وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً "فيسبوك" الذي يعتبر المنصة الأكثر حضوراً بين الفلسطينيين تداولاً واسعاً لخطاب يحض على الكراهية إلى جانب نشر المعلومات والأخبار والصور ومقاطع الفيديو المنسوبة إلى هذا التيار وذاك دون التأكد من صحتها.
وخلال الأيام القليلة الماضية، رصد "العربي الجديد" عشرات الحالات لناشطين فلسطينيين بمواقع التواصل الاجتماعي تداولوا فيما بينهم صوراً منسوبة لتعذيب متظاهرين لدى أجهزة الأمن في غزة والتي اتضح أن عدداً منها يعود إلى بعض الدول العربية.
وتداول الناشطون صوراً تظهر تعذيباً لأحد السجناء، واتضح فيما بعد أن مصدرها دولة العراق، فيما نسبت صورة تظهر إحدى الطالبات وقد تعرضت للضرب في عينها وتبين لاحقا انها لفتاة مصرية وليست لفتاة من قطاع غزة ويعود وقت نشرها لأكثر من عام.
إلى جانب صور لعدد كبير من الموقوفين اتضح أن مصدرها يعود إلى دولة أخرى، فضلاً عن تناول صور لعناصر من الشرطة والأمن واتضح فيما بعد أنها تعود إلى أحداث الانقسام الفلسطيني الداخلي عام 2007 بين فتح وحماس.
وعلى الزاوية الأخرى، تداول الناشطون المحسوبون على حركة حماس صوراً وتسجيلات صوتية اتضح أن كثيراً منها قديم، للدفاع عن أجهزة الأمن في غزة ولإثبات وجود مؤامرة تحاك ضد استقرار القطاع من قبل جهات محسوبة على السلطة الفلسطينية.
ويقول الباحث في الشأن الدعائي حيدر المصدر، إن مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص "فيسبوك"، في المجتمع الفلسطيني تتحول لتعبير عن سيرورة الواقع من فعلي لافتراضي عبر انتقال المشاكل والأزمات إليها.
ويضيف المصدر، لـ "العربي الجديد"، أن مواقع التواصل وخلال الأزمة الأخيرة انتقل إليها التراشق والسباب بالشتائم وبات الواقع سيئاً، إذ وصلت الحالة إلى مرحلة الانقسام الحاد الذي ألقى بظلاله على المجتمع وهو ما يعبر عنه من خلال هذه المنصات.
والأفراد تحولوا عبر هذه المواقع إلى مكينة دعائية قائمة بذاتها يعبرون من خلالها عن أيدولوجياتها المختلفة بطرق متنوعة، وهو ما اتضح بصورة جلية في خطاب الكراهية الذي انتشر بشكلٍ كبير للعيان عبر وسائل وأساليب مختلفة، وفق المصدر.
ويشير إلى أنه خلال الأزمة "شهدنا سلوكيات وأساليب متعددة للكراهية اتضحت من خلال إلغاء الصداقات بين مستخدمي فيسبوك وحجب وإلغاء المتابعات فضلاً عن الصور وانتشار الإشاعات واستكمال جميع صنوف أشكال الدعاية التي لا يمكن حصرها بشكل من الأشكال".
ويعتبر الباحث في الشأن الدعائي أن ما جرى عزز من حالة الانقسام وأعاده لنقطة الصفر وجعل الوضع الاجتماعي شديد الحساسية، وهو الأمر الذي يستفيد منه الاحتلال الإسرائيلي وأي كيان يتربص بالحالة الفلسطينية الداخلية.
واستغلال بعض الفصائل الفلسطينية للأحداث وتداول معلومات خاطئة، وفق المصدر، كشف هو الآخر حالة الضعف الكبير وأتت حالة من الفوضى المعلوماتية في ظل عدم وجود سعي من مختلف الأطراف للتأكد من صحة هذه المعلومات.
ولمعالجتها وضبط حالة التراشق الإعلامي والخطاب السياسي، يلزم القيام بحملات توعية ودفع المستخدمين لضبط الخطاب وتخفيف حدة خطاب الكراهية، مع الإشارة إلى أن الأمر ورغم تراجع حدته فإن آثاره باقية، كما يرى المصدر.
ولم يغب عن الأزمة استغلال الصفحات المحسوبة على كل طرف للأحداث لترويج مقاطع صور وفيديو تدين الطرف الآخر، إذ كان ملحوظاً ولافتاً للأنظار استخدام الكثير من الصفحات أسلوب الإعلان الممول عبر "فيسبوك" لترويج هذه المعلومات والبيانات.
في الأثناء، يقول المختص في وسائل التواصل الاجتماعي خالد صافي، إن حالة التحشيد الكبيرة كانت واضحة وبادية من قبل الأحزاب المتناحرة وحتى من الأفراد والأشخاص العاديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات المختلفة.
ويوضح صافي لـ "العربي الجديد" أنه كان لافتاً للأنظار حالة نقل الصور والأحداث الجارية أولاً بأول الأمر الذي جعلها تحظى بحالة اهتمام عالية وجعل الأخبار تتناقل إلى جانب وجود كمية من الإشاعات والأخبار المفبركة التي جرى تداولها عبر الصفحات والحسابات المختلفة.
على ما يبدو أن هناك إعدادا مسبقا للمواد وتجهيزا سريعا في غرف تحرير لها أو مناطق تغريد تهتم بحشد أكبر ممكن من الرصد والمتابعة والنشر وفي نفس الوقت تغيير ما يجري على الواقع حسبما يناسب فكر التنظيم أو الحزب، وفق صافي..
ويشير المختص في وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنه كان واضحاً بروز سيل من المعلومات المغلوطة والسبب في ذلك سعي كل فصيل إلى أحذ الجمهور إلى مربعه وإقناعه بوجهة نظره وكان هناك رؤية واحدة للأحداث من زاوية كل تنظيم.
ويشدد على أن تضارب الأخبار كان واضحاً وكان هناك تجيير للأحداث حسبما يراه الفصيل ومناصروه إلى جانب القطبية التي كانت حاضرة على منصات التواصل الاجتماعي إذ انتقلت من الميدان للواقع الافتراضي عدا عن خطاب الكراهية.
ويضيف: "كفلسطينيين نحتاج لمنصة مستقلة تجميعية تقدر ما ينشر أو ما لا ينشر فعلى سبيل المثال قد يكون بعض المنشور يتضمن معلومات صحيحة وأحداثا قد جرت إلا أن المسؤولية الاجتماعية يتوجب عدم نشرها في إطار خدمة الصالح العام".