لم تستطع الحاجة جيهان اسعيد من سماع صوت ابنها جهاد الذي يعمل في محافظة القاهرة لتهنئه بالعيد طيلة الأيام الأربعة الماضية؛ في ظل انقطاع تام للاتصالات وشبكات الإنترنت عن مدينة الشيخ زويد، بمحافظة شمال سيناء، شرق مصر.
فللعام الثاني على التوالي، والعيد الرابع، على مناطق واسعة من مدينتي رفح والشيخ زويد، تعيش دون أي شبكة اتصالات خلوية أو خدمات إنترنت، رغم توافرها في مدينة العريش القريبة، مع الإشارة إلى انقطاعها عن الأخيرة في فترات متفاوتة.
وبعد فقدان الستينية اسعيد الأمل في سماع صوت نجلها طالما أنها في بيتها في مدينة الشيخ زويد، اضطرت للتوجه إلى مدينة العريش؛ لإجراء الاتصال وتهنئة ابنها، بينما كلفها ذلك الانتظار ساعات على الحواجز التي تفصل العريش عن مدينتي رفح والشيخ زويد.
وتقول اسعيد لـ"العربي الجديد": "يريدون أن يرجعونا إلى أيام زمن الحمام الزاجل والبريد اليدوي. كيف يمرّ العيد من دون أن أكلّم ابني وأطمئن إليه وأسمع صوته في يوم العيد؟ في أي دولة يحدث ذلك"؟
وفي تفاصيل وضْع الاتصالات في المدينة، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إنه منذ عامين لا تتوافر أي شبكة اتصالات مصرية في مدينتي رفح والشيخ زويد باستثناء بعض المناطق القريبة من معبر رفح البري، ومنطقة صغيرة من الشيخ زويد.
وأوضحت المصادر أنه في حال توافر الاتصالات في محافظة شمال سيناء والمقصود هنا مدينة العريش، فإن بعض سكان الشيخ زويد يضطرون للاتجاه إلى منطقة مرتفعة غرب المدينة لإجراء اتصالاتهم، إلا أن هذا الاتصال قد يكلفهم حياتهم، في ظل إطلاق النار العشوائي من قبل قوات الجيش المنتشرة في المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن الأسر التي يتوافر لديها خطوط اتصال أرضية في بعض الأوقات يمكنها التواصل مع مناطق أخرى، بعد أن تدمرت غالبية الخطوط وشبكات الاتصال بفعل العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات الجيش، والتفجيرات التي تتعرض لها قوات الأمن من قبل الجماعات المسلحة.
وكذلك الحال مع شبكات الإنترنت، فإن غالبية مناطق رفح والشيخ زويد لا تتوافر فيها خدمات الإنترنت، عدا عن بعض المناطق القليلة، وفي أوقات قصيرة، لا تكفي للتواصل مع العالم الخارجي، وإنجاز الأعمال المطلوبة من المواطنين، خصوصًا التعاملات التي يلزمها التواصل عبر الإنترنت.
ويعمد بعض سكان المناطق الحدودية في سيناء إلى استعمال شرائح اتصال "إسرائيلية" كالسيلكوم والأورانج، وفلسطينية كشريحة جوال، إلا أن مصادر قبلية أكدت أن التواصل بشرائح إسرائيلية يعرّض صاحبها للقتل على يد "تنظيم ولاية سيناء" كما حصل في حالات عدة خلال الأشهر الماضية، بينما التواصل بشريحة اتصال فلسطينية يعرض صاحبها للاعتقال لدى قوات الأمن بزعم مشاركته في عمليات التهريب من وإلى غزة.
ويحتاج سكان مدينتي رفح والشيخ زويد للاتصالات بشكل إضافي عن بقية المواطنين في المحافظات الأخرى في ظل تشتّت العائلات بين نازحين ومصابين ومفقودين في مناطق العريش وبئر العبد والإسماعيلية.
وهنا يقع المواطن السيناوي بين فقدان الاتصال مع الأهل المشتتين والمصابين، والذين اضطروا إلى السكن في محافظات القاهرة والإسكندرية؛ نظرًا لطبيعة العمل والهروب من الواقع الصعب في سيناء، وبين البدائل الخطيرة التي قد تكلفه حياته، كالذهاب لمناطق مرتفعة، أو استخدام شرائح فلسطينية أو إسرائيلية.
