(كتاب ميسي 6).. لغز اختفاء "المايسترو"

22 فبراير 2016
+ الخط -


"أين ليو؟" سؤال كان يتردد في الفصل رقم 436 بمدرسة (خوان مانتوفاني) للتعليم المتوسط والقريبة للغاية من منزل عائلة ميسي.. كان مر أسبوع على عدم حضور ليو للفصل، وهو أمر نادر الحدوث، حيث لم يكن يتغيب إلا في حالة المرض.

كان ميسي هو القائد الذي يتبعه الجميع للعب الكرة، بدونه الأمر تحول إلى ما هو أشبه بمعركة في الركلات من الهواء.. كان الجميع يعرف من هو ليونيل في هذا العالم، لذا كان لقبه بين الطلاب بخلاف "الصغير" هو "المايسترو"، لأنه قائد الأوركسترا الكروية المدرسية الذي يعرف كيف ينظم الأمور.

وحدها مديرة المدرسة كانت تعرف سبب غيابه، بجانب ليو نفسه وعائلته.. في نيولز أولد بويز؟ لم يكن يعرف أي من لاعبي فريق جيل 1987 ولا حتى مدربوه أين هو ميسي. لقد شعروا بالقلق عليه، ولكنهم في نفس الوقت كانوا يحتاجونه، فالفوز بالمباريات بدونه كان صعبا للغاية.. بعضهم ظن في المدرسة والنادي أن الطفل الصغير أصيب بمرض يمنعه من الحضور.. "التهاب كبد وبائي، يجب أن يكون كذلك".. كان هذا هو التخمين المشترك.

تلقت عائلة ميسي مكالمة هاتفية بعد انتهاء سوق الاتصالات الصيفية قادمة من أوروبا، حيث قالوا لهم "تعالوا سريعا وأحضروا الفتي".. لقد انتظروا طويلا، ثم جاءت كل الأمور بسرعة. لقد كان أمامهم أسبوع واحد للاستعداد للسفر بعيدا وعبور الأطلسي نحو إسبانيا، لذا لم يخبر خورخي ميسي أحدا سوى مديرة مدرسة ابنه بالأمر.. إنه شخص متحفظ وكتوم مثل ابنه الذي التزم تعليمات والده ولم يخبر أحدا، ولا حتى مدربيه ولاعبي فريقه في النادي.

لحسن الحظ كانت جريدة (لاكابيتال)، التي تصدر في روساريو، خصصت صفحة كاملة للحديث عن ميسي الطفل، ونشرت تحديدا في الثالث من سبتمبر/أيلول عنه "ليونيل ميسي لاعب في الدرجة العاشرة، وهو صانع ألعاب الفريق، ليس فقط من ضمن مواهب النادي الواعدة، بل لديه مستقبل ضخم بكل تأكيد. فعلى الرغم من قصر قامته، إلا أنه يستغلها في المراوغة وتسجيل الأهداف".

طارت صورة من هذا المقال بالأبيض والأسود بالفاكس إلى إسبانيا، قبل وصول خورخي وابنه إلى شبه الجزيرة الأيبيرية، عقب رحلة طويلة استغرقت 24 ساعة، بدأت يوم الأحد 17 سبتمبر عام 2000 وانتهت بوصولهما إلى مدينة برشلونة منتصف يوم 18 سبتمبر، أي بعد سبعة أشهر بالضبط من تسجيل ذلك الفيديو المنزلي الذي كان يظهر فيه ليو مهاراته.

لقد كانت فكرة مقطع الفيديو عظيمة بحق، حيث أظهر موهبة ميسي بشكل طبيعي عن طريق فكرة كانت بسيطة للغاية.. اشترت العائلة كيلو جرام من البرتقال وبعض كرات التنس، وطلبوا منه أن يتدرب بها لمدة أسبوع، ثم قرر خورخي في اليوم السابع تسجيل المقطع، والذي قام فيه ليو بـ"تنطيط" البرتقال 113 مرة، وكرة التنس 140 مرة، وكرة مضرب الطاولة 29 مرة.



كان ذلك المقطع بصحبة آخر سجل لميسي وهو يراوغ الجميع في ملعب مالبيناس بقميص نيولز. وصل إلى مكتب جوسيب ماريا مينجيلا، وكيل لاعبين معروف جدا في نادي برشلونة وأحد أعضائه. لم يكن مقتنعا في البداية بجدوى الفكرة، بسبب بعد المسافة وعمر ميسي حينها، ولكن معاونيه أقنعوه بعدها بشهور واستخدم كل نفوذه لإقناع البرسا باختبار وتجربة الطفل، وهو الأمر الذي حدث بعد نقاشات عديدة مع تشارلي ريكساش، مستشار رئيس البرسا حينها وصاحب الكلمة الأخيرة في مسألة التعاقدات.

تعتبر المشكلة الرئيسية حينها أن مسألة الإقدام على التعاقد مع لاعبين من الخارج في سن 12 أو 13 عاما لم تكن شائعة، حيث كان يخشى الجميع أن يكون الأمر استثمارا بلا جدوى. ولكن مينجيلا تمكن من إقناع المسؤولين بتجربة ليو. وكان لا بد من استغلال هذه الفترة لإقناع الجميع بما لدى ميسي من مهارات.

اقرأ أيضا:
(كتاب ميسي 1).. ميسي الذي نجا من الموت جنيناً
(كتاب ميسي 2) الجدة سيليا وملعب جراندولي
(كتاب ميسي 3)... ليو في المدرسة ومغامرات الجيش!
(كتاب ميسي 4).. أسطورة طفل نيولز أولد بويز
(كتاب ميسي 5)... أزمة هرمون النمو