"هدفنا هذا الموسم أن نبقى في منطقة الأمان. لقد فعلنا هذا. والآن علينا أن نستمتع، وأن نتعامل بكل مباراة كأنها الأخيرة"، بهذه الكلمات الهادئة بدأ كلاوديو رانييري حديثه، بعد الفوز الثمين الذي حققه ليستر على مان سيتي فوق أرضية ملعب الاتحاد، في قمة الصدارة لهذا الأسبوع من الدوري الإنجليزي، ليؤكد الفريق المتواضع صيتا وتاريخا أنه سينافس على اللقب حتى النهاية، خصوصا عندما ختم مدربه كلامه قائلا، علينا أن نستمتع فقط، بعيدا عن أي ضغوطات أو تعقيدات، مع الكثير من الثقة، من جولة إلى أخرى.
الأكثر تنافسية والأسهل..؟
لا يختلف اثنان على أن الدوري الإنجليزي هو الأكثر تنافسية، خلال السنوات الأخيرة في أوروبا. فرق بنفس المستوى، لا منافس ضعيفا، ولا ملعب متواضعا، وبالتالي وصل البريمرليغ إلى مكانة إعلامية وجماهيرية مرموقة وسط البطولات الأخرى. لكن البطولة الإنجليزية ليست بالصعبة أو المعقدة على مستوى التكتيك، وفي الشق الخاص بالفنيات!
يتحدث سيسك فابريغاس، في حوار قديم مع الغارديان، عن الفروقات بين البريمرليغ والليغا، ويؤكد أن المساحات أكبر في إنجلترا، لذلك من الممكن كسب منطقة مهمة، عن طريق التمريرات الذكية والتمركز الإيجابي. بينما يذهب كيكي فلوريس، مدرب واتفورد الحالي، وأحد أهم المدربين في الدوري الإنجليزي مؤخرا، عن الاختلافات الفنية بين البطولة الأهم في بريطانيا وبين بقية الدوريات في أوروبا.
تكتيك أكثر في إسبانيا مقابل سرعة أكبر في إنجلترا، هكذا يشرح كيكي وجهة نظره، مؤكدا أن لعبة "التحولات" هي الأنجح في البريمر، وبالتالي كلما نجحت في جعل فريقك متحدا، وتفوقت في نقطة غلق الفراغات قدر المستطاع، حققت نقاطا أكثر في الدوري. وبالعودة إلى فريق واتفورد، سنلاحظ تطبيق هذه الكلمات على أرض الواقع، لأن كتيبة فلوريس لا تهاجم كثيرا، لكنها تعرف كيف تغلق معظم الطرق إلى مرماها، وهذا ما توصل إليه رانييري بعد سنوات طويلة في مختلف ملاعب القارة العجوز.
واقعية الطليان
القصد هنا ليس أبدا قوة دفاع ليستر فقط، فالفريق المتصدر دخل مرماه 27 هدفا حتى الآن، رقم لا يضعه أبدا في صدارة الشباك العذراء، لكن المتابع الجيد لهذه المجموعة، سيدرك حتما أن كلاوديو يعمل بجهد خلال الفترة الأخيرة، من أجل ضبط البوصلة الدفاعية، لذلك في آخر 7 مباريات من الدوري، دخل مرمى ليستر هدفان فقط، أمام أستون فيلا والسيتي، بينما حافظ على نظافة شباكه أمام فرق بحجم ليفربول، ستوك، توتنهام، وبورنموث.
لم يخترع الإيطالي طريقة لعب جديدة، كذلك هو ليس بالمبتكر كبيب غوارديولا مثلا، أو صاحب أسلوب أداء خاص مثل كلوب، كذلك لا يجيد حرب العقليات كمورينيو، لكنه رجل هادئ، كبير في السن، يعمل دائما في الظل، يعرف قدره جيدا، ويحاول التطور كلما أتيحت له الفرصة.
مع ليستر، الفريق لا يقدم كرة معقدة أو مختلفة، لكن كل لاعب يحفظ واجباته جيدا، يتحرك ككتلة واحدة، سواء في الدفاع أو الهجوم، مع تضييق الفراغات بين الخطوط في الحالة الدفاعية، ثم الهجوم السريع المنظم عندما يحصلون على الكرة، مجموعة تلعب الكرة بسرعة في شكل جماعي واضح.
مرر إلى محرز
"حينما تستلم الكرة، مررها مباشرة إلى غارينشا، الكرة الثانية يجب أن تكون للجناح"، يقول فيولا مدرب البرازيل 1958 هذا الكلام إلى ديدي الذي يقوم بعمل التحول السريع ناحية الجناح غارينشا، اللاعب المهاري هو الأهم في تشكيلة السامبا، ومع الفارق بكل تأكيد، ينظر فريق ليستر إلى الدولي الجزائري رياض محرز، وكأنه منفذ كافة الأحلام، فيما يتعلق بالشق الهجومي في الثلث الأخير.
خلطة سهلة للغاية
يلعب ليستر بخطة 4-4-2، رباعي دفاعي لا يعرف التمرير، وفي الأغلب لا يبني الهجمة من الخلف بسهولة، لكنه يمتاز بثنائي محوري بارع في قطع الكرات، مع ثنائي آخر يمرر كثيرا للأمام، فوكس وألبرايتون هما المنفذان لمعظم هجمات الفريق، مع معاونة دائمة من درينكووتر في العمق، والياباني أوكازاكي في الهجوم.
مع التحول من الدفاع إلى الهجوم، يمرر اللاعبون كرات سريعة بشكل عمودي، والهدف في النهاية بين أقدام رياض، اللاعب الأمهر في التشكيلة، والنجم القادر على صنع الفارق في الفراغات، لذلك يحصل الجزائري على الطرف دائما، في أبعد نقطة ممكنة عن دفاع المنافس، حتى يقطع باستمرار في العمق بالتبادل مع الهداف جيمي فاردي، لعبة المرتدات قضت على السيتي تماما، وهدف رياض في مرمى هارت خير دليل.
"اللعب دون فلسفة"، هذه هي خلطة كلاوديو رانييري نحو المجد، كل لاعب في مركزه دون الكرة، وبمجرد الحصول عليها، ينطلق الجميع في مهمة واحدة نحو شباك الخصم، من أجل إيصال الهجمة إلى من يجيد فن الإنهاء. المشوار لا يزال طويلا، لكن الحلم ممكن تحويله إلى حقيقة في نهاية المسابقة.
اقرأ أيضا:10 معلومات قد لا تعرفها عن ليستر سيتي