"راديو الحي": الأثير ليس محجوراً

18 مارس 2020
تتّسع مساحة التعبير الحر عبر مشاركة مواد سمعية(حسين بيضون)
+ الخط -
شاشة بخلفية سوداء، نص تعريفي موجز، مساحة جانبية مخصصة للتشات، وسيْل من الموسيقى تقطعه بين الحين والآخر تعليقات بصوت من تتولّى أو يتولّى تشغيل الإذاعة. هذه التركيبة البسيطة جدّاً، تشكّل منصّة إلكترونية مستجدّة تحمل عنوان "راديو الحي"، بدأها مهندس تصميم الأنظمة؛ مجد شهابي، مع مجموعة من أصدقائه في بيروت، منذ أيام قليلة، قبل أن تتسع الدائرة خارج نطاق القطر اللبناني ليتشارك الشعلة عدد من الأصدقاء المتوزّعين في بلدان مختلفة.
تم إنشاء "راديو الحي" تماشياً مع إطلاق مشروع "راديو كوارتيرا" على يد مجموعة من الأصحاب في شمال غربي مدينة ميلانو الإيطالية، قرروا تحدّي حالة الحجر الصحّي من خلال خلق مساحة تفاعل افتراضية تسمح باستمرار تواصلهم بشكل فريد في ظل تفشّي أزمة فيروس كورونا محليا وعالميا. أما مجموعة راديو الحي البيروتية؛ فقد تكوّنت نواتها عبر السنوات القليلة الماضية من خلال لقاءات في "مانشن"، وهو فضاء ثقافي ومساحة عمل مشترك جمعت الأصدقاء في فعاليات منوّعة من موسيقى، مسرح، معارض، وقراءات تخللها تبادل للكثير من الأفكار.

اليوم، تتقاسم مجموعة الأصدقاء تلك إدارة البث الإذاعي لراديو الحي عبر استلامها، كل بدوره، من مكان إقامته في العالم. التنوّع العضوي هذا يضفي على "راديو الحي" عفوية لطيفة وتلقائية تامة في مواعيد البث، كما في تنوّع المحتوى الإذاعي. فقد يمسك شخص الأثير لبضع ساعات خلال النهار أو الليل بحسب تفرّغه، وأحيانا قد يحلو لشخص آخر إدارة الراديو لوقت أطول، كما حدث، إذ أدار أحد المضيفين الشباب البث من بيروت مدةّ اثنتي عشرة ساعة بدأت ليلا واستمرّت حتى منتصف نهار اليوم التالي. أمّا محتوى البث فغالبا ما يكون عبارة عن عرض من تسجيلات لأنماط موسيقية مختلفة، أكثرها أغانٍ لفنّانين عرب معاصرين شعبيين أو مستقلّين، بالإضافة لأغنيات لفنّانين من القرن الماضي. إلا أن ما يجعل من "راديو الحي" مبادرة مميزة، هو أنه فضاء للمشاركة الحرّة لمديري البث الإذاعي ومستمعيه على حد سواء.


(لقطة الشاشة من موقع راديو الحي)

فدور المضيف في "راديو الحي" لا ينحصر في أطر الدور التقليدي للمضيف الإذاعي، إذ يتعدّى مهمة ربط الفقرات أو تقديم البرامج إلى فتح الهواء أمام تبادل الطرف والأحجيات ما بين المستمعين، فلمديري البث الحرية الكاملة في اختيار محتوى العرض وادارته على طريقته الخاصة.

ولمستمعي "راديو الحي" حصّة أيضاً في المساهمة باختيار وتوجيه محتوى البث، إذ تتسّع مساحة التعبير الحر عبر مشاركة مواد سمعية منوّعة يمكن أن تكون من أرشيف موسيقي قديم أو رسائل صوتية بأصوات المستمعين أنفسهم تتراوح ما بين الرسائل ذات المضمون الشخصي إلى القراءات الشعرية وغيرها.


يوفّر "راديو الحي" لتلك الغاية رابطا لرفع المواد السمعية عبر تطبيق dropbox أو في بعض الأحيان يتم الأمر عبر مشاركة مضيفة أو مضيف البثّ لرقم هاتف معرّف على تطبيق واتساب لاستقبال المواد الصوتية الخاصة. ويمكن للراغبين باستلام البث الإذاعي التنسيق مع مؤسس المشروع مجد الشهابي عبر موقع الراديو نفسه. بذلك يستمر "راديو الحي" بالبث طالما يتوفّر من يدير الإذاعة، وقد يستمر المشروع لما بعد انحسار الأزمة بحسب نسبة الإقبال والانتشار. فخريطة مستمعي ومديري الإذاعة ليست ثابتة إذ تتغيّر بحسب أوقات النهار لتتوزّع ما بين مصر، لبنان، تركيا، فرنسا، هولندا، كندا وإنكلترا، سويسرا وغيرها. حتى الساعة، يتواصل عرض الموسيقى والأغنيات والتحيّات الصوتية بين الأصدقاء عبر حدود الأقطار المغلقة حتى اشعار آخر، إذ يقول النص التعريفي في الصفحة الرئيسية لراديو الحي "رح تسمعونا عم نسلّم على أصدقاءنا، ب بيروت وخارجها. وعم نوزّع حب يمين وشمال. لأنّا كلنا بحاجة لحب هي الأيّام... على وتيرة بطيئة، تعوا نسمع".