لأن لا شيء يحدث مصادفة في الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لا يمكن إلا الجزم بأنها تعمّدت قتل موظفي منظمة المطبخ المركزي العالمي الثلاثاء الماضي، وبالتالي تكريس واقع أن عمل منظمات الإغاثة الدولية بات خطراً جداً، في حين يعلم الجميع أن أبرز مهام هذه المنظمات باتت في رفح المهددة باجتياح. واضح أن إسرائيل تعمل عكس ما تقول في شأن التزامها بتزويد قطاع غزة بالمساعدات وتحسينها في إطار الجهود المستمرة لإطلاق سراح محتجزيها في القطاع، وهو ما أعلنه رئيسها إسحاق هرتسوغ. وهذا ما دفع مؤسس منظمة المطبخ المركزي العالمي، خوسيه أندريس، إلى التصريح بأن "لا فائدة" من التحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. من الرسائل الضمنية التي توجهها نشاطات الجمعيات الدولية الباقية في غزة أنه يمكن الحفاظ على الحدّ الأدنى من مظاهر الحياة فيها تمهيداً لإطلاق مرحلة ما بعد الحرب استناداً إلى قاعدة أن إعادة الإعمار أمر وارد، لكن إسرائيل تدمر المهمات الميدانية لهذه المنظمات من أجل إبعادها بالكامل عن أقل مشاهد الحياة الحالية في القطاع والتي لا تريدها. وليس ذلك أمراً مستغرباً فحرب إسرائيل على الحياة في غزة أزهقت الأرواح ودمرت الممتلكات والأراضي، وسممت الهواء، ونسفت كل الخدمات حتى الصحية الإنسانية بالكامل، وبالتأكيد عرقلت المساعدات واستهدفت ناشطي الأعمال الخيرية. وربما الأصح القول إن إسرائيل عدوة كل حياة ممكنة على الأرض.
(العربي الجديد)