"تكون محظوظاً عندما تضم لاعباً بقيمة ديرك كاوت، تكتيكياً فنياً وخططياً، تستطيع الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة مع هذا اللاعب المجتهد"، هكذا تحدث الهولندي الخبير يوهان كرويف أثناء تحليله لمباريات المنتخب الهولندي في كأس العالم 2014، وخصّ بالذكر النجم كاوت في ملاحظاته النقدية، نظراً للدور المحوري الذي يقدمه رغم كبر سنه وطول مدة لعبه داخل المستطيل الأخضر.
وبعد كأس العالم بأكثر من عام، استمر كاوت في تألقه، ولم يتوقف عن اللعب أبداً، بل قرر المضي قدماً في مشواره، بالعودة إلى ناديه القديم فينورد، ومواصلة القتال في روتردام مع زميله القديم فان برونكهورست، الظهير الأسبق الذي تولى تدريب الفريق، ليكون هو المدير الفني خارج الخط، وكاوت بمثابة مساعده ولكن من داخل أرضية الميدان.
لاعب الطوارئ
تسير كرة القدم في السنوات الأخيرة نحو التخصص في اللعبة، مع زيادة المسميّات الخططية وإرساء مراكز تكتيكية داخل الملعب نتيجة تقسيم المستطيل إلى مربعات ومثلثات وبالتالي أصبح هناك مركز خاص لكل لاعب، وهذا التخصص هو أحد أهم أركان الكرة الحديثة.
وإذا عدنا للخلف عدة سنوات، بالتحديد إلى مباراة برشلونة وباناثينايكوس، في ربع نهائي دوري أبطال 2001-2002، لعب وقتها لويس إنريكي في كل مراكز الوسط والهجوم، سجل هدفين وأنقذ دفاع فريقه في أكثر من محاولة، ويُعرف هذا النوع من اللعب بلاعبي الطوارئ.
ديرك كاوت واحد من هؤلاء، النجم الذي عرفه العالم في بداياته كلاعب هجومي صريح، جناح أيمن على الخط الجانبي، ولعب دورا محوريا في تشكيلة هولندا وليفربول في هذا المركز، كأحد أهم الأسماء في تشكيلة رافائيل بينيتيز التاريخية بالأنفيلد، لكنه لم يكتف أبداً بالدور الهجومي، وانتشر عرضياً وطولياً في كل شبر بالملعب، ليصبح أحد أهم أيقونات "الطوارئ" في السنوات الأخيرة.
برج التغطية
"57 % من البرازيل تغطيها غابات الأمازون، بينما يقوم ديرك كاوت بتغطية النسبة الباقية"، انتشرت هذه المقولة بشدة بعد مباراة هولندا والمكسيك في المونديال الأخير، نتيجة لعب كاوت في ثلاثة مراكز خلال نفس المباراة. البداية في مركز الظهير الأيسر مع خطة اللعب 3-5-2.
لكن بعد خروج اللاعب الأيمن فيرهاغ ونزول ديباي، تم وضع كاوت على اليمين، ثم في آخر ربع ساعة بالمباراة، قرر فان غال التحول إلى 4-3-3، وصعد ديرك إلى الثلث الهجومي الأخير، كلاعب جناح وساعد هجومي داخل منطقة الجزاء. ليصفه الغال بعد الصعود بأنه أفضل لاعب تكتيكي في صفوف المنتخب البرتقالي.
استمرت ثلاثة أسماء مع هولندا لفترات طويلة بالسنوات الماضية، أرين روبين، ويسلي شنايدر، وديرك كاوت. يقول يوهان كرويف عن هذا المثلث، "روبن هو النجم، شنايدر هو اللاعب الأكثر تضحية وذكاء، لكن كاوت هو الرمز لهذا الفريق". ويعود سر هذا التقدير العظيم إلى نجاح كاوت في التأقلم مع مختلف خطط مدربيه، من 4-3-3 إلى 3-5-2 مروراً بـ 4-2-3-1 مع الثنائي بينيتز في ليفربول، ومان فارفيك / ماركو فان باستن في هولندا.
فترة النقاهة
راهن كاوت على النفس الطويل، وجاء قراره بالعودة إلى هولندا من جديد أمرا أكثر من رائع حتى هذه اللحظة، فناديه فينورد يتصدر الدوري المحلي برصيد 22 نقطة مناصفة مع أياكس، وسجل كاوت 7 أهداف في أول 9 مباريات، كان آخرها "الهاتريك" أمام هيرنفين في أفضل مباريات هذا الأسبوع.
يلعب برونكهورست بخطة 4-3-3، ويضع كل آماله الهجومية على خبرات ديرك كاوت، الجناح الأيمن صاحب القميص رقم 7، وأحد أضلاع الهجوم رفقة الثنائي كرامر وإليا. ويعتبر كاوت في آخر أيامه الكروية نموذجا حقيقيا للجناح الداخلي في اللعبة، أي اللاعب الذي يبدأ على الطرف، لكنه يدخل كثيراً داخل منطقة الجزاء، من أجل لعب دور المهاجم الثاني.
رقمياً، كاوت لا يراوغ كثيراً، ولا يمتاز بالقدرات التقنية العالية، لكنه يلعب 3 كرات هوائية في المباراة الواحدة، وبالتالي يستفيد منه فينورد على الأرض بتسجيل الأهداف، وفي الهواء عن طريق ربح التمريرة الهجومية، وقطع التمريرة الثانية للفريق المنافس، لذلك يعيش كاوت فترة رفيعة المقام، رغم أنه يسير ضد قوانين الزمان والمكان، في رحلته إلى الاستمرارية الكروية.
اقرأ أيضاً:نيمار خرج فائزاً من "الروليت الروسية"