افتتح مانشستر سيتي سباق التعاقدات الصيفية سريعا، بعد إعلان إدارته تعاقدهم الرسمي مع البرتغالي برناردو سيلفا نجم موناكو، لينتقل البرتغالي الشاب إلى كتيبة غوارديولا، بعد موسم استثنائي مع المدرب ليوناردو جارديم بالإمارة الفرنسية. وجاءت هذه الصفقة بشكل مفاجئ، مع تسارع الأخبار حول متابعة السيتي لأسماء أخرى في الدفاع والهجوم، لكن بدأت المسيرة بلاعب مغاير في مركز غير متوقع، لتعلن بعض الصحف استغرابها من هذه الخطوة الأقرب إلى عنصر المباغتة.
سكاوت تكتيكي
سيلفا هو الرقم 10 في كرة القدم الحديثة، لاعب مهاري ذو قدرات تقنية غير عادية، يتحرك بشكل مثالي في كل أركان الثلث الهجومي، وبارع في صناعة اللعب من أماكن بعيدة عن عمق الملعب. يجيد البرتغالي أيضا التلاعب بالمدافعين وهزيمتهم في موقف 1 ضد 1، بالإضافة إلى صناعة الفرص للمهاجمين أمام المرمى. أما عن تمركزه في نصف ملعب الخصم، فيتحرك لاعب السيتي الجديد باستمرار في المنطقة الواقعة بين خطي الوسط والهجوم، في المركز الذي يسمح له بأفضل رؤية ممكنة داخل الملعب، لذلك تألق اللعب بشكل لافت مع موناكو في خطة لعب 4-4-2.
من الصعب جداً أن يفقد برناردو الكرة، وفي حالة قطعها منه فإنه يضغط بشكل قوي من أجل استعادتها مرة أخرى. يدرك البرتغالي الصغير أن زمن الرفاهية الكروية انتهى بلا رجعة، ويجمع لاعب موناكو بين المتعة الهجومية الواضحة، والشق الدفاعي اللازم لتوازن فريقه أثناء التحولات من الهجوم إلى الدفاع والعكس.
يملك أيضا قدما يسرى ساحرة، يستخدمها في التسديد من مختلف زوايا الملعب، مع عودته خطوات للخلف، حتى يستطيع التمرير إلى المهاجمين في الثلث الأخير. وبالإضافة إلى مهارته وقدراته الدفاعية، يمتاز أيضا بالسرعة المطلوبة سواء بالكرة أو من دونها. رقميا سجل اللاعب 8 أهداف وصنع 9 في 37 مشاركة بالدوري الفرنسي، مع هدفين و"أسيست" واحد خلال 11 مواجهة بعصبة الأبطال، ليراهن عليه بيب غوارديولا في موسمه الثاني مع مانشستر سيتي، ويخطفه قبل بقية كبار القارة العجوز.
عرف المتابعون سيلفا خلال بطولة أوروبا للشباب تحت 21 سنة، ورغم خسارة البرتغال في النهائي أمام السويد، إلا أن رفاق سيلفا قدموا مباريات مثالية وكانوا الطرف الافضل. يتذكر الجميع مباراة نصف النهائي ضد الألمان، بعد فوز البرتغال بنتيجة 4-0، وخطف برناردو الأضواء من الجميع، نتيجة مهارته الفردية ولمسته الخاصة التي وضعته ضمن أفضل لاعبي الكأس إذا لم يكن الأفضل على الإطلاق.
مشاكل السيتي
يعاني مان سيتي من مشاكل كبيرة على مستوى الأعمار، ليرث بيب حملا ثقيلا من خلفه مانويل بليغريني، بسبب كبر سن معظم لاعبي الفريق الأول، ليتأثر الجهاز الفني سلبيا مع كثرة الإصابات في مختلف المسابقات، وبالتالي جاء التعاقد مع سيلفا كعلاج لهذا الخلل، من خلال لاعب صغير يبلغ فقط 22 عام، ويمتاز بخبرة اللعب الدولي مع تألقه رفقة موناكو محليا وقاريا، مما يعطي الفريق الإنكليزي عمقا أوضح مع جيسوس وساني ودي بروين ووبرناردو.
