"قاتلوا وقد تموتون، اهربوا وستعيشون.. على الأقلّ لفترة، وحين تصبحونَ على فراشِ الموت بعد سنوات، ستريدون استبدال كلّ تلك الأيام بهذا اليوم من أجلِ هذه الفرصة. فرصة واحدة للرجوع والقول للعدو إنه يمكنك سلب أرواحنا لكن لا يمكن سلب حريتنا".
عبارة جميلة قد ترفع نسبة الأدرينالين لدى أي إنسان، تجعله يشعر بالحماسة الشديدة للقيام بأي مهمة، وقد تحفز الرياضيين لتقديم مستوى مميز. هي من دون شك كلماتٌ لا يمكن نسيانها أبداً، رددها الممثل ميل غيبسون في فيلم القلب الشجاع أو كما هو معروفٌ "بريف هارت"، حين جسّد شخصية البطل التاريخي ويليام والاس.
لا علاقة لكرة القدم حتى اللحظة بما كُتب في الفقرتين السابقتين، لكن بعض المدربين قد يستخدمون مثل هذه الجمل التحفيزية قبل المباريات الكبيرة، أو في الظروف الصعبة، حين تبدأ المعاناة خلال الموسم بعد سلسلة من الهزائم.
المدربون الكبار قد يعيشون في بعض الأوقات أياماً صعبة، فلم تكن كلّ أوقات أريغو ساكي مثلاً مليئة دائماً بالألقاب والأفراح، فقد خسر نهائي 1994 وحمّله البعض مسؤولية ذلك، ومثله سقط يوهان كرويف مع فريق الحلم بنهائي الأبطال أمام ميلان، والأخير مع كارلو أنشيلوتي خسر نهائي دوري أبطال أوروبا 2005 أمام ليفربول بعدما كان متقدماً بثلاثية نظيفة.
اليوم سيكون حديثنا عن جوزيه مورينيو وما يحصل معه في مانشستر يونايتد بعدما كان لسنواتٍ طويلة في القمة، حقق الألقاب حتى أطلق عليه لقب السبيشال وان، فهل سيحكي التاريخ عنه في المستقبل قصصاً تراجيدية؟ أم أن ما فعله سيُقص على شكل أحداثٍ ملحمية؟
في البداية، تعريف التراجيديا، هي عملٌ فني درامي يهدف إلى تصوير مأساةٍ قد تكون في بعض الأحيان مبنية على قصة تاريخية، وخلال المشاهد يتم استعراض أحداث محزنة ونهاية مؤسفة، لن نخوض أكثر في تفاصيل الكلمة ومعناها لأنها قد تختلف بين فيلسوف وآخر.
أما الملحمة فهي عبارة عن قصة بطولية تحكي تحركات الشعوب والقبائل والأشخاص، وتُعتبر نموذجاً إنسانياً يحتذى به، هي حقيقة مثبتة قد يغير الكاتب فيها بعض التفاصيل لكن لا يُمكنه إعطاء صفات خارقة للبطل، أي أن الملحمة مختلفة كلّ الاختلاف عن الأسطورة، التي غالباً ما تكون خاصة بالآلهة.
خلال الفيلم الشهير الذي يُجسد قصة ويليام والاس، يرفض البطل الإسكتلندي أعمال واضطهاد ملك إنكلترا إدوارد الأول، فيحاربه على طريقته الخاصة من خلال استخدام طرق قتال غير تقليدية، نظراً لضعف الإمكانيات التي كانت متوفرة لديه، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه في نهاية الأمر، ويُحكم عليه بالإعدام.
رغم موته بقي والاس رمزاً يدغدغ فكر الشعوب في الإصرار والقوة ورباطة الجأش، إضافة للتمتع بالصلابة في المواقف الصعبة، فقبل دقائق من موته، قال كلمة أخيرة مستخدماً كلّ قواه التي خارت جراء التعذيب والتنكيل به، فصاح "الحرية"، فكيف ستكون نهاية قصة مورينيو يا ترى؟
في فيلم والاس القلب الشجاع، يؤكد البطل للجميع أن الحرب خدعة وتخطيط كي تضرب وتوجع الخصم، وهذا ما امتاز به مورينيو لسنوات منذ بروزه في بورتو وتحقيقه لقب دوري أبطال أوروبا.
جوزيه المترجم السابق في برشلونة شقّ طريقه من خلال أسلوب لعب لم يكن معتاداً لدى العديد من المدربين في عالم كرة القدم، فاستطاع أن يصنع لنفسه بعدها قصراً عاجياً في تشلسي، ثم قاد إنتر ميلان إلى لقب دوري أبطال أوروبا بعد سنواتٍ طويلة من الغياب، وأثّر بالجميع هناك، حتى أن ملامح المدافع ماركو ماتيراتزي الحادة تبدلت حين رحل مورينيو، وأجهش بالبكاء.
