في نهاية العام الماضي، اغتيل الناشط السوري رائد الفارس، الذي اشتهر باللوحات الكاريكاتورية واللافتات التي كان يقوم برسمها في مدينة كفرنبل في بداية الثورة. إحياءً لأفكار الفارس، قام مجموعة من الناشطين في كفرنبل بإطلاق حملة "عيش" ليحيوا بهذه الحملة النشاط الفني المتمرد في المدينة التي عانت ولا تزال.
في لقاء خاص لـ"العربي الجديد" مع مدير الحملة، حسن الأحمد، يشرح بدايات نشاطهم، ويقول: "بدأنا الحملة في عام 2012، وكانت حملة تطوعية من الشباب الجامعي، الذين أجبرتهم الظروف على ترك دراستهم. وكانت الحملة رداً على العبارات التي كان جيش النظام السوري يقوم بطبعها على الحائط من شتائم وعبارات طائفية مؤذية؛ فقررنا تنظيف تلك الجدران وتزيينها، وفيما بعد قررنا أن نرسم على تلك الجدران تصاميم نوصل من خلالها رسائل سياسية، وتعاملنا مع تلك الجدران على أنها لافتات ثورية. واستخدمنا الجدران أيضاً في توثيق المجازر، فأي مجزرة كان يرتكبها النظام كنا نقوم بتوثيقها ضمن لوحة جدارية، نكتب ضمنها تاريخ حدوثها وعدد الضحايا، ونكتب أسماءهم أيضاً إن استطعنا".
ويضيف الأحمد: "إلا أننا توقّفنا عن عمل الجداريات منذ فترة، بسبب الضغوطات التي تعرّضنا لها. ولكن قررنا أن نحيي الحملة من جديد بعد استشهاد رائد الفارس، الذي قام بدعم حملتنا، وأحببنا أن نخلد فكرته، وانطلقت الحملة من تصميم شعار الإذاعة الذي قام رائد بتأسيسه، وأرفقنا الشعار بأحد أشهر عبارات رائد وهو: "الثورة فكرة والفكرة لا تموت".
وعن أهداف الحملة في الوقت الحالي، يقول الأحمد: "اليوم نحاول من خلال تلك الجدران إيصال فكرة، أن الثورة ما زالت مستمرة، لذا نقوم بانتقاد الدولة من خلال الجداريات، ونعبّر عن المطالب الشعبية من خلالها، مثل إلغاء التجنيد الإجباري".
وعن ظروف العمل في كفرنبل اليوم، يقول الأحمد: "ظروف العمل صعبة، بسبب سفر معظم أعضاء الفريق والضغوطات التي نتلقاها من الفصائل المتطرفة في المنطقة، التي لا يروق لها فننا". ويضيف الأحمد: "نحن لم ندرس الرسم، ولذلك نلجأ إلى وسائل عديدة لتنفيذ جدارياتنا، منها تصميم الغرافيك على اللابتوب، ومن ثم طبعه وتفريغه على كرتون للقيام ببخّه على الحائط. والطريقة الثانية هي تصميم غرفيك وعرضه عن طريق البروجكتر على الحائط، ونقوم نحن بإعادة رسمه. وغالباً ما نقوم بتنفيذ أعمالنا ليلاّ، كي لا نتعرض لمضايقات من قبل الجماعات المتطرفة، الذين يقومون بشكل دائم بإفساد عملنا، إلا أننا نستمر في رسم الجداريات وإصلاح ما يفسدونه مرة تلو الأخرى، وذلك لا يوقف عزيمتنا".
وعن أماكن نشاط حملة "عيش" والناشطين فيها، يقول الأحمد: "نحن نقوم بتنفيذ الجداريات داخل كفرنبل ومعرة النعمان وحزيرين. ويتكون فريقنا من 15 شاباً، ثلاثة منهم فقط من الفريق الذي بدأ سنة 2012، والبقية كانوا يأتون وينضمون إلينا تباعاً، ففي كل عام يأتي شباب جدد ويعملون معنا؛ وعندما انضم إلينا شباب من الذين كانوا يعملون على الغرافيك في داريا وحمص، أضافوا لنا أفكارا وروحا جديدة وطوروا عملنا".
ويُعد اغتيال الناشطَين الإعلاميَّيْن، رائد الفارس وحمود جنيد، إثر إطلاق نار مباشر عليهما في مدينة كفرنبل جنوب إدلب، شمال غرب سورية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أبرز الأحداث التي ألمّت بالإعلام السوري المعارض. واتهم ناشطون "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بالوقوف وراء العملية، لأنها تسيطر على المنطقة، فضلاً عن قيامها باغتيال واعتقال ناشطين إعلاميين وسياسيين في وقت سابق.
وكان الفارس من أهم ناشطي محافظة إدلب، معقل "هيئة تحرير الشام"، الذين ظلّوا محافظين على الخطاب المدني السلمي للثورة، رافضين سياسات "الهيئة" وتوجهها للهيمنة المطلقة على شمال غرب سورية، كما كان واحداً من الناظمين للعمل المدني، وأحد الفاعلين الأساسيين في مدينة كفرنبل.