سجل لوكا مودريتش هدف الفوز لريال مدريد أمام غرناطة. ريال زيدان لم يُقنع بعد خارج الديار، صحيح أنه يسجل أهدافاً بالجملة في البرنابيو، لكن الفريق يعاني بوضوح كلما ابتعد عن الكرة، لكن هذه الأمور الفنية تبدو طبيعية للغاية، خصوصاً أن المدرب الجديد لم يضع بصمته بعد مع المجموعة بشكل كلي، لكن يعيش النجم الكرواتي فترة تألق واضحة رفقة المايسترو الفرنسي ذي الأصول الجزائرية، في رحلة المنافسة مع الثنائي برشلونة وأتليتكو مدريد.
الموسيقار
كروياً، الكرواتي الموسيقار، لوكا مودريتش، بمثابة صانع اللعب الحديث، والنسخة الأكثر اكتمالاً في التكتيك، لأنه لاعب قادر على الحسم في الثلث الهجومي الأخير، إما بصناعة الأهداف أو تسجيلها بالتسديدات بعيدة المدى، بالإضافة إلى قوته غير العادية في منطقة الوسط، كارتكاز مساند قادر على أداء الشق الدفاعي، ومساندة زملائه في الضغط على لاعبي الخصم وحرمانهم من الكرة.
يقول جوناثان ويلسون عن صناع اللعب، إنه المركز الأكثر تعقيداً في اللعبة، ووفقاً لقوانين الكرة، يعتبر خوان رومان ريكلمي هو الكلاسيكي الأخير في صناعة الأهداف، لأنه يلعب وفق شخصيته الخاصة، ولا يعود كثيراً للدفاع، وبالتالي الأرجنتيني خارج عن أي تصنيف، لأنه يمارس الرياضة من منظوره هو فقط، دون الحاجة إلى تعقيدات أخرى.
مودريتش هو اللاعب المقابل لريكلمي، لأنه صانع لعب متعدد الاستخدامات، يمرر من الخلف، يعود إلى الدفاع، يتحول إلى ارتكاز صريح في بعض المباريات، ويصعد إلى قلب الهجوم في مباريات أخرى، لذلك يمثل الرقم 19 معظم مفاهيم أريجو ساكي التي تدور حول الشمولية، ولا عجب إطلاقاً من كونه أحد التروس الرئيسية في كتيبة أنشيلوتي تلميذ ساكي، والآن مع زيدان، مساعد كارلو في 2014.
مباراة الأولد ترافورد
من أجل توضيح أهمية مودريتش بشكل كلي، يجب العودة إلى دوري أبطال أوروبا موسم 2012-2013، آخر مواسم جوزيه مورينيو في إسبانيا، عندما تقابل الريال مع مانشستر يونايتد في إياب ثمن نهائي ذات الأذنين، وقتها كانت نتيجة الذهاب 1-1 في البرنابيو، وتقدم يونايتد على ملعبه بهدف مفاجئ دون سابق إنذار، قبل أن يُطرد ناني، وتنقلب المباراة رأساً على عقب.
لعب مورينيو بخطة 4-2-3-1، خطته المفضلة دون تغيير، لكن بعد الطرد، تجرأ البرتغالي وأخرج أربيلوا ليحل محله لوكا مودريتش، ويتحول سامي خضيرة من الارتكاز إلى الجهة اليمنى، ويلعب الملكي في الوقت المتبقي بثلاثي صريح من صناع اللعب، كاكا بالقرب من إيجواين، وأوزيل كجناح مائل لليمين، ولوكا مودريتش كلاعب حر في كل مكان بالملعب.
اكتفى الملكي بألونسو في منطقة الارتكاز الدفاعي، يقطع الإسباني الكرات قبل أن تصل إلى راموس وفاران، بينما صنع أوزيل جبهة هجومية على مقربة من خضيرة، أما كاكا فحاول فعل شيء بالثلث الهجومي، لكن كل هذا العمل تم تعطيله بسبب التكتل الشديد لمدافعي مانشستر أمام مرماه، فقط لوكا عرف الإجابة.
يختلف مودريتش عن البقية في كونه قادراً على صنع الخطورة من أماكن بعيدة عن المرمى، لذلك يعود بضع خطوات إلى الخلف، ويحصل على الكرات من مناطق قليلة الضغط، يتحرك بسرعته إلى الأمام، أو يلعب تمريرة طولية متقنة، وحينما تنعدم زوايا التمرير أمامه، يستخدم قدمه التي تعرف طريق المرمى جيداً. وفي هذه المباراة، وصل الريال إلى مبتغاه عن طريق تسديدة قوية من الكرواتي، قبل أن يضيف رونالدو هدف الفوز.
خامة مختلفة
افتقد ريال مدريد لسنوات طويلة لاعب وسط يعرف كيف يمرر في الفراغات الضيقة، ويضبط نسق المباريات المعقدة، بالإضافة إلى تغييره طريقة لعب الفريق في جزء من الثانية، ولوكا مودريتش هو الأفضل في هذا السياق، لذلك كلما انخفض مستوى الأسماء الإعلامية داخل التشكيلة، يظهر الكرواتي ويضيف الجزء الناقص، كما حدث أمام غرناطة في آخر مباراة في الليغا.
لم تصل كرات عديدة إلى كريم بنزيما، كذلك يعيش رونالدو فترة حرجة على مستوى الأداء الفني، بينما يمر خاميس رودريغز بفترة انخفاض واضحة، لذلك اتجهت كافة الأنظار إلى الثنائي إيسكو ولوكا، لكن هناك فارق كبير بين الثنائي، لأن الإسباني يراوغ كثيراً، يقطع مسافات طويلة، يتحرك في كل مكان، لكن دون نجاعة حقيقية أمام المرمى.
رقمياً، صنع لوكا 42 فرصة للتسجيل، هذا الموسم، في الدوري، وسجل هدفاً يتيماً يساوي ثلاث نقاط أمام غرناطة، الفريق الذي أحرج كتيبة النجوم، وفصل تماماً ثلاثي الهجوم عن بقية الفريق، ليظهر مودريتش دون سابق إنذار، ويسجل هدفاً فردياً 100%، ليستمر الريال في المنافسة على اللقب، مع شكر خاص ومضاعف للاعب "الأهم" في تكتيك زيزو.