يعيش اليمنيون في أزمات طاحنة منذ اندلاع الصراعات العسكرية، أبرزها أزمة الوقود التي نتجت عن تدمير شركة النفط الحكومية لصالح تجّار الحرب والسوق السوداء.
وتسبب تدمير الشركة الحكومية في ارتفاع أسعار الوقود وانعكس ذلك على غلاء المواد الغذائية والخدمات، مما زاد من تدهور الوضع المعيشي للمواطن اليمني.
وثائق مهمة
تكشف وثائق رسمية صادرة عن جهاز الرقابة والمحاسبة الحكومي، والذي يتبع رئاسة الجمهورية، خلال يونيو/ حزيران 2019، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن قرار التعويم الصادر عن اللجنة الثورية العليا، ستسهل لشركات تجارية تابعة لموالين للحوثيين استيراد النفط وبيعه إلى شركة النفط الحكومية، وتسبب ذلك في توسع السوق السوداء وتكبيد شركة النفط الحكومية خسائر مالية كبيرة وأدى إلى أزمة اقتصادية أثرت سلباً على المواطن اليمني.
وأوضحت الوثائق أن قيام الحوثيين بإصدار قرار "تعويم أسعار المشتقات النفطية" اعتباراً من يوليو/ حزيران 2015، سمح بدخول القطاع الخاص في عملية استيراد المشتقات، ولم يطبق هذا القرار على مبيعات شركة النفط وألزمت الشركة بالبيع وفقا لأسعار يتم تحديدها من قبل القيادات.
وحسب الوثائق، قام الحوثيون في شركة النفط بإقصاء قيادات وكوادر الشركة في المستويات العليا والمتوسطة وتعيين بديل عنها من الموالين، وتم ارتكاب عدد من الممارسات التي أدت في مجملها الى تجميد وتعطيل الشركة وتوقيف نشاطها بالكامل.
اقــرأ أيضاً
وأكدت أن إبرام بعض العقود مع بعض الشركات المورّدة للمشتقات النفطية، تم من دون التحري عن صحة بيانات بعض الشركات وأنشطتها وتعاملاتها المالية ووثائقها ومستنداتها، وتصنيفها وأهليتها للاستيراد، واستيفائها الشروط والمواصفات المطلوبة وفقاً للقوانين النافذة.
كما أكدت الوثائق، إبرام العديد من عقود شراء المشتقات النفطية مع شركات وهمية ليس لها وجود قانوني وتم صرف مبالغ لتلك الشركات بلغ ما أمكن الوقوف عليه (195.077.926) دولارا، بالإضافة إلى (3.800.000) دولار تحت مسمى تعديل جزء من بنود تلك العقود والتعويضات.
جذور الأزمة
وكانت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، رفعت أسعار الوقود في عام 2014 هي الورقة التي استخدمها الحوثيون للانقلاب على الحكومة الشرعية والاستيلاء على العاصمة صنعاء.
ورغم إذعان الحكومة لضغوط الحوثيين وتخفيض أسعار الوقود إلى 3 آلاف ريال بدلاً من من 4 آلاف ريال لغالون البنزين سعة 20 لترا، إلا أن احتجاجات الحوثيين استمرت وتوجت باقتحام العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه والسيطرة على مؤسسات الدولة والبنك المركزي والشركة الوطنية للنفط.
وقرر الحوثيون تعويم أسعار المشقات النفطية الصادر في 28 يوليو/ تموز 2015، برفع الدعم عنها وبيعها بالسوق المحليّة وفقاً للسعر العالمي هبوطاً وصعوداً بحسب وكالة سبأ للأنباء الخاضعة لسيطرتهم. وسمح القرار للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية بعد أن كان استيرادها وتوفيرها للسوق المحلية مقتصراً على شركة النفط اليمنية الحكومية وفقاً للائحة التنظيمية لوزارة النفط والمعادن.
لقد اكتسبت واردات الوقود أهمية متزايدة في تمويل الحرب وانعكست في صعود سريع للحوثيين في عالم التجارة والأعمال من خلال إدارة سوق سوداء مزدهرة للوقود وانشاء شركات خاصة للاستيراد وتأسيس عشرات من محطات تعبئة الوقود.
