ما كان صعباً تخيّله أضحى واقعاً بشروع الإعلام السعودي والصحافة في الآونة الماضية بانفتاح قل مثيله تاريخياً إزاء التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في بادرة عميقة الدلالة، تعدّ الأولى من نوعها في شكلها العلني والصريح، لينحرف الإعلام عن مساره التقليدي في عدم الخوض في أتون الصراع العربي الإسرائيلي لصالح التطبيع أو مناصرته.
ويعتقد أن تطبيعاً بين الدولتين (المملكة العربية السعودية والاحتلال الإسرائيلي)، من دون تمهيد إعلامي، سيفضي في نهاية الأمر إلى رفض تام له من قبل المجتمع لما سيمثله من صدمة له.
وكانت سياسة المملكة قد شهدت تبدلاً، بوتيرة سريعة، في عهد رسم سياستها الخارجية من ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إذ يرى عديدون أن خطوة كهذه تعدّ تنازلاً في ظل الصراع العربي الإسرائيلي ووأداً للمبادرة العربية التي تبنتها السعودية.
وطفح الإعلام المرئي من محطات محسوبة على الدولة، في الأيام القليلة الماضية، بأصوات منادية، في بادرة معلومة المقصد، عبر برامج ذات نسب مشاهدة عالية، بالتطبيع العلني مع تل أبيب. إذ بادر مقدّم برنامج "أكشن يا دوري"، وليد الفراج، بتأييد وجود لاعبين إسرائيليين في بطولة العالم للشطرنج في الرياض، في تعبير ضمني على موافقة الدولة على استضافتهم، نهاية الشهر الحالي.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد أعلنت أن اللاعبين قد تقدموا بالفعل للقنصليات السعودية في أوروبا للحصول على تأشيرات لهم.
أما مقدّم البرامج، أحمد العرفج، فذكر أن قطع العلاقات مع إسرائيل "غير مجدٍ"، مؤكداً أن العدو في الواجهة يتمثل في إيران ودول أخرى، وأن القضية الفلسطينية أضحت في المركز الثاني في اهتمامات الناس.
وكانت الصحافة قد أولت اهتماماً أكبر إزاء التطبيع، ما أسقط أقنعة عديدة عن كتّاب وصحافيين كثر، إذ طالب بعضهم بتمثيل دبلوماسي رفيع المستوى بين البلدين، بينما قال آخرون إن القضية الفلسطينية ليست قضية المملكة ويتحتم على المملكة تجريب السلام مع إسرائيل.
أما "تويتر" فشغل بدوره الحيّز الأكبر، إذ بادر الصحافي السعودي، تركي الحمد، بالقول إن القدس لم تعد القضية، وإنها أعطت شرعنة مزيفة لتحركات البعض، واتهم الشعب الفلسطيني بـ "التخلي عن قضيته وبيعها".
ومهد آخرون للتطبيع بسبيل آخر عبر بوابة السياحة، كالكاتب الاقتصادي، حمزة السالم، الذي قال إن إسرائيل ستكون الوجهة الأولى للسائح السعودي لما تكتنزه من أماكن ومزارات تستحق الزيارة، مطالباً بتوقيع اتفاقية سلام معها.
ويسوّق الإعلاميون السعوديون القضية الفلسطينية كشأن داخلي فلسطيني لا يتوجب للسعودية الخوض فيه. ولزمت الدولة، ممثلة بوزارة الإعلام، الصمت إزاء هذه الأصوات العلنية، لتزيد من التكهنات التي تفضي إلى تأييد ضمني لها، ويتوقع أن ترتفع هذا الأصوات مع اقتراب بطولة العالم للشطرنج وتواجد إسرائيليين رسمياً على الأراضي السعودية.
وقبل أسبوعين أيضاً، استضافت "مؤسسة مسك الخيرية"، التابعة للأمير محمد بن سلمان، المدون الإسرائيلي بن تسيون سبيت الذي زار أماكن عدة في المملكة، ونشر صوراً منها على "إنستاغرام". بينما قامت صحيفة "إيلاف" الإلكترونية المقربة من صانعي القرار، بإجراء لقاء صحافي مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت.
لكن المغردين سبحوا في اتجاه معاكس للدولة. إذ قام العديد منهم، ممن لم يتم إسكات أصواتهم إلى الآن، بالرفض القطعي لأي تطبيع مع تل أبيب. كما هاجم مغردون سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة في عهد بن سلمان، مردفين بأن ذلك لا يعبر عن رأي الشعب الرافض لهذه الخطوات.
يرى مراقبون في هذا الصدد أن الأصوات العلنية المنادية بالتطبيع ليست بريئة، ولا يمكن فصلها عن سياق التنازلات التي تقدمها المملكة لترامب وصهره، المستشار جاريد كوشنير، من أجل وصول محمد بن سلمان إلى العرش. ويستطرد هؤلاء أن المملكة ترتكب خطأ استراتيجياً فادحا بالتنازلات، ما يجعل الوصول إلى حل تسوية للنزاع القائم مستحيلاً. ويعتبرون أن موقف المملكة الآني لا يتوافق مع موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن موجة الخطوات المتسارعة لمحور الرياض – أبوظبي نحو التطبيع لم تنحصر في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بل شملت تصريحات مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى لوكالة "فرانس برس" أن الأمير السعودي، الذي زار تل أبيب قبل عدة شهور، هو ولي العهد، محمد بن سلمان، بالإضافة إلى التعاون السرّي في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
اقــرأ أيضاً
ويعتقد أن تطبيعاً بين الدولتين (المملكة العربية السعودية والاحتلال الإسرائيلي)، من دون تمهيد إعلامي، سيفضي في نهاية الأمر إلى رفض تام له من قبل المجتمع لما سيمثله من صدمة له.