نقطة أخرى تكتيكية أجبرت السيتي على حسم هذه الصفقة سريعا، فمجموعة بيب تعاني بشدة من دون الكرة، ويتمحور جزء رئيسي من المشكلة في خلخلة خطوط الفريق أثناء المرتدات، بسبب عدم وجود ظهيرين سريعين على الخط، وضعف الضغط الذي يطبقه لاعبي الوسط الهجومي، خصوصا الثنائي دافيد سيلفا وكيفين دي بروين، فرغم تألق الخبير الإسباني والشاب البلجيكي إلا أنهما ضعيفان للغاية على مستوى التمركز الدفاعي، لينكشف وسط السيتي في معظم الهجمات المضادة، نتيجة صعوبة الربط بين لاعبي الهجوم وزميلهم في الارتكاز الدفاعي.
برناردو أفضل من سيلفا دفاعيا، وأمهر من دي بروين هجوميا، لأنه مميز في العرقلة والافتكاك أثناء الضغط، وله قيمة إضافية ترتبط بالمراوغة في أضيق الأماكن الممكنة، لذلك سيضيف إلى غوارديولا خاصية "التنوع"، لأنه لا يشبه زملاءه الجدد بل يُكمل الحلقة الناقصة في الفراغ الواقع بين الخطوط.
يعاني الوافد الجديد أيضا من بعض السلبيات، إذ يتراجع مستواه في بعض المباريات خلال الدقائق الأخيرة، مع صعوبة حفاظه على أرقامه القوية خلال موسم كامل. وتحدث مدربه جارديم عن هذه النقطة بالأخص، موضحا أن لاعبه البرتغالي يحتاج لمزيد من العمل حتى يتحول إلى نسخة متكاملة لا تكل ولا تمل طوال التسعين دقيقة. ومع كثرة المباريات في البريمرليغ، يجب على غوارديولا تقوية نقاط ضعف لاعبه، والاستفادة من نصائح الرجل الذي قاد موناكو إلى المجد في فرنسا وأوروبا.
المكان الأفضل
يلعب السيتي بخطة 4-1-4-1 التي تتحول إلى 4-3-3، ويعتبر أفضل مركز ممكن للوافد الجديد هو لاعب الوسط رقم 8، أمام الارتكاز الدفاعي وبالقرب من لاعبي الثلث الأخير، من أجل الربط المستمر بين الخطوط وصناعة مثلثات التمرير المطلوبة. كذلك يستطيع اللاعب التمركز على الخط الجانبي من الملعب، ليصبح جناح هجومي صريح أقرب إلى النسخة المقلوبة، أي يبدأ الهجمة على اليمين حتى يقطع في العمق، ويتعاون مع المهاجم الصريح للاختراق العمودي تجاه المرمى.
سيلفا أيضا أفضل بديل ممكن للإسباني دافيد سيلفا، اللاعب الذي يعاني من الإصابات وعامل السن، وكلما غاب عن السيتي هذا الموسم، عانى الفريق بشدة بسبب صعوبة التحكم في نسق المباريات. ومع وجود برناردو وتفوقه في هذا الجانب، يمكن لغوارديولا إراحة سيلفا في بعض المباريات، حتى يجده في أفضل حالاته خلال المواجهات المصيرية.
ورغم القيمة الكبيرة التي سيوفرها اللاعب على المستوى التكتيكي، إلا أن مشاكل السيتي ستستمر في الصناديق، فالفريق يعاني من ضياع فرص سهلة داخل منطقة الجزاء، ويستقبل أهدافا أسهل بمنطقته أمام مرماه. ويتوقع المقربون من المدير الرياضي تشيكي عملا مضاعفا خلال قادم المواعيد، حتى يرى المشجعون فريقا تنافسيا يمكنه هزيمة الكبار في الشامبيونزليغ، ويستعيد بطولة الدوري مرة أخرى بعد سنوات من الغياب.
لا يزال فريق ملعب الاتحاد في أشد الحاجة إلى أسماء أخرى، مع ضعف الظهيرين وحارس المرمى وحتى منطقة الارتكاز الدفاعي، خصوصا بعد تأكيد رحيل زباليتا وكليشي وكاباييرو وربما يلحق بهم توريه ومجموعة أخرى، لذلك تمثل هذه الصفقة نقطة انطلاق نحو تعاقدات أخرى، لأن الموسم المقبل سيكون مفصليا أمام المدرب الكاتلوني، بعد خروجه لأول مرة في مسيرته من دون لقب كما حدث مؤخرا.