بعد اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظهرت الدراجات الهوائية بكثافة في كل مكان، وكانت أهداف استخدامها بعيدة جداً عن الأنماط الاعتيادية المعروفة في العالم، لذا يمكن القول إنها دراجات حرب بكل معنى الكلمة.
ليس غريباً أن من بين أول الاحتياجات التي يبحث عنها الناس وسط ركام هياكل المباني المدمرة بالقصف الإسرائيلي هو الدراجة، فالحاجة إليها كبيرة للتنقل وفعل أشياء كثيرة، بينها نقل المساعدات والمياه، وحتى نقل الأشخاص، خصوصاً أن مساحة قطاع غزة الصغيرة (360 كيلومترا مربعا) وغياب التضاريس فيه، تجعل الدراجة الهوائية مناسبة فيه. وبالطبع، تظل الدراجات وسيلة للهو الصغار وإخراجهم من بعض الاضطرابات النفسية التي يعيشون فيها. ومن اللافت أن مشاهد دمار كثيرة ينقلها مصورون من غزة منذ أشهر تظهر فيها دراجات ترافق أشخاصاً ينظرون بحسرة إلى معالم مدن ومناطق تعرضت لإبادة تشبه بعض صورها تلك العائدة لمدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين بعد إلقاء قنبلتين ذريتين عليهما في الحرب العالمية الثانية. تظهر بعض معالم الحياة في غزة اليوم في حركة الدراجات على طرق "مبعثرة" تعبر بين أنقاض وكتل حجارة وحديد، ونفايات مجمّعة، وأيضاً في استعادة مهنة تصليح الدراجات بعض زخمها، باعتبارها أمراً لا بدّ منه وسط الحرب.
(العربي الجديد)