في ريال مدريد عانى مورينيو بعدها وحاول تحقيق بعض النتائج الإيجابية، منها لقب الدوري، لكن المشاكل التي طاولته في غرف تبديل الملابس كان لها وقعٌ سلبي، وبعد عودته إلى تشلسي سارت الأمور بشكلٍ جيد قبل أن تسوء مجدداً.
مع تسلّم المهمة في مانشستر يونايتد باتت العيون شاخصة على ما سيقوم به مورينيو، هل سينجح في إيقاد شعلة أولد ترافورد التي انطفأت بعد رحيل السير أليكس فيرغسون؟ أم أن الفشل سيكون العنوان الأبرز كما حصل مع ديفيد مويس ولويس فان غال؟
بعد مباراة تشلسي ومانشستر يونايتد التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما على ملعب ستامفورد بريدج في لندن، وتسجيل البلوز هدفاً في آخر دقائق اللقاء، استفز مساعد المدرب ماوريسيو مورينيو. نظرات البرتغالي على مقاعد البدلاء كانت كفيلة بأن تُكتب فيها بعض بيوت الشعر، عيون جوزيه وتحركه بعد ذلك يؤكدان أن الرجل لا يزال يتمتع بالقوة.
على العموم، ربما على مورينيو العودة إلى شخصية ذلك الرجل المحفز والقادر على إخراج أفضل ما في لاعبيه والابتكار من جديد، ربما عليه أن يعود القائد المحبوب في داخل غرف الملابس مع العلم أنه لم يحمّل يوماً المسؤولية للاعبين حتى حين كان الفريق يخسر، كان دائماً يخرج للقول "أنا من يتحمل أعباء ما حصل"، هي التضحية ربما.
اقــرأ أيضاً
على مورينيو أن يدفع بول بوغبا للعب من أجله، أن يعيد روميلو لوكاكو إلى آلة تهديفية، وأن يزرع الثقة مجدداً في نفوس مدافعيه وحارسه دافيد دي خيا، حينها ستكون نهاية البرتغالي ملحمية وسيخلد اسمه طويلاً، وهو يفضل ذلك على أن تكون كلمة الختام في مسيرة مورينيو التدريبية بعد سنوات "تراجيديا برتغالية في الملاعب الأوروبية".
عبارة جميلة قد ترفع نسبة الأدرينالين لدى أي إنسان، تجعله يشعر بالحماسة الشديدة للقيام بأي مهمة، وقد تحفز الرياضيين لتقديم مستوى مميز. هي من دون شك كلماتٌ لا يمكن نسيانها أبداً، رددها الممثل ميل غيبسون في فيلم القلب الشجاع أو كما هو معروفٌ "بريف هارت"، حين جسّد شخصية البطل التاريخي ويليام والاس.
لا علاقة لكرة القدم حتى اللحظة بما كُتب في الفقرتين السابقتين، لكن بعض المدربين قد يستخدمون مثل هذه الجمل التحفيزية قبل المباريات الكبيرة، أو في الظروف الصعبة، حين تبدأ المعاناة خلال الموسم بعد سلسلة من الهزائم.
المدربون الكبار قد يعيشون في بعض الأوقات أياماً صعبة، فلم تكن كلّ أوقات أريغو ساكي مثلاً مليئة دائماً بالألقاب والأفراح، فقد خسر نهائي 1994 وحمّله البعض مسؤولية ذلك، ومثله سقط يوهان كرويف مع فريق الحلم بنهائي الأبطال أمام ميلان، والأخير مع كارلو أنشيلوتي خسر نهائي دوري أبطال أوروبا 2005 أمام ليفربول بعدما كان متقدماً بثلاثية نظيفة.
اليوم سيكون حديثنا عن جوزيه مورينيو وما يحصل معه في مانشستر يونايتد بعدما كان لسنواتٍ طويلة في القمة، حقق الألقاب حتى أطلق عليه لقب السبيشال وان، فهل سيحكي التاريخ عنه في المستقبل قصصاً تراجيدية؟ أم أن ما فعله سيُقص على شكل أحداثٍ ملحمية؟
في البداية، تعريف التراجيديا، هي عملٌ فني درامي يهدف إلى تصوير مأساةٍ قد تكون في بعض الأحيان مبنية على قصة تاريخية، وخلال المشاهد يتم استعراض أحداث محزنة ونهاية مؤسفة، لن نخوض أكثر في تفاصيل الكلمة ومعناها لأنها قد تختلف بين فيلسوف وآخر.
