ساهمت كرة القدم في أفريقيا بتغيير حياة الكثير من اللاعبين، لينتقلوا من الفقر إلى الغنى، وارتفعت أسهمهم في أبرز الدوريات الأوروبية، بعد قصص معاناة كبيرة حولتهم إلى لاعبين حققوا المجد والشهرة والرفاهية.
قصة النجم الإيفواري سيري دي استقطبت رواد التواصل الاجتماعي في تونس حيث تناقلوا صوره وتعليقاته، كما أحبه الجمهور الجزائري بعد أن ساهم بشكل مباشر وكبير في تأهل منتخب محاربي الصحراء إلى نصف أمم أفريقيا بإهداره الركلة الترجيحية الأخيرة للمنتخب الإيفواري في مباراة ربع نهائي "الكان".
قصة سيري دي مع الجلد المدور رافقتها عدة مراحل حزينة بين أبيدجان إلى تونس ثم الجزائر لتستقر حياته في أوروبا، مسيرة انتهت بتغيير شامل في حياته وحياة عائلته.
بداية مشواره مع الحياة الأفريقية كانت صعبة جداً ولم يكن طموحه في بلده سوى تجاوز مرحلة الدراسة الأساسية، ليبحث فيما بعد عن بلد في شمال أفريقيا أو أوروبا لاستكمال دراسته بالتعليم العالي.
اختار "سيري دي" مزاولة تعليمه العالي بإحدى الجامعات التونسية، ونظراً لتكلفة الإقامة والمعيشة وتعليمه باهظ الثمن، اضطر للعمل كغاسل للأطباق في بعض المطاعم التونسية من أجل كسب قوته اليومي.
كل هذه المصاعب لم تمنع سيري دي من الدراسة وممارسة هوايته المفضلة في آن واحد، ولم يكن يعرف أيضاً أن مشاركته في إحدى بطولات الأحياء بضاحية المرسى التونسية، ستغير مجرى حياته وستجلب له حياة كريمة وأكثر سعادة.
في تلك البطولة اختارت اللجنة المنظمة الطالب الإيفواري كأفضل لاعب، ليتقدم إليه فيما بعد أحد المسؤولين في دوري الأحياء ويقترح عليه الانضمام إلى فريق نجم حلق الواد والكرم الذي كان ينشط في الدوري التونسي الممتاز حينها.
تجربة سيري دي في الدوري التونسي لم تعمر طويلاً فإصابته البالغة في الركبة، تسببت في تخلي نجم حلق الواد والكرم عنه، ليعود مرة أخرى إلى عمله الشاق في المطاعم بالضاحية الشمالية لتونس العاصمة، لتتجدد الفرصة ويتحادث مع وكيل أعمال لاعبين جزائريين ليقترحه فيما بعد على فريق وفاق سطيف.
بعد تجربة دامت أكثر من شهرين مع فريق الوفاق، تعاقد سيري دي مع النادي الجزائري لموسمين بصفقة لم تتجاوز 3 آلاف يورو، ليثبت فيما بعد جدارته اللعب وتقمص زي نادي سطيف، الذي فاز معه بلقب كأس اتحاد شمال أفريقيا وشارك في 23 مباراة رسمية ليصبح مطمع الفرق الأوروبية.
انضم سيري دي إلى فريق سيون السويسري سنة 2008 لخمسة أعوام، ليبرز مواهبه الخارقة في وسط الميدان الدفاعي، ويفوز بأربع بطولات وبلقبي كأس، لتدركه أنظار مدرب الفيلة الايفوارية صبري لموشي في تلك الفترة؛ وأصبح لاعباً أساسياً مع منتخب ساحل العاج ليشارك معه في أبرز حدث قاري كأس أمم أفريقيا في 2013.
وكان سيري دي من أبرز نجوم كأس أمم أفريقيا سنة 2015 مع المدرب هيرفي رينار، ليتحصل على اللقب الأفريقي في تلك الدورة.
لاعب منتخب ساحل العاج سيري دي، الفائز بجائزة أفضل لاعب في لقاء ساحل العاج وناميبيا شدد على أن هذه آخر بطولة لأمم أفريقيا سيلعبها مع منتخب بلاده، لتنتهي قصته مع الأمم الأفريقية ويخصص مجهوداته لفريقه الحالي في الدوري السويسري، بعد أن خاض تجربة متميزة مع فريق شتوتغارت الألماني.