تحرير أموال اليمن.. تشغيل قريب للبنك المركزي في عدن

18 نوفمبر 2016
اليمنيون يعانون أزمة مالية خانقة (محمد عويس/فرانس برس)
+ الخط -
توقّعت مصادر حكومية أن يعقد مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، اليوم الخميس، أول اجتماع له في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، بعد مرور شهرين على قرار المقر الرئيسي للبنك من صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمرّدين الحوثيين.

وقالت المصادر، والتي رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد": إنه "من المتوقع الإعلان عن بدء نشاط المركزي اليمني من عدن قريباً واعتماد آلية لصرف رواتب موظفي الدولة".

ووصل منصر القعيطي محافظ البنك المركزي اليمني ، مساء الإثنين الماضي، إلى العاصمة المؤقتة عدن برفقة نائبه وأعضاء مجلس إدارة البنك، في مؤشر على بدء نشاط البنك من المدينة الجنوبية.

وكان الرئيس عبد ربه منصور قد قرّر في 18 سبتمبر/أيلول الماضي، نقل المقر الرئيسي للبنك المركزي اليمني وإدارة عملياته إلى عدن. وقضى القرار بتعيين القعيطي، محافظاً للبنك المركزي ورئيساً لمجلس إدارة البنك، خلفاً لمحمد بن همام.

ونفّذ المحافظ الجديد عقب تعيينه جولة خارجية لحشد التأييد الدولي لقرار نقل البنك وطلب دعم المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.

وتأتي عودة المحافظ الجديد إلى عدن عقب وقف البنك، الأسبوع الماضي، نظام الحوالات (السويفت) في فرع صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، ونقله إلى عدن عبر الشركة المشغلة.

واعتبر خبراء في الاقتصاد أن عودة المحافظ تمثل مؤشراً مهماً على بدء نشاط البنك المركزي بعد مضي شهرين على قرار نقله من العاصمة صنعاء.

وأكّد مصطفى نصر، رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (مستقل) لـ "العربي الجديد"، أن عودة المحافظ ومجلس الإدارة إلى عدن مؤشر مهم على جدية الحكومة في تفعيل أداء البنك المركزي.

وقال نصر: "هناك العديد من المتطلبات لا بد من القيام بها، في مقدمتها استمرار تواجدهم في عدن لإدارة السياسة النقدية والبدء بإجراءات استعادة الثقة محلياً مع القطاع المصرفي والمواطنين ثم استعادة الثقة بين القطاع المصرفي المحلي والإقليمي والدولي".

وشدّد على أهمية التهيئة لتسليم المرتبات لموظفي الدولة من خلال البدء بالمحافظات الجاهزة بالكشوفات والبيانات بالتعاون مع وزارة المالية.

وأشار نصر إلى ضرورة إعلان قيادة البنك عن الالتزام بالشفافية والخضوع لرقابة شركة مراجعة دولية لتعزيز الثقة بالبنك لدى المؤسسات الدولية المختلفة.

وتدور شكوك حول قدرة الحكومة على بدء نشاط البنك المركزي من عدن نتيجة عدم استكمال نقل جميع أنظمة ووظائف البنك من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وقالت مصادر في البنك المركزي بعدن لـ"العربي الجديد" إنه "تم نقل نظام التحويلات المالية (سويفت) إلى المقر الرئيس للبنك في عدن لكن لم يتم تشغيله بعد".

وأوضحت المصادر، والتي رفضت ذكر اسمها، أنه لا تزال معظم أنظمة ووظائف البنك في صنعاء، ومنها الرقابة على البنوك والصرافة وإدارة الدين العام ونظام إدارة المساعدات الخارجية وإدارة الاحتياطي النقدي بالخارج.

لكن فكري عبد الواحد، الخبير المصرفي، أكّد لـ "العربي الجديد" أن البنك المركزي أصبح قادراً على بدء نشاطه.