أما الملحمة فهي عبارة عن قصة بطولية تحكي تحركات الشعوب والقبائل والأشخاص، وتُعتبر نموذجاً إنسانياً يحتذى به، هي حقيقة مثبتة قد يغير الكاتب فيها بعض التفاصيل لكن لا يُمكنه إعطاء صفات خارقة للبطل، أي أن الملحمة مختلفة كلّ الاختلاف عن الأسطورة، التي غالباً ما تكون خاصة بالآلهة.
خلال الفيلم الشهير الذي يُجسد قصة ويليام والاس، يرفض البطل الإسكتلندي أعمال واضطهاد ملك إنكلترا إدوارد الأول، فيحاربه على طريقته الخاصة من خلال استخدام طرق قتال غير تقليدية، نظراً لضعف الإمكانيات التي كانت متوفرة لديه، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه في نهاية الأمر، ويُحكم عليه بالإعدام.
رغم موته بقي والاس رمزاً يدغدغ فكر الشعوب في الإصرار والقوة ورباطة الجأش، إضافة للتمتع بالصلابة في المواقف الصعبة، فقبل دقائق من موته، قال كلمة أخيرة مستخدماً كلّ قواه التي خارت جراء التعذيب والتنكيل به، فصاح "الحرية"، فكيف ستكون نهاية قصة مورينيو يا ترى؟
في فيلم والاس القلب الشجاع، يؤكد البطل للجميع أن الحرب خدعة وتخطيط كي تضرب وتوجع الخصم، وهذا ما امتاز به مورينيو لسنوات منذ بروزه في بورتو وتحقيقه لقب دوري أبطال أوروبا.
جوزيه المترجم السابق في برشلونة شقّ طريقه من خلال أسلوب لعب لم يكن معتاداً لدى العديد من المدربين في عالم كرة القدم، فاستطاع أن يصنع لنفسه بعدها قصراً عاجياً في تشلسي، ثم قاد إنتر ميلان إلى لقب دوري أبطال أوروبا بعد سنواتٍ طويلة من الغياب، وأثّر بالجميع هناك، حتى أن ملامح المدافع ماركو ماتيراتزي الحادة تبدلت حين رحل مورينيو، وأجهش بالبكاء.
في ريال مدريد عانى مورينيو بعدها وحاول تحقيق بعض النتائج الإيجابية، منها لقب الدوري، لكن المشاكل التي طاولته في غرف تبديل الملابس كان لها وقعٌ سلبي، وبعد عودته إلى تشلسي سارت الأمور بشكلٍ جيد قبل أن تسوء مجدداً.
مع تسلّم المهمة في مانشستر يونايتد باتت العيون شاخصة على ما سيقوم به مورينيو، هل سينجح في إيقاد شعلة أولد ترافورد التي انطفأت بعد رحيل السير أليكس فيرغسون؟ أم أن الفشل سيكون العنوان الأبرز كما حصل مع ديفيد مويس ولويس فان غال؟
بعد مباراة تشلسي ومانشستر يونايتد التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما على ملعب ستامفورد بريدج في لندن، وتسجيل البلوز هدفاً في آخر دقائق اللقاء، استفز مساعد المدرب ماوريسيو مورينيو. نظرات البرتغالي على مقاعد البدلاء كانت كفيلة بأن تُكتب فيها بعض بيوت الشعر، عيون جوزيه وتحركه بعد ذلك يؤكدان أن الرجل لا يزال يتمتع بالقوة.
على العموم، ربما على مورينيو العودة إلى شخصية ذلك الرجل المحفز والقادر على إخراج أفضل ما في لاعبيه والابتكار من جديد، ربما عليه أن يعود القائد المحبوب في داخل غرف الملابس مع العلم أنه لم يحمّل يوماً المسؤولية للاعبين حتى حين كان الفريق يخسر، كان دائماً يخرج للقول "أنا من يتحمل أعباء ما حصل"، هي التضحية ربما.
على مورينيو أن يدفع بول بوغبا للعب من أجله، أن يعيد روميلو لوكاكو إلى آلة تهديفية، وأن يزرع الثقة مجدداً في نفوس مدافعيه وحارسه دافيد دي خيا، حينها ستكون نهاية البرتغالي ملحمية وسيخلد اسمه طويلاً، وهو يفضل ذلك على أن تكون كلمة الختام في مسيرة مورينيو التدريبية بعد سنوات "تراجيديا برتغالية في الملاعب الأوروبية".