تبدأ قناة "سوريا" ببثها المباشر، في الثالث من آذار/ مارس المقبل، بعد بثها التجريبي وتأخير موعد سابق، على قمري "نايل سات" بتردد 11603 و"هوتبيرد" بتردد 12520، ليملأ، وفق القائمين عليه، الفراغ والضعف الإعلامي الذي لم يرق إلى مستوى الحراك والأثمان التي قدمها السوريون، منذ انطلاق ثورتهم في مارس عام 2011.
قناة "سوريا" ستبث على مدار 24 ساعة، وسيكون المحتوى الطازج يومياً، بواقع 8 ساعات، تبدأ من الرابعة بتوقيت دمشق، وتنتهي في الثانية عشرة ليلاً، وسيعاد المحتوى مرتين ليناسب الأوقات المختلفة التي يعيش عليها السوريون في دول اللجوء.
ما الجديد الذي سيقدمه تلفزيون "سوريا"؟ ما مصدر تمويله؟ وإلى أي حد سيتدخل رأس المال بالسياسة التحريرية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، التقت "العربي الجديد" الرئيس التنفيذي للقناة في إسطنبول، أنس أزرق، وكان هذا الحوار:
* هل ستكون "سوريا" محطة إخبارية أم عائلية منوعة؟
"سوريا" محطة عامة، تبلغ نسبة الأخبار والبرامج السياسية فيها 60 في المائة، لكن جميع برامجنا ستكون جادة ورصينة، وتقدم ما يريده ويتوق إليه السوريون، وهذا لا يعني أن تكون قناة عابسة ويغيب عنها الترفيه.
* ألا تعتقد أن الوقت تأخر لخروج وسيلة إعلامية مرئية سورية؟ هل من خطط لديكم لتلافي التأخير وحجز مكانة لدى المتلقي؟
تأخرَ إطلاق قناة سورية تكون لسان حال السوريين، ولكن هذا مرتبط بالوضع السوري المعقد، ولا سيما صعوبة الحل وتأخره. نأمل بأن نسد هذا الفراغ، ورغم التأخر فإن الحاجة ماسّة، ونعتقد أن الساحة الإعلامية السورية شبه فارغة، إذ يشعر السوري العادي أن صوته غائب عن قنوات النظام والقنوات التي تحاول تمثيل الشارع المعارض، بينما القنوات العربية تراجَعَ فيها الخبر السوري، وتحمل أجندات مختلفة.
* هل فريق العمل كله من السوريين؟
معظم الكادر سوري، ولا سيما في التحرير والتقديم، وهناك بعض الخبرات العربية.
* ما هي السياسة التحريرية للقناة وخاصة في الشأن السوري والعربي؟
القناة تتوجه لكل السوريين ما عدا القتلة، وهي تعبّر عن أولئك الذين يريدون سورية بلداً موحداً مدنياً، يتم تداول السلطة فيه عبر الانتخابات، ويحكمه القانون. وسنحاول أن يعبّر تلفزيون "سوريا" عن قيم الثورة، لذلك اخترنا شعار "حرية للأبد". كما نرفض النظر إلى السوريين على أساس معتقدهم أو مناطقهم أو قومياتهم، ونعتبر المواطنة هي الفيصل.
* من أين يأتي تمويل تلفزيون "سوريا"؟
الممولون رجال أعمال سوريون وعرب، وسنتعاطى مع أي مسألة من منطلق المصلحة السورية والمبادئ العامة التي تحكم سياستنا التحريرية، أي رفض الظلم والاهتمام بالقضايا العربية. لكن نحن وسيلة إعلامية، وستحكمنا النزاهة الصحافية في التعاطي مع أي حدث بغض النظر عن الموقف، وفي العموم لسنا طرفًا في أي نزاع عربي.
* وما هي مساحة الحرية بعيداً عن رأي وتوجهات الممول؟
ليست لدينا اشتراطات من الممولين سوى أن نكون صوتاً مهنياً يعبر عن آلام وآمال السوريين.
* كيف وجدتم المناخ الاستثماري في تركيا؟
نتعامل مع وجودنا في تركيا كوجود لاجئ، ونطمح أن تنتقل القناة في أقرب وقت إلى سورية. لا نتأثر بالسياسات الحكومية التركية، أو غيرها، وإن كنا نقدِّر الاستضافة التركية للقناة ولملايين السوريين، وقد تتباين المواقف السياسية، ولكننا ننطلق من محدد واحد، وهو القيم والمبادئ التي ندافع عنها، ثمَّ سننحاز إلى المصلحة السورية حكماً.
قسم الأخبار
"العربي الجديد" التقت أيضاً المسؤول المكلف إدارة قسم الأخبار في قناة "سوريا"، محمد علاء الدين، الذي أوضح أن حصة الأخبار اليومية نحو 3 ساعات من إجمالي البث اليومي (8 ساعات يومياً في البداية)، تضاف إليها البرامج السياسية الأسبوعية التي ستكون ببرنامجين خلال مرحلة الانطلاق، وسيتم التوسع بها لاحقا لتشمل ساعة يومية. وأكد أن القناة هدفها الأمانة والتوازن في النقل، عبر نشرة إخبارية غير تقليدية.
