خلال الأسبوع الماضي، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورةً لقرار عُلِق على جدران جامعة دمشق، يشمل عقوبات تتراوح ما بين توجيه الإنذارات والفصل من الجامعة لمدة شهر لطالبات من كليّتي الاقتصاد والهندسة المدنية بسبب نشرهنّ على مواقع التواصل منشورات اعتبرتها إدارة الجامعة مسيئة لها. وقد اعتبر الناشطون السوريون، على اختلاف توجهاتهم السياسية، أن القرار الذي اتخذته إدارة الجامعة مشين، وأن هذا القرار سيفتح المزيد من الثغرات التي تقضي بالحد من حرية الأفراد باستخدام الشبكات الاجتماعيّة، وهو أمر ليس بغريب على ممارسات النظام السوري.
لم يوضح القرار طبيعة "الإساءة" التي ارتكبتها الطالبات المعاقبات، لكنّه أشار إلى إعجاب إحداهنّ بمنشور أخرى، وهو ما كان سبب معاقبتها. ولم يسبق أن نُشرت في الجامعة لائحة بالخطوط الحمراء التي يتوجب على الطلاب ألا يتجاوزوها بمنشوراتهم المتعلقة بالجامعة؛ مما جعل القرار يبدو تعسفياً بكل جوانبه، وخطيراً للغاية كونه يُبيّن حجم الرقابة التي يخضع لها الطلاب السوريون. إذ إنّ أي منشور يكتبونه قد يؤدي إلى محاسبتهم، بل من الممكن أن تتم محاسبتهم إن تفاعلوا مع منشور بطريقة لا تروق لإدارة الجامعة.
اقــرأ أيضاً
يبدو واضحاً أنّ الغاية من القرار ترهيب الطلاب من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والنشر عليها، وأنه جاء استكمالاً لحرب النظام السوري الافتراضية، الهادفة للحد من أثر المواقع والمنصات الحرة. والحرب التي يخوضها النظام منذ سنوات، أشار لها رأسه، بشار الأسد، في فبراير/ شباط الماضي، في حديثه عمّا سماه "حرب الجيل الرابع". علماً أن هناك العديد من الخطوات التي سبقت قرار الجامعة، وأبرزها البرامج التلفزيونية التي تبثها قنوات إعلام النظام على مدار الساعة، والتي تتحدث بمناسبة أو بدون، عن أثر الإنترنت السلبي على المجتمع وتنصح الشباب بالابتعاد عن الحداثة والتكنولوجيا. وبالإضافة لذلك، هناك العديد من القيود التي فُرضت على السوريين لتحدّ من نشاطهم في العالم الافتراضي، فتم حجب العديد من المواقع في الأشهر الخمسة الأخيرة، وكانت البداية من المواقع الإباحية، كما تم تعطيل ميزات وتطبيقات مستخدمة في سورية أبرزها الاتصالات عبر "واتساب". ولكن هذا القمع الذي تمارسه المؤسسات الرسمية على المواطنين السوريين لم يؤدِّ الغرض المطلوب منه. إذ تمكّن السوريون من حل مشكلة "واتساب" والمواقع المحجوبة من خلال أنظمة "في بي إن". وذلك هو الحال أيضاً فيما يتعلق بقرار الجامعة التعسفي، فقد نشره الطلاب، مؤكّدين أن كل الأساليب القمعية للتعبير لا تجدي نفعاً.