صادق البرلمان التونسي، اليوم الثلاثاء، بالأغلبية المطلقة للأصوات، على قانون يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام، وهو يلزم القانون آلاف المسؤولين والموظفين الحكوميين بالكشف عن ثرواتهم ومكاسبهم، بهدف الحد من الفساد والإثراء غير المشروع.
وشهد التصويت على القانون، خلال الجلسة العامة المنعقدة اليوم، موافقة 126 نائبًا وتحفّظ نائب وحيد ودون اعتراض (127 شاركوا في عملية التصويت من أصل 217).
ويهدف القانون، بحسب بنده الأول، إلى "دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة ومكافحة الإثراء غير المشروع وحماية المال العام".
وينص القانون، الذي يتضمن 52 بنداً، على عقوبات ضد مرتكبي جرائم الامتناع عن التصريح بالمكاسب أو الإثراء غير المشروع، تصل إلى خمس سنوات سجنا، وغرامات مالية.
ووصف الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني في تصريحات إعلامية إقرار البرلمان لهذا القانون بالخطوة الإيجابية، قائلا إنه "مشروع ثوري في المنظومة التشريعية ومن أهم الإصلاحات التي أقرتها الحكومة".
وأضاف: "نتمنى أن تخطو تونس اليوم خطوة مهمة في مكافحة الفساد، وأنا متأكد من أن المصادقة على المشروع ستحسن من ترتيب تونس في مؤشرات مكافحة الفساد، والأهم أنه سيعطي ثقة للتونسيين بأن الإرادة السياسية موجودة والحكومة ماضية في مكافحة الفساد".
وبحسب المتحدث باسم الحكومة التونسية، فإنه "بمجرد إقرار القانون سيخضع المسؤولون في الحكومة والرئاسة إلى جانب النواب وآلاف الموظفين الحكوميين بصفة آلية للمراقبة المالية".
وقال الدهماني، في جلسة برلمانية سابقة، إن "القانون يلزم المسؤولين والموظفين بالكشف عن ممتلكاتهم ومكاسبهم، بهدف مكافحة الإثراء غير المشروع".
وأضاف الناطق باسم الحكومة أن "المنظومة القانونية في تونس قاصرة ولا بد من إثبات الرشوة، وبموجب إقرار القانون يمكن لكل المواطنين مساءلة المسؤولين (من أين لكم هذا؟)".
وستتولى هيئة الحوكمة ومكافحة الفساد في تونس (دستورية مستقلة) عملية المراقبة الآلية للممتلكات والمكاسب.
وفي 24 مايو/ أيار 2017، أعلنت الحكومة التونسية حملة لمكافحة الفساد، وقامت بموجب قانون الطوارئ باعتقال عدد من رجال الأعمال وعناصر بالجمارك والمهربين المتورطين بتهم تتعلق بالفساد.
وبحسب "مؤشر مدركات الفساد" للعام 2017، الصادر عن "منظمة الشفافية الدولية" في فبراير/ شباط الماضي، فقد احتلت تونس المرتبة الـ74 عالمياً في مجال مكافحة الفساد في القطاع العمومي مسجّلة بذلك تقدّما بمرتبة واحدة مقارنة بعامي 2015 و2016.
مضمون القانون
يضبط هذا القانون شروط وإجراءات التصريح بالمكاسب والمصالح بالنسبة إلى بعض أصناف أعوان القطاع العام، كما يحدد كيفية التصرف في حالات تضارب المصالح وآليات مكافحة الإثراء غير المشروع بالقطاع العام.
ويخضع لأحكام هذا القانون كل شخص طبيعي، سواء كان معيّنا أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقّتة، تعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى الدولة أو جماعة محليّة أو لدى مؤسسة أو هيئة أو منشأة عمومية سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل، كما يخضع لأحكام هذا القانون كل من له صفة مأمور عمومي أو من يعيّنه القضاء للقيام بمأمورية قضائية.
ويضبط القانون قائمة الوظائف الخاضعة للتصريح على المكاسب وحالات تضارب المصالح وآليات مكافحة الإثراء غير المشروع، حيث يستهدف القانون نحو 32 وظيفة في الدولة سيكون أصحابها مطالبين بالتصريح الدوري عن مكاسبهم كل 3 سنوات على امتداد فترة مباشرتهم للعمل، إلى جانب التصريح عند المغادرة النهائية للوظيفة.
ويفرض القانون 300 دينار، أي نحو 115 دولارا، عن كل شهر تأخير، على كل من يمتنع عن التصريح بمكاسبه ومصالحه إثر انتهاء مهامه.
وإذا تواصل التأخير 6 أشهر يكون العقاب بالسجن لمدة سنة وتغريم المعني 20 ألف دينار، أي ما يعادل 7.6 آلاف دولار.
وإذا كان الممتنع من المنتخبين يضاف على العقوبات المذكورة عقوبة الحرمان من الترشح للوظائف العامة لمدة 5 سنوات.
كذلك، يعاقب كل من يتعمد تقديم تصريح مغلوط بإخفاء حقيقة مكاسبه أو مكاسب قرينه أو أبنائه القصر أو مصالحه بخطية مالية تساوي عشرة أضعاف المكاسب التي تم إخفاؤها ويعد ذلك قرينة على توفر شبهة الثراء غير المشروع الذي يخول للهيئة مباشرة إجراءات التقصي والتحقق بشأنها.