ولطالما اشتكى سكان سيناء من انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت عن مناطق سكناهم، لكن لا تقابل مطالبتهم الحثيثة لحق كل مواطن من قبل الجهات المختصة في محافظة شمال سيناء، والحكومة المصرية، وهي أطراف لديها الصورة الكاملة عن تسبُّب قوات الأمن في انقطاع وتوقيف متعمد لشبكات الاتصال والإنترنت.
ويشار إلى أن الجيش والمخابرات تعمّدا إيقاف شبكات المحمول عن العمل في سيناء بعد شهور من الانقلاب العسكري في يوليو 2013، بينما يتم تعطيل الشبكات لساعات طويلة تصل إلى 48 ساعة متواصلة عن بقية مناطق سيناء وخصوصًا مدينة العريش التي تشهد تركزًا سكانيًا كبيرًا.
ولا يختلف حال المواطن جهاد فارس عن الحاجة اسعيد، والذي لم يتمكن من الاطمئنان على شقيقته التي تعالَج في أحد مستشفيات مدينة الإسماعيلية منذ عدة أسابيع بعد إصابتها برصاص الجيش في مدينة رفح.
ويقول الثلاثيني فارس في حديثه لـ"العربي الجديد" لا يمكن لي الاطمئنان على شقيقتي المصابة بشكل دائم، إذ أضطر إلى الذهاب لمدينة العريش أو الاتجاه نحو مدينة رفح، للاتصال بها للتعرف على تطور وضعها الصحي.
ويضيف: "لا أدري في عام 2017 منطقة يعيش بها آلاف السكان لا يتواجد بها شبكات اتصالات وإنترنت، وكأننا في العصور الوسطى، لمصلحة منْ يتم قهر المواطنين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الآدمية بالتواصل مع بقية الناس"!
وتضاف أزمة الاتصالات إلى أزمات الكهرباء والمياه التي تعصف بسيناء منذ عدة سنوات التي تلت الانقلاب العسكري، مما يرفع أسهم المخطط المنوي تنفيذه بإجبار المواطنين على ترْك مناطق سيناء، بشتى الوسائل الممكنة ابتداء بالقوة وليس انتهاءً بقطع الاتصالات والإنترنت.
وتعيش مناطق شمال ووسط سيناء أوضاعًا أمنية متدهورة منذ 4 سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها.
اقــرأ أيضاً
وبعد فقدان الستينية اسعيد الأمل في سماع صوت نجلها طالما أنها في بيتها في مدينة الشيخ زويد، اضطرت للتوجه إلى مدينة العريش؛ لإجراء الاتصال وتهنئة ابنها، بينما كلفها ذلك الانتظار ساعات على الحواجز التي تفصل العريش عن مدينتي رفح والشيخ زويد.
وتقول اسعيد لـ"العربي الجديد": "يريدون أن يرجعونا إلى أيام زمن الحمام الزاجل والبريد اليدوي. كيف يمرّ العيد من دون أن أكلّم ابني وأطمئن إليه وأسمع صوته في يوم العيد؟ في أي دولة يحدث ذلك"؟
وفي تفاصيل وضْع الاتصالات في المدينة، قالت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد" إنه منذ عامين لا تتوافر أي شبكة اتصالات مصرية في مدينتي رفح والشيخ زويد باستثناء بعض المناطق القريبة من معبر رفح البري، ومنطقة صغيرة من الشيخ زويد.
وأوضحت المصادر أنه في حال توافر الاتصالات في محافظة شمال سيناء والمقصود هنا مدينة العريش، فإن بعض سكان الشيخ زويد يضطرون للاتجاه إلى منطقة مرتفعة غرب المدينة لإجراء اتصالاتهم، إلا أن هذا الاتصال قد يكلفهم حياتهم، في ظل إطلاق النار العشوائي من قبل قوات الجيش المنتشرة في المنطقة.
وأشارت المصادر إلى أن الأسر التي يتوافر لديها خطوط اتصال أرضية في بعض الأوقات يمكنها التواصل مع مناطق أخرى، بعد أن تدمرت غالبية الخطوط وشبكات الاتصال بفعل العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات الجيش، والتفجيرات التي تتعرض لها قوات الأمن من قبل الجماعات المسلحة.
