يصعب تصوّر ما عاشه ويعيشه الأطفال في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع وحتى اليوم. ولا يتعلّق الأمر بأصوات القصف المستمرة والدمار والنزوح، فما شهده القطاع يتجاوز معنى المأساة بأشواط، ولا يمكن للطفل بطبيعة الحال تحملها. هؤلاء خسروا بيوتهم وأغراضهم وألعابهم وأصدقاءهم وأهلهم وأطرافهم ومدارسهم... خسروا الكثير أو ربما كل شيء، إلى درجة نكاد ننسى أنهم أطفال حقاً.
إلا أن صورهم وهم يلعبون أو يختلقون الألعاب، في محاولة لعيش طفولتهم وإيجاد لحظات من الفرح رغم هول المأساة، تذكرنا مجدداً أنهم أطفال يستحقون، كما أي طفل حول العالم، حياة آمنة تصان فيها كامل حقوقه من دون تجزئة.
صنع أطفالٌ من الدمار ألعاباً تسليهم في يومهم. ففي ظل المأساة المستمرة التي يعيشونها، ما من خيار أمامهم غير التكيف، لا بل محاولة تحويل أي شيء إلى احتمال للسعادة والضحك والتفاؤل بانتهاء العدوان وإعادة الإعمار والنوم بهدوء.
أطفال غزة، ورغم الأرقام التي تشير إلى تعمد الاحتلال الإسرائيلي استهدافهم خلال عدوانه، لا يزالون قادرين على الضحك واللعب والتفكير بغد جديد مختلف والتفاؤل ونشر الأمل بين بعضهم البعض. الابتسامات على وجوههم التي تخبئ وجعاً غير مسبوق، تقول الكثير. هم أطفال يؤمنون بطفولتهم وإن جعلتهم الحرب رجالاً ونساء وحملتهم مسؤوليات كبيرة قبل الأوان.
(العربي الجديد)