من يراقب تعاقدات برشلونة في فترة الانتقالات الصيفية يمكنه اكتشاف أن المدرب الإسباني لويس إنريكي يملك رؤية مُميزة للمستقبل، حتى إنه يبني فريق "الأحلام" الذي سيقود النادي "الكتالوني" بعد رحيل واعتزال النجوم العملاقة.
قبل انطلاق الموسم الجديد انتقد بعضهم طريقة لعب برشلونة وتعرض إنريكي للكثير من الضغط، السبب الأول لتذبذب أداء النادي "الكتالوني" في فترة التحضيرات كان دمج العناصر الشابة في التشكيلة بنسبة كبيرة، وهو الأمر الذي أثر كثيراً على المردود الفني لبطل إسبانيا، لكن السؤال هنا لماذا قرر إنريكي إشراك النجوم الشباب في هذا الوقت من الموسم؟
خلال ذهاب "السوبر" الإسباني، والذي انتهى بفوز برشلونة بهدفين نظيفين وضع عبرهما يديه على اللقب الأول له في هذا الموسم، اختار إنريكي تشكيلة كاملة من الصف الأول وترك مقاعد البدلاء للنجوم الشابة التي يقتصر دورها في هذا اللقاء على مراقبة خطوات الكبار والتعلم منهم طريقة لعب "البرسا".
عندما وصل إنريكي في موسم 2014-2015 لم يتمكن من صناعة التغيير كثيراً، تعاقد مع لاعبين كبار السن وعقودهم على مشارف الانتهاء مثل توماس فيرمالين، كلاوديو برافو، جيريمي ماتيو. تلقى إنريكي الكثير من الانتقادات بسبب عدم إبرامه صفقات كبيرة قبل انطلاق الموسم الكروي الجديد.
اعتقدت الأكثرية الساحقة من جماهير برشلونة أن إنريكي يُهدر المال على صفقات صغيرة لا تستحق أن تلعب مع برشلونة، لكن القلة لاحظت أن هذا الأمر كان مجرد مشروع على المدى القصير، وذلك بسبب العقوبة التي تعرض لها النادي "الكتالوني" وحرمته التعاقد مع أي لاعب في فترتي الانتقالات الشتوية 2014-2015 والصيفية 2015.
لذلك قام إنريكي بالتعاقد مع لاعبين ناضجين قادرين على صناعة النجاح والإنجازات في موسم 2014 - 2015، وعلى أقل تقدير حتى انتهاء عقوبة برشلونة، وأحد مفاتيح النجاح كان الحفاظ على البرازيلي داني ألفيش الذي كان يُفكر بمغادرة "البرسا" آنذاك، وفي نهاية الموسم حصد برشلونة سبعة ألقاب، من بينها ثلاثية موسم 2014-2015.
مرحلة ما بعد العقوبة
الآن، وبعد أن حقق برشلونة الثلاثية التاريخية في موسم 2014-2015 وحصد سبعة ألقاب في عام واحد، بدأت مرحلة مشروع المدى الطويل والأمر بدا واضحاً قبل انطلاق الموسم الكروي الجديد، إذ إن لاعبين كبار السن مثل داني ألفيش، فيرمالين أدريانو تركوا النادي "الكتالوني"، وعوض إنريكي غياب هؤلاء النجوم بلاعبين صغار أعمارهم تراوح بين 20 و23 سنة فقط.
تعاقد إنريكي مع لاعبين شباب قادرين على صناعة الفارق في الموسم الحالي، وفي الوقت نفسه مجموعة ستتعلم من النجوم وتكتسب الخبرة المطلوبة لكي تقود سفينة "البرسا" في المستقبل عندما تغادر النجوم أو تعتزل كرة القدم نهائياً. وهذه النجوم الشابة لن تكون أساسية في تشكيلة برشلونة، لكنها ستندمج مع المجموعة بشكل كبير.
ويسير لويس إنريكي على خطى بيب غوارديولا في البناء، إذ إن الأخير عندما استلم تدريب برشلونة قام باستبعاد نجوم مثل رونالدينيو وديكو وصعّد سيرجيو بوسكيتس وبيدرو إلى الفريق الأول.
تعاقد إنريكي مع لوكا دينيي، أومتيتي، أندري غوميش، واستعاد دينيس سواريز، وأصبح يمنح فرصة أكبر لنجوم "لامسيا" مثل منير الحدادي وسيرجي روبيرتو، الأمر الذي يمنح برشلونة تشكيلة ثانية من الشباب التي تكتسب الخبرة مع الوقت وأصبحت على مسافة قريبة من النجوم على صعيد النجومية.
وبهذه الطريقة ينسخ إنريكي طريقة غوارديولا التي صنعت الأمجاد الكروية لبرشلونة آنذاك، ويحضر لفترة ذهبية ستكون مثيرة ومدهشة في المستقبل تستحق انتظارها لرؤية هذا المشروع على أرض الملعب.