وكذلك الحال مع شبكات الإنترنت، فإن غالبية مناطق رفح والشيخ زويد لا تتوافر فيها خدمات الإنترنت، عدا عن بعض المناطق القليلة، وفي أوقات قصيرة، لا تكفي للتواصل مع العالم الخارجي، وإنجاز الأعمال المطلوبة من المواطنين، خصوصًا التعاملات التي يلزمها التواصل عبر الإنترنت.
ويعمد بعض سكان المناطق الحدودية في سيناء إلى استعمال شرائح اتصال "إسرائيلية" كالسيلكوم والأورانج، وفلسطينية كشريحة جوال، إلا أن مصادر قبلية أكدت أن التواصل بشرائح إسرائيلية يعرّض صاحبها للقتل على يد "تنظيم ولاية سيناء" كما حصل في حالات عدة خلال الأشهر الماضية، بينما التواصل بشريحة اتصال فلسطينية يعرض صاحبها للاعتقال لدى قوات الأمن بزعم مشاركته في عمليات التهريب من وإلى غزة.
ويحتاج سكان مدينتي رفح والشيخ زويد للاتصالات بشكل إضافي عن بقية المواطنين في المحافظات الأخرى في ظل تشتّت العائلات بين نازحين ومصابين ومفقودين في مناطق العريش وبئر العبد والإسماعيلية.
وهنا يقع المواطن السيناوي بين فقدان الاتصال مع الأهل المشتتين والمصابين، والذين اضطروا إلى السكن في محافظات القاهرة والإسكندرية؛ نظرًا لطبيعة العمل والهروب من الواقع الصعب في سيناء، وبين البدائل الخطيرة التي قد تكلفه حياته، كالذهاب لمناطق مرتفعة، أو استخدام شرائح فلسطينية أو إسرائيلية.
ولطالما اشتكى سكان سيناء من انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت عن مناطق سكناهم، لكن لا تقابل مطالبتهم الحثيثة لحق كل مواطن من قبل الجهات المختصة في محافظة شمال سيناء، والحكومة المصرية، وهي أطراف لديها الصورة الكاملة عن تسبُّب قوات الأمن في انقطاع وتوقيف متعمد لشبكات الاتصال والإنترنت.
ويشار إلى أن الجيش والمخابرات تعمّدا إيقاف شبكات المحمول عن العمل في سيناء بعد شهور من الانقلاب العسكري في يوليو 2013، بينما يتم تعطيل الشبكات لساعات طويلة تصل إلى 48 ساعة متواصلة عن بقية مناطق سيناء وخصوصًا مدينة العريش التي تشهد تركزًا سكانيًا كبيرًا.
ولا يختلف حال المواطن جهاد فارس عن الحاجة اسعيد، والذي لم يتمكن من الاطمئنان على شقيقته التي تعالَج في أحد مستشفيات مدينة الإسماعيلية منذ عدة أسابيع بعد إصابتها برصاص الجيش في مدينة رفح.
ويقول الثلاثيني فارس في حديثه لـ"العربي الجديد" لا يمكن لي الاطمئنان على شقيقتي المصابة بشكل دائم، إذ أضطر إلى الذهاب لمدينة العريش أو الاتجاه نحو مدينة رفح، للاتصال بها للتعرف على تطور وضعها الصحي.
ويضيف: "لا أدري في عام 2017 منطقة يعيش بها آلاف السكان لا يتواجد بها شبكات اتصالات وإنترنت، وكأننا في العصور الوسطى، لمصلحة منْ يتم قهر المواطنين وحرمانهم من أبسط حقوقهم الآدمية بالتواصل مع بقية الناس"!
وتضاف أزمة الاتصالات إلى أزمات الكهرباء والمياه التي تعصف بسيناء منذ عدة سنوات التي تلت الانقلاب العسكري، مما يرفع أسهم المخطط المنوي تنفيذه بإجبار المواطنين على ترْك مناطق سيناء، بشتى الوسائل الممكنة ابتداء بالقوة وليس انتهاءً بقطع الاتصالات والإنترنت.
وتعيش مناطق شمال ووسط سيناء أوضاعًا أمنية متدهورة منذ 4 سنوات، خسر خلالها الجيش المصري مئات الجنود، وسقط آلاف المدنيين بين قتيل وجريح ومعتقل، فيما تقطن في سيناء عدة قبائل كبيرة العدد، أهمها الترابين والرميلات والسواركة وغيرها.