وكانت سياسة المملكة قد شهدت تبدلاً، بوتيرة سريعة، في عهد رسم سياستها الخارجية من ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، إذ يرى عديدون أن خطوة كهذه تعدّ تنازلاً في ظل الصراع العربي الإسرائيلي ووأداً للمبادرة العربية التي تبنتها السعودية.
وطفح الإعلام المرئي من محطات محسوبة على الدولة، في الأيام القليلة الماضية، بأصوات منادية، في بادرة معلومة المقصد، عبر برامج ذات نسب مشاهدة عالية، بالتطبيع العلني مع تل أبيب. إذ بادر مقدّم برنامج "أكشن يا دوري"، وليد الفراج، بتأييد وجود لاعبين إسرائيليين في بطولة العالم للشطرنج في الرياض، في تعبير ضمني على موافقة الدولة على استضافتهم، نهاية الشهر الحالي.
وكانت الصحافة الإسرائيلية قد أعلنت أن اللاعبين قد تقدموا بالفعل للقنصليات السعودية في أوروبا للحصول على تأشيرات لهم.
Twitter Post
|
أما مقدّم البرامج، أحمد العرفج، فذكر أن قطع العلاقات مع إسرائيل "غير مجدٍ"، مؤكداً أن العدو في الواجهة يتمثل في إيران ودول أخرى، وأن القضية الفلسطينية أضحت في المركز الثاني في اهتمامات الناس.
Twitter Post
|
وكانت الصحافة قد أولت اهتماماً أكبر إزاء التطبيع، ما أسقط أقنعة عديدة عن كتّاب وصحافيين كثر، إذ طالب بعضهم بتمثيل دبلوماسي رفيع المستوى بين البلدين، بينما قال آخرون إن القضية الفلسطينية ليست قضية المملكة ويتحتم على المملكة تجريب السلام مع إسرائيل.
أما "تويتر" فشغل بدوره الحيّز الأكبر، إذ بادر الصحافي السعودي، تركي الحمد، بالقول إن القدس لم تعد القضية، وإنها أعطت شرعنة مزيفة لتحركات البعض، واتهم الشعب الفلسطيني بـ "التخلي عن قضيته وبيعها".
Twitter Post
|
ومهد آخرون للتطبيع بسبيل آخر عبر بوابة السياحة، كالكاتب الاقتصادي، حمزة السالم، الذي قال إن إسرائيل ستكون الوجهة الأولى للسائح السعودي لما تكتنزه من أماكن ومزارات تستحق الزيارة، مطالباً بتوقيع اتفاقية سلام معها.
Twitter Post
|
ويسوّق الإعلاميون السعوديون القضية الفلسطينية كشأن داخلي فلسطيني لا يتوجب للسعودية الخوض فيه. ولزمت الدولة، ممثلة بوزارة الإعلام، الصمت إزاء هذه الأصوات العلنية، لتزيد من التكهنات التي تفضي إلى تأييد ضمني لها، ويتوقع أن ترتفع هذا الأصوات مع اقتراب بطولة العالم للشطرنج وتواجد إسرائيليين رسمياً على الأراضي السعودية.
وقبل أسبوعين أيضاً، استضافت "مؤسسة مسك الخيرية"، التابعة للأمير محمد بن سلمان، المدون الإسرائيلي بن تسيون سبيت الذي زار أماكن عدة في المملكة، ونشر صوراً منها على "إنستاغرام". بينما قامت صحيفة "إيلاف" الإلكترونية المقربة من صانعي القرار، بإجراء لقاء صحافي مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي إيزنكوت.
Twitter Post
|
لكن المغردين سبحوا في اتجاه معاكس للدولة. إذ قام العديد منهم، ممن لم يتم إسكات أصواتهم إلى الآن، بالرفض القطعي لأي تطبيع مع تل أبيب. كما هاجم مغردون سياسة الانفتاح التي تنتهجها المملكة في عهد بن سلمان، مردفين بأن ذلك لا يعبر عن رأي الشعب الرافض لهذه الخطوات.
يرى مراقبون في هذا الصدد أن الأصوات العلنية المنادية بالتطبيع ليست بريئة، ولا يمكن فصلها عن سياق التنازلات التي تقدمها المملكة لترامب وصهره، المستشار جاريد كوشنير، من أجل وصول محمد بن سلمان إلى العرش. ويستطرد هؤلاء أن المملكة ترتكب خطأ استراتيجياً فادحا بالتنازلات، ما يجعل الوصول إلى حل تسوية للنزاع القائم مستحيلاً. ويعتبرون أن موقف المملكة الآني لا يتوافق مع موقفها التاريخي من القضية الفلسطينية.
ولا بدّ من الإشارة إلى أن موجة الخطوات المتسارعة لمحور الرياض – أبوظبي نحو التطبيع لم تنحصر في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بل شملت تصريحات مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى لوكالة "فرانس برس" أن الأمير السعودي، الذي زار تل أبيب قبل عدة شهور، هو ولي العهد، محمد بن سلمان، بالإضافة إلى التعاون السرّي في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية.