في وقت كان المسلمون يحتفلون فيه بعيد الفطر خلال الأيام الماضية، ولو بالحد الأدنى بسبب استمرار جائحة كورونا، لم يعرف قطاع غزة المحاصر أي معنى من معاني العيد وفرحة انتهاء شهر الصوم. فطائرات الاحتلال الإسرائيلي ومدافعه ودباباته لم تتوقف عن قصف الآمنين في بيوتهم بمئات الصواريخ والقذائف.
لم يكن عيد غزة فرحاً كالمعتاد بعدما عاشه الأهالي وسط الدمار والخراب الذي زرعه الاحتلال في كل الأرجاء، وبعدما بات شبح الموت يلاحقهم في كل زاوية وخلف كل جدار وتحت كل سقف ظنوا أنه قد يحميهم ويحمي أبناءهم من نيران القاتل الموجهة.
خلت الشوارع والطرقات من الأطفال الذين كانوا في مثل هذه المناسبة يرتدون الثياب الجديدة ويخرجون للعب بالأراجيح وإطلاق البالونات الملونة والتجمع حول بسطات الحلويات والسكاكر. حلّت بدلاً من هذه المشاهد صور لأطفال بالأكفان البيضاء في برادات المستشفيات أو أطفال غارقين بدماء إصاباتهم أو أطفال وقفوا مذهولين أمام هول دمار مسح منازلهم بما فيها على مرأى من عالم يتفرّج على مشاهد القصف كأنها جزء من فيلم سينمائي. وقفوا يمسحون دموعهم ويجمعون ما تبقى لهم من أشلاء ألعاب وكتب وكرّاسات كانت محور حياتهم قبل ذلك بأيام.
كان سكان غزة يعدون أنفسهم بالعيد أو ما بقي منه، هم الذين يعيشون كما لا يعيش أي أحد آخر في سجن جماعي كبير فرضه الاحتلال عليهم. كانوا ينتظرون العيد بالرغم من كل شيء، لكن الاحتلال قرّر تحويل العيد إلى مناسبة للرقص فوق جثثهم.
(العربي الجديد)