وقود ملوث
المتحدث باسم نقابة موظفي شركة النفط الحكومية في صنعاء، محمد الحمزي، أوضح لـ"العربي الجديد" أن الحوثيين تسببوا في تعطيل وتدمير شركة النفط من خلال تخريب الهيكل الإداري للشركة ونهب رأس مالها الذي كان كأرصدة في البنوك اليمنية بالدولار والعملة اليمنية أو عبارة عن كميات كبيرة من المشتقات النفطية بأنواعها.
وقال الحمزي: ممارسات الحوثيين أدت إلى توقف نشاط الشركة، بعد العبث بأرصدتها والعبث بأسطول النقل الخاص بها والتلاعب بنتائج المختبر المركزي في منشآت الحديدة، الأمر الذي سهل لهم ادخال كميات من المشتقات النفطية الغير مطابقة للمواصفات، ومخالفة للمعايير المعمول بها دوليا، كما مكنوا من الاستحواذ على نشاط لصالح مجموعة تجار ونافذين موالين".
واعتبر الحمزي، أن تدمير المختبر المركزي في منشآت الحديدة وعزل كوادر الشركة وفرض كوادر غير مؤهلة سهل للحوثيين إدخال كميات غير مطابقة للمواصفات وملوثة، وتم إثبات ذلك من خلال ادخال شحنة الديزل الملوثة على السفينة "ناشيناليني" والتي ثبت بالمستندات تلوثها وعدم صلاحيتها للاستخدام ولكن قيادة الشركة بضغط من الحوثيين أدخلتها.
وتستفيد شركات تجارية من ضعف معايير الوقود في اليمن لبيع مشتقات نفط ملوثة وسامة من الديزل والبنزين، وهي شحنات مخالفة للمواصفات تتميز بلون أسود وبارتفاع نسبة الكبريت والمواد السامة عن المستويات المسموح بها.
ويقول خبراء النفط أن شركات في الشارقة وموانئ عراقية تعمل على خفض نوعية الوقود من أجل زيادة أرباحها، وتبيع هذه الكميات لشركات من مناطق الحوثيين تهدف الى تحقيق ارباح على حساب المستهلكين والاقتصاد.
فساد
وبالعودة إلى تقرير الجهاز الحكومي للرقابة والمحاسبة، تشير الوثائق إلى أن شركة النفط الحكومية تعرضت لانخفاض حاد في السيولة النقدية نتيجة الاستنزاف المستمر لأرصدتها، مما أثر سلباً على متابعتها لنشاطها والوفاء بالتزاماتها.
وتشير الوثائق الى حالات للصرف غير القانوني، مثل صرف مبالغ لبعض الموردين تحت مبرر تعديل بعض بنود عقود التوريد وكتعويضات منها: صرف مبلغ 600 مليون ريال يمني، باسم شركة الذهب الأسود المملوكة لأحد التجار الموالين لجماعة الحوثي ، بتاريخ 16 فبراير/ شباط 2017، لتوريد 6000 طن بنزين، تحت مبرر تعديل بنود.
وأشارت الوثائق إلى قيام شركة النفط بشراء المشتقات النفطية من الموردين بأسعار مرتفعة وبيعها بأسعار البيع الرسمية نتج عنه خسائر كبيرة تتجاوز 12 مليار ريال، كما كشفت عن التصرّف بـ "المخزون الاستراتيجي" نتيجة للاتفاق الذي وقّعته القيادة الحوثية في شركة النفط اليمنية مع "دائرة الإمداد والتموين العسكري" بوزارة الدفاع، وبلغت مسحوبات وزارة الدفاع التابعة لهم، غير المسددة 23 مليار ريال خلال الفترة من إبريل/ نيسان 2015 وحتى إبريل 2017.
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش، ذكرت في تقرير سابق خلال العام 2017، أن فريق خبراء تابعاً للأمم المتحدة أكد أن الحوثيين يجنون أموالاً طائلة من السوق السوداء، وأن الوقود كان "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين".
وأوضح تقرير للمنظمة بشأن اليمن، أن فريق خبراء تابعاً للأمم المتحدة أفاد بأن الحوثيين جنوا ما يصل إلى 1.14 مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء. ويخوض تحالف عربي بقيادة السعودية حربا طاحنة ضد الحوثيين، على مدار ما يقرب من أربعة أعوام.
