خلال مؤتمر صحافي عُقد في العاصمة الجزائرية، الأسبوع الماضي، هاجم مدرب المنتخب الجزائري، رابح ماجر، أحد أبرز الصحافيين الرياضيين في الجزائر، معمر جبور، وقال له "اسكت اسكت أنت عدو للمنتخب الوطني، اسكت" باللغة الفرنسية.
وأثار سلوك ماجر جدلاً كبيراً في الوسط الإعلامي الجزائري، على خلفية أسلوبه في الرد على الصحافيين، خاصة أن جبور وجّه السؤال إلى قائد المنتخب، اللاعب رياض محرز.
وقبل ذلك، طالب الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني"، جمال ولد عباس، أحد الناشطين بالصمت خلال تجمع سياسي، في إطار الحملة الدعائية للانتخابات البلدية المقررة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. وقال ولد عباس "اسكت يا الروخو"، بسبب مقاطعته له أكثر من مرة عند إلقائه كلمة أمام أنصار الحزب.
الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة له عدة سوابق في هذا السياق، إذ خلال الحملة التي خاضها في أغسطس/آب عام 1999 لإقرار قانون الوئام المدني، رد على أم مفقود طالبته بالكشف عن مصير ابنها وفتح ملف المفقودين بالقول "اسكتي واجلسي ابنك ليس في جيبي".
وفي الفترة نفسها، وصف بوتفليقة إحدى العجائز التي قاطعته خلال إلقائه خطبة سياسية بـ"الغولة"، إذ قال لها "اجلسي، انت الغولة". وخلال حملة الدعاية لصالح قانون المصالحة الوطنية عام 2005، ثار الرئيس الجزائري في وجه أحد مقاطعيه قائلاً "اسكت".
يعزو محللون مثل هذا الانفلات اللفظي من قبل المسؤولين في الجزائر إلى حالة فقدان الأعصاب من جهة، ومحاولة المسؤولين استعمال السلطة المعنوية التي يتمتعون بها لقمع مخاطبيهم، وتسخيف طروحاتهم أو المواقف التي عبروا عنها، خاصة أن المسؤولين في الجزائر لم يتعودوا على مقاطعتهم من قبل الناس.
يقدر الأستاذ الجامعي حمزة هواري أن كلمة "اسكت" التي اعتمدها بوتفليقة نابعة من منطق الأبوية التي يمارسها في تدبير الشأن العام، وبمنطق رب العائلة، وهي نوع من الترهيب من أجل أن يشعر المواطن أن هيبة الدولة ما زلت قائمة وأنه وقت الحزم.
أما الحالات الأخرى التي عمد فيها مسؤولون جزائريون لإسكات مخاطبيهم فهي محاولة "لتكميم الأفواه بالعنف اللفظي وتأتي في سياق خطاب التخويف"، وأضاف هواري أن "خطاب المدرب ماجر العنيف ضد الصحافيين استمده من السلطة التي وضعته في ذاك المنصب هو يعلم تمام العلم انه مفروض من قبلها، لذا فهو يحتمي ويستخدم نفس اللغة".