على خلاف السنوات الماضية، لم تشهد الأسواق والمساحات التجارية الكبرى في تونس اكتظاظا كبيرا استعدادا لشهر رمضان، حيث فضل أغلب التونسيين شراء احتياجاتهم الأساسية فقط، بسبب غلاء المعيشة والصعوبات المادية، التي أثرت بشكل كبير على نسق الإنفاق الأسري، وهو ما أدى إلى تراجع أسعار أغلب المواد، التي كانت تشهد شططا في المواسم الماضية.
وشهد مؤشر الاستهلاك العائلي تراجعا بنحو 50% خلال شهر مايو/أيار الماضي، وفق البيانات الحكومية، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي 2014، كما سجلت أسعار المواد الغذائية خلال العام الحالي تراجعا بـ0.2%، مقارنة بالسنوات الثلاث الماضية.
وشهدت كلفة المعيشة منذ الثورة التونسية، قبل نحو أربعة أعوام، ارتفاعاً تجاوز 60%، وصعدت أسعار المواد الغذائية بنحو 70%، ما أدى إلى تغير كبير في السلوك الغذائي لأغلب الأسر التونسية، وفق الخبراء.
وأعرب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك (منظمة غير حكومية)، محمد زروق، عن ارتياحه لمقاطعة التونسيين للمنتجات باهظة الثمن واكتفائهم بالحاجيات الأساسية، متوقعا أن تشهد الأسعار على امتداد شهر رمضان انفراجا نتيجة توفر المعروض من السلع.
وأشار رزوق في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن نسبة كبيرة من المأكولات على طاولة رمضان كانت تذهب إلى القمامة، بسبب إفراط العائلات التونسية في إعداد أطباق الإفطار، غير أن "ارتفاع كلفة المعيشة أجبرتهم على التقشف.. للغلاء مزايا أيضا".
وقال مدير عام المراقبة والأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة، محمد عيفة، لـ"العربي الجديد"، "قد تكون الضغوط المادية هي التي أثرت على سلوك التونسيين وأجبرتهم على التقشف، لكن في كل الحالات النتيجة إيجابية.. سينقرض الاحتكار آليا".
وكانت وزارة التجارة، قد أعلنت أخيرا عن إمكانية استعمال صلاحيتها القانونية باللجوء إلى تحديد أسعار قصوى لبعض المنتجات الحساسة على مستوى أسواق الجملة، من أجل مزيد من الضغط على الأسعار.
كما قررت الوزارة إخضاع صادرات عدد من المواد الزراعية إلى الترخيص الإداري، مع إعطاء الأولوية للسوق المحلية، ضمانا لاستمرارية التزويد على امتداد رمضان.
وقال عيفة، إن شفافية المعاملات التجارية في أسواق الجملة والتجزئة ستنعكس إيجابا على توفر العرض وعلى الأسعار، معربا عن ارتياحه لدرجة الوعي التي وصل إليها المستهلك التونسي بمقاطعة المواد الاستهلاكية باهظة الثمن.
وغالبا ما تلجأ الحكومة إلى سياسة التخزين المسبق لبعض المواد، على غرار اللحوم والبيض والدجاج والحليب لمجابهة ارتفاع الطلب، خاصة التي تسجل نسبة الإقبال عليها ارتفاعا يفوق 50%.
كما تواجه الحكومة النقص في بعض المنتجات الغذائية، باستيراد كميات إضافية من الأسواق الأوروبية، رغم ما يسببه من ضغط على مخزونات المصرف المركزي من العملة الصعبة في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
اقرأ أيضاً: التونسيون يتخوفون من ارتفاع الأسعار في رمضان