اعتذار لم يخفِ حدة المشكل الذي يعاني منه الإعلام التونسي في مجال نشر الأخبار الزائفة، وهو الأمر الذي انتبهت إليه الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا) التي عمدت إلى إيجاد منصة للتحقق من الأخبار الزائفة بالشراكة مع مؤسسات الإعلام العمومي (الرسمي) التونسية، وهي التلفزيون التونسي والإذاعة التونسية وصحيفة لابراس ووكالة تونس أفريقيا للأنباء. ورغم شروع هذه المنصة في العمل منذ ما يزيد عن الشهر، إلا أنّها لا تزال تتحسس خطواتها الأولى في مجال يبدو صعباً.
كما أنّ اتحاد إذاعات الدول العربية نظّم منذ أسبوعين في العاصمة التونسية ندوةً علمية حول الأخبار الزائفة، التي أصبحت تهدد مصداقية الإعلام عموماً؛ إذ أكّد أستاذ الإعلام بالجامعة التونسية وليد الحيوني أن "الأخبار الزائفة تنتشر بكثرة في شبكات التواصل الاجتماعي من خلال صور مفبركة وفيديوهات أخرجت من سياقها أو من خلال أخبار لا علاقة لها بالواقع"، مضيفاً: "إن هذه النوعية من الأخبار يتم تداولها من قبل أشخاص بغاية خدمة أهداف سياسية أو اقتصادية".
وعبّرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين من ناحيتها عن خشيتها من انتشار الأخبار الزائفة في الإعلام التونسي، وهو ما قد يؤثر على مصداقيته؛ إذ سارعت إلى إصدار بيان بعد تداول خبر وفاة الرئيس التونسي السابق وتكذيب الخبر بعد ذلك، قائلةً إنّ لجنة أخلاقيات المهنة الصحافية بالنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين عاينت "تعمد إذاعات ومواقع إلكترونية لوسائل إعلام كبرى على غرار؛ وكالة تونس أفريقيا للأنباء وإذاعتي موزاييك اف ام وجوهرة اف ام وقنوات تلفزية مثل التلفزة تي في وفرانس 24 وقناة التاسعة وغيرها، نشر خبر الوفاة دون التثبت من مصادر ذات مصداقية، تبين بعدها أنها أخبار مغلوطة وكاذبة حول وفاة القائم بأعمال رئيس الجمهورية محمد الناصر".
وأشارت إلى سبب هذا الخطأ المهني الكبير، داعيةً الصحافيين إلى تجنب الوقوع في مثل هذه الأخطاء من خلال عدم اللهث وراء السبق الصحافي، وكذلك التسرع غير المبرر في نشر الأخبار الذي يؤدي إلى نشر أخبار كاذبة أو أخبار منقوصة في أفضل الحالات. ودعت النقابة إلى تكثيف العمل على تنظيم دورات تكوينية في مجال جمع الأخبار من مصادرها، وكيفية التعامل مع المصادر وتقنيات التحري الصحافي والتحكم في المحتوى الإخباري. كما أكدت أنها ستوجه لفت نظر إلى كل القائمين على وسائل الإعلام التي تورطت في نشر الإشاعة، وكذلك الصحافيين المحترفين على صفحاتهم الخاصة وأنها ستنشر قائمة بأسماء المتورطين في التقرير السنوي للحريات الذي يصدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، في حال لم يعتذروا للجمهور عن الأخطاء.
يذكر أن تداول أخبار زائفة من قبل وسائل إعلام تونسية ليس بالأمر الجديد، حيث سبق أن تورطت عدة مواقع في نشر أخبار عن وفاة رياضيين وفنانين. ورغم عدم صحة الخبر فإنها لم تعتذر، وهو ما رأى فيه بعض المختصين نشراً متعمداً لهذه الأخبار بغاية شد الجمهور إليهم من خلال زيارة مواقعهم عن طريق جذب الجمهور بهذه الأخبار الزائفة والمثيرة للرأي العام.