ولفت إلى أن القناة تتعاون مع 11 مراسلاً حالياً يتوزعون في جميع المناطق بما فيها الجيوب المحاصرة كالغوطة الشرقية وشمال حمص، بالإضافة إلى مراسلين في دول الجوار السوري ومخيمات اللجوء. وأشار إلى أن الشأن السوري أولوية القناة.
واعتبر علاء الدين أن خصوصية القناة تتمثل في حجم الوقت المخصص للشأن السوري أولاً، وكون العاملين من أصحاب القضية الذين يشاركون مع الشعب السوري رغبته في الخلاص وحلمه بالحرية والكرامة.
خريطة البرامج
وحول دور الشباب والبرامج الحوارية في قناة "سوريا"، أوضح مدير البرامج، علي سفر، أن حصة البرامج مع حصة الأخبار ستتفاوت بين 50 إلى 60 في المائة بين المرحلة الأولى لإطلاق تلفزيون "سوريا" والمرحلة الثانية. وأفاد بأن القناة تستعد لإطلاق برنامج ساخر، مدته ساعة أسبوعياً، وتقدمه الإعلامية نور حداد.
وحول المساحة المخصصة للشباب في قناة "سوريا"، قال سفر إن "وجود الشباب في تلفزيون (سوريا) يأتي ضمن مسارين؛ الأول وهو قيام كل البرامج على رؤى شبابية بمذيعين وفاعلين شباب، وثانياً من خلال التغطية البرامجية لواقعهم ومشاكلهم في الداخل وفي الشتات. وسيطلق تلفزيون (سوريا) برنامجين شبابيين ساخرين برؤى جديدة كلياً يتولى صياغتهما ممثلان سوريان شابان، بينما سيتابع الفنان عبدالرحمن دندشي برنامجه الأسبوعي (حمصوود شو) على الشاشة بعد أن أنجز صياغة التجارب الأولى من النسخة التلفزيونية لبرنامجه".
وحول تفاصيل برنامج "لم الشمل" المرتقب الذي تعوّل عليه القناة، أوضح سفر أن "لم الشمل" هو المجلة التلفزيونية اليومية في تلفزيون "سوريا"، وتقوم فكرته على اجتماع العائلة السورية في وسائل التواصل الاجتماعي، واستلهام ما يطرح في غرفة العائلة على "واتساب" أو في المجموعة الخاصة على "فيسبوك" وغيرهما. الفكرة هي خلق منصة تجمع السوريين، تستلهم أدوات الـ"سوشال ميديا" ولكن بأدوات تلفزيونية، بمعنى أننا سنتتبع القصة من خلال الواقع ومن خلال تفاعل السوريين معها على "سوشال ميديا"، وضمن هذا المسار سيكون البرنامج منصة مجتمعية تفتح طريقا باتجاهين بين التلفزيوني وبين الجمهور.
وحين سُئل: هل ستغيب البرامج الصباحية عن تلفزيون "سوريا"، بحكم توقيت الانطلاقة، خلال الفترة الأولى على الأقل، وماذا يمكن أن يقدّم القائمون لجمهور الصباح الذي تُعتَبر ربة المنزل والمسنون وربما موظفو المكاتب أهم شرائحه؟ أجاب سفر: "البرنامج الصباحي وفقراته وتفاصيله موجودة على الورق، لا بل إن بعض فقراته جرى العمل على إنتاج نماذج منها، فقد جرى العمل عليه طوال أشهر عدة، ولكن خطة البث المسائي جعلتنا نركز على البرنامج المسائي (لم الشمل). وفي الدورة البرامجية الثانية سنحرص على أن تحتوي خطتنا البرامجية برنامجنا الصباحي".
"نور خانم"
"نور خانم" برنامج سياسي اجتماعي ساخر، تقدمه الإعلامية نور حداد، وهو من نقاط القوة وبعض الخصوصية التي تعوّل عليها قناة "سوريا".
"العربي الجديد" التقت حداد التي بينت أن فكرة البرنامج تتمحور حول اعتزالها العمل التلفزيوني والكلام في الشأن السياسي، وتجلس في البيت، أي "تخنمت" وفق اللهجة السورية، ليكون البرنامج عبر فقرات متنوعة ومتعددة.
ولكن سألنا حداد عن عدم الترابط بين فقرات البرنامج، فقالت: "أولاً البرنامج من البيت، حيث سيكون الاستوديو موزعاً بين الغرف والمطبخ وكأنه منزلي، كما ليس شرطاً أن يكون هناك ربط كما في الدراما، لكن في الوقت نفسه، هناك جو عام واحد، ضمن وتيرة سريعة وطريقة كوميدية ساخرة، أتوقع أن يجذب المتلقي ولا ينفره".
وختمت: "لم يكن لدي حلم أن أقدم هذا النوع من البرامج، لكني أشعر الآن أن برامج كهذه، هي الأسرع وصولاً للمتلقين، بمن فيهم المحايدون ومن يسمون الرماديين".