دخلت الموظفة في حكومة قطاع غزة السابقة، ناريمان الصباغ، في حالة من العصبية وهي تتحدث عن معاناتها مثل آلاف الموظفين الفلسطينيين في الحكومة التي كانت تديرها حركة "حماس" طيلة السنوات العشر الماضية، نتيجة عدم التزام السلطة الفلسطينية بصرف رواتبهم وفق اتفاق القاهرة الأخير.
وحرصت الصباغ، وآلاف الموظفين، على المشاركة في المسيرة الاحتجاجية التي نظمتها نقابة الموظفين في القطاع العام، اليوم الثلاثاء، بمدينة غزة، وانتهت بوقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الوزراء، حيث رفعوا لافتات وشعارات كتب عليها: "ارحل يا حمدالله" وأخرى " فلتسقط حكومة الحمدالله"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله.
ولم يتلق موظفو حكومة غزة السابقة الذين عينوا بعد عام 2007، أي دفعات مالية من حكومة الوفاق، في حين نص اتفاق القاهرة الموقع في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على دفع الحكومة دفعات مالية لا تقل عن 50 في المائة، حتى مطلع فبراير/شباط المقبل، وهو موعد انتهاء عمل اللجنة الإدارية التي تبحث ملف الموظفين.
وتقول الصباغ لـ"العربي الجديد"، إن واقع الموظفين في القطاع الحكومي بات صعباً للغاية في ظل عدم انتظام الرواتب وتراكم الديون عليهم، في حين لا تزال الحكومة ترفض صرف أي دفعات مالية للموظفين الذين لا يزالون يمارسون أعمالهم.
وتضيف أن "واقع الحياة في غزة أصبح لا يطاق، خصوصاً وأن أحلام الصغير والكبير باتت تتحطم على عتبات الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي تفاقم خلال الفترة الماضية، فضلاً عن استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض للعام الحادي عشر على التوالي على القطاع".
ويطالب الموظفون حكومة رامي الحمد الله، والرئيس محمود عباس، بالتحرك الفوري لصرف رواتبهم، وعدم التباطؤ في تنفيذ اتفاق المصالحة الذي دعمه الموظفون منذ اللحظة الأولى للإعلان عنه.
ويعمل نحو 40 ألف موظف عينتهم حركة "حماس" بعد عام 2007، في مختلف الوزارات والمنشآت الحكومية بشقيها المدني والعسكري، ويعيل هؤلاء أكثر من ربع مليون مواطن فلسطيني يعيشون في القطاع الذي يعاني حالة من الموت السرير في شتى المجالات المعيشية والاقتصادية.
ولم يكن حال الموظف نعيم أبو شاويش، أفضل حالاً من غيره من الموظفين، فهو يعيل أسرة مكونة من 13 فرداً، ولم يحصل على أي دفعة مالية منذ نهاية أكتوبر الماضي، وهي الفترة التي تسلمت حكومة الوفاق مهامها في أعقاب حل "حماس" لجنتها الإدارية التي شكلتها سابقاً لإدارة شؤون القطاع.
يقول أبو شاويش، إنه يعمل في الحكومة، منذ ما يزيد عن 29 عاماً، وعاصر العمل المدني تحت سيطرة الاحتلال، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن السلطة الفلسطينية في أعقاب 2007، أقدمت على قطع راتبه استناداً إلى تقارير كتبت بحقه، لكنه واصل العمل مع حكومة حركة "حماس" قبل أن تتفاقم أزمة الموظفين بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
وقال نقيب الموظفين العموميين في غزة، يعقوب الغندور، في كلمة له خلال المسيرة الاحتجاجية، إن حكومة الوفاق الوطني تحكم بالإعدام على 40 ألف موظف يخدمون أكثر من مليوني مواطن، عدا عن استمرارها في ضرب كل مقومات صمود الشعب الفلسطيني عبر الخصومات التي تطاول موظفي السلطة.
ويؤكد الغندور، أن الموظفين منحوا الفرصة الكاملة للحكومة، منذ إعلان الشاطئ عام 2014، من أجل إنجاح المصالحة، إلا أنها ما تزال تتهرب من استحقاقاتها عبر التنكر لحقوق الموظفين، وهو ما يوحي، أن مصير المصالحة إما التعطيل أو الفشل، وهو ما يعني أنه بات على الحكومة الرحيل.
بدوره، يطالب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، في كلمته عن القوى الوطنية والإسلامية، السلطة الفلسطينية بضرورة العمل الفوري والجاد لحل أزمة الموظفين الذين جرى تعيينهم استناداً لاتفاقي القاهرة الموقعين في 2011 و2017.
ويشدد البطش، على أن قضية الموظفين يجب ألا تبقى رهناً للصبر أو التعامل الأخلاقي كونها تحتاج لحل سريع عبر إعادة تسكين الموظفين وهيكلتهم كما نصت اتفاقيات المصالحة الموقعة خلال السنوات الماضية، كونها قضية تمس بآلاف الموظفين.
في سياق متصل، قال نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني ورئيس اللجنة القانونية الإدارية الخاصة بموظفي غزة، زياد أبو عمرو، اليوم الثلاثاء، إن اللجنة ستعقد اجتماعًا لها في غزة غدًا بحضور كامل أعضائها.
وأوضح أبو عمرو، في تصريح نشرته وكالة الأنباء الرسمية "وفا"، أن اللجنة تضم في عضويتها كلاً من: شكري بشارة، وموسى أبو زيد، وماجد الحلو، ومحمد عبد القادر الرقب، مشيراً إلى أن اللجنة ستركز في جلستها على وضع المعايير والآليات الخاصة بحل مشكلة موظفي غزة كما جاء في اتفاق القاهرة.