بدأت على إثر ذلك القرار الأندية التونسية في استقطاب اللاعبين الجزائريين حتى بلغت نسبتهم 30 % من إجمالي اللاعبين الأجانب في الدوري التونسي لهذا الموسم، ووصل عددهم إلى سبعة لاعبين في الترجي التونسي على سبيل المثال، في انتظار نزيف أكبر مقرر في الميركاتو الصيفي المقبل بسبب عدم قدرة النوادي الجزائرية على الوفاء بالتزاماتها المالية مع لاعبيها.
شكوى الاتحاد الجزائري لم تجد صدى لدى الاتحاد الدولي، لأن الاتحاد التونسي لم يخترق القوانين، بل نفّذ توصية تم الاتفاق بشأنها في جمعية عمومية لاتحاد شمال أفريقيا الذي يضمّ كلّاً من تونس والجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا، كما أن الفيفا لا تتدخل في صلاحيات الاتحادات القارية والجهوية والمحلية، ما دامت غير منافية للوائح والقوانين، ولا تتدخل في تحديد سقف الانتقالات والحد من حرية اللاعبين في التنقل بين الأندية في مختلف البلدان ما دامت تحترم قوانين الصفقات الكروية، وتخضع لرخصة من الفيفا بعد استيفاء كلّ شروط الانتقالات.
أما شكاوى الأندية الجزائرية فهي في غير محلها أيضاً، لأن لا أحد فرض عليها الاستغناء عن لاعبيها لأندية تونسية تدفع مقابل ذلك أموالاً حتى ولو كانت قليلة مقارنة بقيمة اللاعبين الذين يتم تحويلهم بعد ذلك إلى أندية أوروبية بعشرة أضعاف سعر الاستقدام، من دون أن تحصل على إيرادات إضافية تفرضها قوانين فيفا عند تحويل نفس اللاعبين إلى أندية أوروبية في صفقات جديدة.
حجة النوادي الجزائرية المحتجة تستند إلى موافقة الاتحادية الجزائرية على توصية لم تستشر فيها الفرق ولا أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد الجزائري، لكنها التزمت الصمت لمدة عامين ولم تعترض على النزيف عند وقوعه في وقته.
الاتحاد الجزائري من جهته لم يقدّر جيداً موافقته على توصية اتحاد شمال أفريقيا، ولم يأخذ الاحتياطات اللازمة لحماية اللاعبين والأندية، ولم يستشر جمعيته العامة قبل الموافقة، ليجد نفسه في مأزق مع مسؤولي النوادي ومع اتحاد شمال أفريقيا، ثم مع فيفا التي راح يشتكي إليها من تداعيات قرار وافق عليه بنفسه، علماً أن الاتحاد الجزائري كان سبّاقاً في منع استقدام اللاعبين الأفارقة في وقت ما تشجيعاً للاعب المحلي، قبل أن يتراجع عن قراره من دون أن يتدخل فيفا، ويُعتبر ذلك قراراً عنصرياً منافياً للوائحها من منطلق احترامه قرارات الاتحادات في تحديد عدد اللاعبين الأجانب في كلّ دوري.
الاتحاد المصري من جهته يتوجّه نحو اعتماد توصية اتحاد شمال أفريقيا باعتبار لاعبيه محليين لا يخضعون لشروط ولوائح اللاعبين الأجانب، ما سيعقّد وضعية الأندية الجزائرية التي ستفقد كثيراً من لاعبيها في ظل المتاعب المادية التي تتخبط فيها وتفرض عليها بيع لاعبيها من أجل الحصول على موارد مالية تسمح لها بتجاوز أزمتها، أما الجامعة الملكية لكرة القدم فقد فضّلت التريث قبل اعتماد القانون الذي يصنف لاعبي شمال أفريقيا محليين مهما كان عددهم، على الرغم من أن الأمر يخدم أنديتهم، خاصة التي تخوض المسابقات القارية للأندية، لكن في المقابل لا يخدم المواهب المغربية الشابة التي تجد أبواب الفريق الأول مغلقة في وجوهها.
نفس السبب دفع بعض الأندية التونسية إلى الاعتراض الشديد على قرار الاتحاد التونسي بسبب عدم قدرتها على مسايرة ريتم الترجي والنجم الساحلي التونسي مادياً في عملية استقدام مزيد من اللاعبين من شمال أفريقيا من دون قيد أو شرط، بكلّ تداعياته على اللاعب المحلي التونسي وعلى مختلف المنتخبات الشبابية، في وقتٍ يعتبر الاتحاد التونسي كلّ صفقات اللاعبين الجزائريين نحو تونس قانونية تلقت شهادة التحويل الدولية التي يفرضها فيفا طبقاً للوائحه.
الكرة الآن في مرمى الاتحاد الجزائري المطالب بالدعوة إلى جمعية عمومية طارئة لاتحاد شمال أفريقيا لأجل إلغاء قرار تصنيف لاعبي شمال أفريقيا كمحليين، ثم في مرمى الأندية الجزائرية المطالبة بالحفاظ على لاعبيها وعدم تحويلهم إلى تونس مقابل مبالغ زهيدة، أو مطالبة الاتحادية والسلطات العمومية بدعمها مادياً للوفاء بالتزاماتها مع لاعبيها الذين يشتكون من تقصير الأندية في دفع رواتبهم لعدة أشهر، ما يدفعهم للمغادرة إلى دوريات الجيران في تونس والمغرب ومصر بحثاً عن لقمة العيش.