يناير/كانون الثاني لغاية مارس/آذار 2016.
عملية الرصد شملت ثلاث إذاعات رسمية: هي الإذاعة الوطنية، وإذاعة الشباب، وإذاعة تونس الدولية الناطقة بالفرنسية، وست إذاعات خاصة هي "موزاييك إف إم" و"شمس إف إم" و"راديو ماد" و"إكسبرس إف إم" و"إذاعة كلمة" و"صراحة إف إم".
أما الفاعلون السياسيون الذين تمّ رصد تدخلاتهم فى الفترة الزمنية من السابعة صباحا إلى السابعة مساء، فهم مؤسسة رئاسة الجمهورية ممثلة بالرئيس والناطق الرسمي باسمه ومستشاريه، والشخصيات السياسية المنتمية لأحزاب سياسية، والعاملون في الحكومة التونسية من وزراء ومستشارين.
عملية الرصد بينت أن مؤسسة رئاسة الجمهورية كان لها الحضور الأضعف في المحطات الإذاعية بنسبة لا تتعدى 2.6 في المائة من الحضور الزمني، أي ما يعادل ثلاث ساعات و22 دقيقة و13 ثانية، في حين كان للأحزاب الممثلة داخل مجلس نواب الشعب الحضور الطاغي بنسبة 65.3 في المائة، أي ما يعادل 85 ساعة و43 دقيقة و39 ثانية، يليها ممثلو الحكومة التونسية بنسبة 19.3 في المائة أي بما يعادل زمنيا 25 ساعة و19 دقيقة و25 ثانية.
واحتل المرتبة الثالثة منتمون إلى أحزاب غير ممثلة داخل مجلس نواب الشعب بنسبة 12.6 في المائة بما يعادل 16 ساعة و32 دقيقة و56 ثانية.
حضور هذه المؤسسات يترجم طبيعة النظام وفقا للدستور التونسي الذي يتمتع فيه رئيس الدولة بصلاحيات محدودة، في حين يتمتع رئيس الحكومة بالسلطات التنفيذية الأكبر، ويتمتع مجلس نواب الشعب بالسلطة التشريعية.
هذا الحضور الزمني في الإذاعات التونسية الرسمية والخاصة، وإن ترجم طبيعة النظام بشكل معقول، إلا أن حضور الأحزاب في هذه الإذاعات بدا غير متناسق وحجم كل حزب، فقد احتل حزب نداء تونس (حزب علماني) وهو الحزب الفائز بالانتخابات التشريعية المرتبة الأولى من حيث الحضور الإذاعي بـ 32 ساعة و14 دقيقة و12 ثانية، تلته الجبهة الشعبية (ائتلاف حزبي يساري قومي) بـ 14 ساعة و53 دقيقة و11 ثانية، وجاءت حركة النهضة (حزب له مرجعية إسلامية) في المرتبة الثالثة بحضور قدر بـ 12 ساعة و08 دقائق و56 ثانية، وهو ترتيب لا يعكس التراتبية داخل مجلس نواب الشعب التونسي فالجبهة الشعبية تعتبر الكتلة النيابية الرابعة في حين تحتل كتلة حركة النهضة المرتبة الأولى تليها كتلة حركة نداء تونس.
كما برز التفاوت في الحضور من إذاعة إلى أخرى، ففي حين احتلت حركة نداء تونس والجبهة الشعبية المرتبة الأولى والثانية في جلّ الإذاعات التي تمّ رصدها، جاءت حركة النهضة في المرتبة الثانية في إذاعتين، هما إذاعة الشباب وهي إذاعة رسمية، وفي إذاعة "صراحة إف إم" وهي إذاعة مقربة من حركة النهضة.
بالتالي فهذا الرصد للتعددية السياسية داخل الخطاب الإعلامي للمحطات الإذاعية التونسية يبقى رهين الخط التحريري لهذه المحطات وميولات العاملين فيها السياسية، بعيدا عن تراتبية نتائج الانتخابات التشريعية التي تعكس التوجه السياسي العام للشعب التونسي، لذلك دعت "الهايكا"، باعتبارها هيئة تعديلية المشرفين على هذه المحطات الإذاعية الرسمية والخاصة، إلى تعديل أوتارها حتى تصل إلى مرحلة الإنصاف لكل الفاعلين السياسيين، خاصة أن بعضهم يحظى بحضور لا يتجاوز بضع ثوان، مثل حزب النضال الوطني (14 ثانية) وحزب الإقلاع نحو المستقبل (18 ثانية) وحزب العمل التونسي (54 ثانية).