ينشر قسم الأخبار الجديد من "فيسبوك" نحو 200 عنوان من صحف مثل "وول ستريت جورنال" و"واشنطن بوست" و"لوس أنجليس تايمز" و"بازفيد" و"يو إس إيه توداي" وغيرها. وستستمر مقالات الأخبار في الظهور في موجز الأخبار الرئيسي، لكن الشركة ترى أن قسماً مستقلاً "يمنح مزيداً من التحكم في القصص التي يرونها، والقدرة على استكشاف مجموعة أوسع من اهتماماتهم الإخبارية، مباشرةً داخل المنصة" تقول الشركة.
لكن إلى جانب المؤسسات ذات الصدقية، قرّرت "فيسبوك" إدراج موقع Breitbart ضمن قسم الأخبار الجديد، وهو موقع يميني متطرف مشهور بنشر نظريات المؤامرة والأخبار الكاذبة، وداعم قوي لدونالد ترامب.
وأثارت هذه الخطوة جدلاً واسعاً في الوسط الإعلامي الأميركي، نظراً لتاريخ الموقع وتوجهاته وأخطائه، وهو ما اضطر "فيسبوك" إلى الخروج والتبرير، مبررات زادت الطينة بلة وأثارت المزيد من الجدل.
وسأل مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، مارك تريسي، عن سبب وجود الموقع المثير للجدل في القائمة، فردّ مؤسس "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، بالقول إن "الحصول على مصدر موثوق يحتاج إلى مجموعة متنوعة من وجهات النظر، لذلك أعتقد أنك تريد أن يكون المحتوى يمثل وجهات نظر مختلفة".
لكن الجواب لم يكن شافياً. رجّح موقع "ذا فيرج" التقني أن الإجابة لن ترضي النقاد، والذين يرون أن تضمين الموقع مثال على مبدأ خضوع "فيسبوك" لرغبات اليمين. ووصفت منظمة "ميديا ماترز" الأميركية غير الربحية تضمين الموقع المتطرف بأنه إذعان للمحافظين والمتطرفين اليمينيين والقوميين البيض.
من جانبه، طمأن مارك المخاوف من استخدام "برايتبارت" منصته لنشر الأكاذيب، وقال عبر "نيويورك تايمز": "إذا نشر منبر إعلامي معلومات خاطئة، فلن يظهر في المنتج"، لذلك من الناحية النظرية، سيبقى الموقع فقط إذا التُزمَت القواعد.
ومع ذلك، هذا لا يفسّر سبب اختيار "فيسبوك" لمصدر معروف بالإثارة والتضليل أصلاً.
وبخصوص الثقة، نشر موقع "تيك كرانتش" التقني ورقة تحليلية تساءلت عمّا إن كان يجب أن تثق المؤسسات الإعلامية بخدمة "فيسبوك" الجديدة، مستعرضة تاريخ الشركة في التعامل السيّئ مع المؤسسات الإعلامية.
وتاريخ "فيسبوك" غني بالتقلبات في التعامل مع الصحافة. في عام 2011، أطلقت "فيسبوك" نظام تطبيقات Social Reader التي تشارك تلقائياً مع الأصدقاء المقالات الإخبارية التي تقرؤونها.
تسابق الناشرون الكبار على إنشاء هذه التطبيقات وزيادة عدد الزوار، لكن في عام 2012، غيرت "فيسبوك" تصميمها، ما أفقد التطبيقات معظم مستخدميها، فأُغلِقَت. وفي عام 2015، أطلق "فيسبوك" المقالات الفورية، بحيث بات الموقع يستضيف محتوى الأخبار داخل التطبيق لتحميله بنحو أسرع. لكن القواعد الصارمة التي تقيّد الإعلان وصناديق تسجيل الاشتراك دفعت الناشرين إلى الحصول على القليل من الأرباح من المقالات الفورية. وبحلول أواخر عام 2017، تخلى العديد من الناشرين عن هذه الميزة.
وفي عام 2015 نفسه، بدأ الموقع الأزرق مناقشة التحول إلى الفيديو، مستشهداً بمليار مشاهدة فيديو يومياً، نظراً لأن خوارزميته تعطي الأولوية للفيديو، وخلال العام ارتفع عدد المشاهدات اليومية إلى 8 مليارات، وتحوّل الموظفون في غرف الأخبار من النص إلى الفيديو.
لكن فيما بعد اكتُشف أن "فيسبوك" يضخم المشاهدات بنسبة 150 إلى 900 في المئة. وبحلول نهاية عام 2017، استبعدت 50 مليون ساعة من المشاهدة يومياً، ثم انسحبت لاحقاً من الدفع للناشرين مقابل الفيديو المباشر، لأنها تخلت إلى حد كبير عن مقاطع الفيديو الخاصة بالناشرين لمصلحة محتوى الأصدقاء.
وفي عام 2018، أعلن "فيسبوك" أنه سيقلل وجود الأخبار في موجز الأخبار من 5 إلى 4 بالمئة، مع إعطاء الأولوية للأصدقاء والمحتوى العائلي. وفقدت منصات مثل Slate ما نسبته 87 في المئة من الزيارات.
كل هذه المحطات في تاريخ "فيسبوك"، سواء من حيث السماح بنشر الأخبار الكاذبة، أو من خلال ابتزاز المنصات الإعلامية والتلاعب بزياراتها ومشاهداتها، يطرح الكثير من الهواجس المشروعة، ويجعل قسم الأخبار الجديد في خانة التدقيق المستمر وعدم التعويل عليه مصدراً وحيداً لجلب القرّاء.