أثبتت تجارب عقود ما بعد الاكتشافات النفطية التي غيّرت أنماط عيش البشرية، استحالة ربطها بمنافع كوكب الأرض والإنسان عليه، رغم أنه يفترض أنها استخدمت في الأصل لتوفير وسائل "راحة" تفيد مسار الحياة وأخرى لتعزيز الإنتاجية والحركة الصناعية والابتكارات، تمهيداً لنمو الاقتصاد الضروري لتحسين تطور الشعوب.
ما عايشه العالم في عقود ما بعد الاكتشافات النفطية هو تلوث بعد تلوث، وحوادث بعد حوادث أصابت الطبيعة ولا تزال بكوارث لا حلول لمعالجة تداعيات بعضها حتى في حال الانتظار سنوات طويلة، وفي مقدمها البحار والأنهر التي اخترقت البقع النفطية السوداء مساحات مناظرها الزرقاء الخلابة التي تخلق بهجة كبيرة في النفس، وبنعم الحياة.
تصل التسرّبات النفطية الناتجة عن ناقلات البترول أو خطوط الأنابيب التالفة أو أعطال المنصات البحرية إلى الشواطئ وتلتصق بالصخور وحبات الرمل، وتجعل المنطقة كلها غير مناسبة للحياة البحرية، إذ تهدد الطيور التي تعتمد في غذائها على السباحة والغوص، كما تقتل التسرّبات الثدييات البحرية كالحيتان والدلافين والفقمة.
إلى ذلك، تلحق التسربات النفطية إلى جانب مخالفات رمي النفايات في الأنهر أضراراً كبيرة فورية بعملية تكاثر الأسماك، وبعدها بالتربة وخصوبة الأراضي الزراعية والإنتاجية. ومعروف أيضاً أن العاملين في تنظيف البقع النفطية يصابون بمشاكل صحية كبيرة لاحقاً، ما يستدعي دفع كلفة باهظة للرعاية الصحية الخاصة بهم.
(العربي الجديد)