وتسبب تدمير الشركة الحكومية في ارتفاع أسعار الوقود وانعكس ذلك على غلاء المواد الغذائية والخدمات، مما زاد من تدهور الوضع المعيشي للمواطن اليمني.
وثائق مهمة
تكشف وثائق رسمية صادرة عن جهاز الرقابة والمحاسبة الحكومي، والذي يتبع رئاسة الجمهورية، خلال يونيو/ حزيران 2019، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، أن قرار التعويم الصادر عن اللجنة الثورية العليا، ستسهل لشركات تجارية تابعة لموالين للحوثيين استيراد النفط وبيعه إلى شركة النفط الحكومية، وتسبب ذلك في توسع السوق السوداء وتكبيد شركة النفط الحكومية خسائر مالية كبيرة وأدى إلى أزمة اقتصادية أثرت سلباً على المواطن اليمني.
وأوضحت الوثائق أن قيام الحوثيين بإصدار قرار "تعويم أسعار المشتقات النفطية" اعتباراً من يوليو/ حزيران 2015، سمح بدخول القطاع الخاص في عملية استيراد المشتقات، ولم يطبق هذا القرار على مبيعات شركة النفط وألزمت الشركة بالبيع وفقا لأسعار يتم تحديدها من قبل القيادات.
وحسب الوثائق، قام الحوثيون في شركة النفط بإقصاء قيادات وكوادر الشركة في المستويات العليا والمتوسطة وتعيين بديل عنها من الموالين، وتم ارتكاب عدد من الممارسات التي أدت في مجملها الى تجميد وتعطيل الشركة وتوقيف نشاطها بالكامل.
وأكدت أن إبرام بعض العقود مع بعض الشركات المورّدة للمشتقات النفطية، تم من دون التحري عن صحة بيانات بعض الشركات وأنشطتها وتعاملاتها المالية ووثائقها ومستنداتها، وتصنيفها وأهليتها للاستيراد، واستيفائها الشروط والمواصفات المطلوبة وفقاً للقوانين النافذة.
كما أكدت الوثائق، إبرام العديد من عقود شراء المشتقات النفطية مع شركات وهمية ليس لها وجود قانوني وتم صرف مبالغ لتلك الشركات بلغ ما أمكن الوقوف عليه (195.077.926) دولارا، بالإضافة إلى (3.800.000) دولار تحت مسمى تعديل جزء من بنود تلك العقود والتعويضات.
جذور الأزمة
وكانت حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، رفعت أسعار الوقود في عام 2014 هي الورقة التي استخدمها الحوثيون للانقلاب على الحكومة الشرعية والاستيلاء على العاصمة صنعاء.
ورغم إذعان الحكومة لضغوط الحوثيين وتخفيض أسعار الوقود إلى 3 آلاف ريال بدلاً من من 4 آلاف ريال لغالون البنزين سعة 20 لترا، إلا أن احتجاجات الحوثيين استمرت وتوجت باقتحام العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه والسيطرة على مؤسسات الدولة والبنك المركزي والشركة الوطنية للنفط.
وقرر الحوثيون تعويم أسعار المشقات النفطية الصادر في 28 يوليو/ تموز 2015، برفع الدعم عنها وبيعها بالسوق المحليّة وفقاً للسعر العالمي هبوطاً وصعوداً بحسب وكالة سبأ للأنباء الخاضعة لسيطرتهم. وسمح القرار للقطاع الخاص باستيراد المشتقات النفطية بعد أن كان استيرادها وتوفيرها للسوق المحلية مقتصراً على شركة النفط اليمنية الحكومية وفقاً للائحة التنظيمية لوزارة النفط والمعادن.
لقد اكتسبت واردات الوقود أهمية متزايدة في تمويل الحرب وانعكست في صعود سريع للحوثيين في عالم التجارة والأعمال من خلال إدارة سوق سوداء مزدهرة للوقود وانشاء شركات خاصة للاستيراد وتأسيس عشرات من محطات تعبئة الوقود.
