع من العقوبة.