وقال عبد الواحد: "نقل نظام التحويلات (سويفت) يمنح البنك المركزي القدرة على القيام ببقية مهام البنك ومنها (الرقابة، إدارة الدين العام، المساعدات، الاحتياطي)، لأن بيانات الدين العام والمساعدات يمكن توفيرها من مصدرها، وبالنسبة للرقابة على البنوك والاحتياطي يمكنهما العمل من نقطة البداية وستتوفر البيانات عندئذ بشكل تلقائي".

وأكّد الخبير المصرفي أن على البنوك التجارية أن تستوعب قرار نقل البنك وتحمي أموالها وأصولها بنقل عملياتها إلى عدن.


وكان محافظ البنك المركزي اليمني قد وجّه البنوك التجارية والإسلامية في تعميم أصدره يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، للتعامل الوحيد مع المقر الجديد في عدن. وأكد المحافظ أن البنوك المحلية عليها مراعاة أن تكون إصدارات أذون الخزانة والسندات الحكومية والصكوك الإسلامية وشهادات الإيداع صادرة بتوقيعه.

كذلك وجّه المحافظ البنوك اليمنية المحلية بفتح حسابات لها في عدن وإجراء كافة المعاملات المالية والمصرفية مع تلك الحسابات.

من جانبه، اعتبر أحمد سعيد شماخ، رئيس مؤسسة الإعلام المالي والاقتصادي للدراسات (مستقل) ، أن توقيف نظام سويفت سيحدث شللاً في القطاع المصرفي وسيؤدّي إلى مزيد من الإرباك للحياة الاقتصادية.

وقال شماخ لـ "العربي الجديد": "نتطلع من المحافظ الجديد أن يعمل على استئناف البنك المركزي وإعادة تشغيل نظام التحويلات المالية، وأن يعود البنك لتأدية مهامه، وفقا لقرارات إنشائه، حتى ﻻ تتوقّف ديناميكية الاقتصاد الوطني".

واعتبر شماخ أن توقف عمل نظام سويفت معناه إيقاف أرصدة البنوك وتعطيل أعمالها بالكامل وليس فقط فرع البنك المركزي بصنعاء.

وأوضح شماخ أن أي تباطؤ في استئناف نشاط المركزي سوف ينعكس سلباً على الاقتصاد والقطاع المصرفي وكل المتعاملين.

ويعاني اليمن من أزمة سيولة نقدية منذ يونيو/حزيران الماضي، على خلفية التراجع الحاد للإيرادات العامة، أدّت إلى أزمة رواتب وإضراب شامل، شل معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والعاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد)، مقر الحكومة.

ولم يتسلم جميع موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحكومة رواتبهم لشهر سبتمبر/أيلول الماضي، بينما يشكو الموظفون في مناطق سيطرة الحوثيين من عدم صرف رواتبهم منذ أغسطس/آب.

وتعهّدت الحكومة اليمنية الشرعية، الأحد الماضي، بصرف رواتب موظفي الدولة في جميع محافظات البلاد، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وقال رئيس الوزراء اليمني، أحمد بن دغر، إن حكومته "ستصرف قريباً رواتب جميع الموظفين المدنيين والعسكريين، ووفقاً لموازنة 2014، وفي كل المحافظات حتى تلك التي يسيطر عليها الحوثيون، التزاماً منها بمهامها الدستورية والقانونية وشعوراً بالمسؤولية الوطنية تجاه الشعب اليمني".

لكن مسؤولاً في البنك المركزي بعدن أوضح لـ"العربي الجديد"، أن صرف رواتب موظفي الدولة بالمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين مرتبط بوصول نقود جديدة طبعت في روسيا، والمتوقع استلامها نهاية ديسمبر/كانون الأول.

وقال المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه: "الحكومة بلا ميزانية، بعد أن صرف الحوثيون ميزانية 2016، ومن بداية عام 2017، ستدير الحكومة الميزانية، وستصرف الرواتب لكل الموظفين وفقا لموازنة 2014". وتتهم الحكومة الشرعية المتمردين الحوثيين باستنزاف الاحتياطي الأجنبي، والعبث بالإيرادات العامة.