وقود ملوث
المتحدث باسم نقابة موظفي شركة النفط الحكومية في صنعاء، محمد الحمزي، أوضح لـ"العربي الجديد" أن الحوثيين تسببوا في تعطيل وتدمير شركة النفط من خلال تخريب الهيكل الإداري للشركة ونهب رأس مالها الذي كان كأرصدة في البنوك اليمنية بالدولار والعملة اليمنية أو عبارة عن كميات كبيرة من المشتقات النفطية بأنواعها.
وقال الحمزي: ممارسات الحوثيين أدت إلى توقف نشاط الشركة، بعد العبث بأرصدتها والعبث بأسطول النقل الخاص بها والتلاعب بنتائج المختبر المركزي في منشآت الحديدة، الأمر الذي سهل لهم ادخال كميات من المشتقات النفطية الغير مطابقة للمواصفات، ومخالفة للمعايير المعمول بها دوليا، كما مكنوا من الاستحواذ على نشاط لصالح مجموعة تجار ونافذين موالين".
واعتبر الحمزي، أن تدمير المختبر المركزي في منشآت الحديدة وعزل كوادر الشركة وفرض كوادر غير مؤهلة سهل للحوثيين إدخال كميات غير مطابقة للمواصفات وملوثة، وتم إثبات ذلك من خلال ادخال شحنة الديزل الملوثة على السفينة "ناشيناليني" والتي ثبت بالمستندات تلوثها وعدم صلاحيتها للاستخدام ولكن قيادة الشركة بضغط من الحوثيين أدخلتها.
وتستفيد شركات تجارية من ضعف معايير الوقود في اليمن لبيع مشتقات نفط ملوثة وسامة من الديزل والبنزين، وهي شحنات مخالفة للمواصفات تتميز بلون أسود وبارتفاع نسبة الكبريت والمواد السامة عن المستويات المسموح بها.
ويقول خبراء النفط أن شركات في الشارقة وموانئ عراقية تعمل على خفض نوعية الوقود من أجل زيادة أرباحها، وتبيع هذه الكميات لشركات من مناطق الحوثيين تهدف الى تحقيق ارباح على حساب المستهلكين والاقتصاد.
فساد
وبالعودة إلى تقرير الجهاز الحكومي للرقابة والمحاسبة، تشير الوثائق إلى أن شركة النفط الحكومية تعرضت لانخفاض حاد في السيولة النقدية نتيجة الاستنزاف المستمر لأرصدتها، مما أثر سلباً على متابعتها لنشاطها والوفاء بالتزاماتها.
وتشير الوثائق الى حالات للصرف غير القانوني، مثل صرف مبالغ لبعض الموردين تحت مبرر تعديل بعض بنود عقود التوريد وكتعويضات منها: صرف مبلغ 600 مليون ريال يمني، باسم شركة الذهب الأسود المملوكة لأحد التجار الموالين لجماعة الحوثي ، بتاريخ 16 فبراير/ شباط 2017، لتوريد 6000 طن بنزين، تحت مبرر تعديل بنود.
وأشارت الوثائق إلى قيام شركة النفط بشراء المشتقات النفطية من الموردين بأسعار مرتفعة وبيعها بأسعار البيع الرسمية نتج عنه خسائر كبيرة تتجاوز 12 مليار ريال، كما كشفت عن التصرّف بـ "المخزون الاستراتيجي" نتيجة للاتفاق الذي وقّعته القيادة الحوثية في شركة النفط اليمنية مع "دائرة الإمداد والتموين العسكري" بوزارة الدفاع، وبلغت مسحوبات وزارة الدفاع التابعة لهم، غير المسددة 23 مليار ريال خلال الفترة من إبريل/ نيسان 2015 وحتى إبريل 2017.
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش، ذكرت في تقرير سابق خلال العام 2017، أن فريق خبراء تابعاً للأمم المتحدة أكد أن الحوثيين يجنون أموالاً طائلة من السوق السوداء، وأن الوقود كان "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين".
وأوضح تقرير للمنظمة بشأن اليمن، أن فريق خبراء تابعاً للأمم المتحدة أفاد بأن الحوثيين جنوا ما يصل إلى 1.14 مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء. ويخوض تحالف عربي بقيادة السعودية حربا طاحنة ضد الحوثيين، على مدار ما يقرب من أربعة أعوام.