في خضم الحرب على غزة هناك أطفال يعيشون في حالة تيه كامل. يذهلهم الدمار الكبير للمنازل والمباني التي كانت تحتضنهم، ويحبون لقاء عائلاتهم وأقاربهم فيها، واللعب مع أقرانهم في محيطها. أيضاً يذهلهم الدمار الذي لحق بمدارسهم وأماكن لهوهم ونشاطاتهم سواء للترفيه أو ممارسة الرياضية.
ولا بدّ أن يدهش هؤلاء الأطفال من أحوال البؤس العارم الذي يرافق يومياتهم. وقد اضطرت غالبيتهم إلى النزوح مرات من مكان إلى آخر ضمن إطار من سيئ إلى آخر، وعانوا بالتأكيد من مشكلات التأقلم الصعب مع الأجواء السائدة، خصوصاً على صعيد الاختلاط بمجموعات كبيرة من الناس، والانتقال من التواجد تحت أسقف صلبة إلى خيام رقيقة أشبه بأغطية لا تحمي من شيء، ولا توفر أي عزلة.
ولا يخفى أن هذا البؤس الممزوج بانعدام الإنسانية بالكامل جعل الأطفال أنفسهم أدوات في مشقات محاولة العيش، فهم ركائز أساسية لتأمين احتياجات المياه عبر الاصطفاف ساعات في طوابير تعبئة الغالونات، قبل أن يحملوها بأيديهم غير مكتملة النمو إلى أماكن مكوث عائلاتهم، وأيضاً لالتقاط المساعدات التي تلقيها الطائرات أو التي تصل عن طريق البر، والتي تتطلب خوض "صراعات" مرهقة بدنياً ونفسياً أيضاً في أجواء غير طبيعية.
وبالتأكيد يعتبر الأطفال الفئة الأكثر ضعفاً في مواجهة مخاطر انعدام البنى التحتية وكميات الملوّثات التي تنتشر في كل مكان من خلال المياه والهواء، وحتى عبر الاحتكاك بالناس.
هذه حال الأطفال في تيه الحرب اليوم، وقد يكون المستقبل تيها أكبر.
(العربي الجديد)