أخيرًا، قطعت الحكومة الجزائرية الشك باليقين حول شائعات زيادة أسعار الوقود، فأقرتها رسمياً في موازنة السنة المقبلة التي من المتوقع أن يواجه فيها المواطنون مزيداً من الأعباء المعيشية.
وقررت حكومة رئيس الوزراء، أحمد أويحيى، التي عينت في أغسطس/آب الماضي، إدخال بعض الزيادات على الرسوم المطبقة على بعض المواد واسعة الاستهلاك، منها مواد الطاقة والأغذية وأخرى من الكماليات، وذلك في الوقت الذي يعاني المواطنون من شدة الغلاء.
ومن بين الزيادات تبرز أسعار كافة أنواع الوقود، فحسب النسخة النهائية من قانون الموازنة العامة، تقترح الحكومة رفع أسعار الوقود، للسنة الثالثة على التوالي، بزيادة بين دينارين و5 دنانير. ليرتفع بدءاً من يناير/كانون الثاني المقبل، في حال مصادقة البرلمان على الاقتراح، سعر اللتر الواحد من الوقود من نوع "بنزين الممتاز" إلى 41.39 ديناراً، و40.98 ديناراً لـ "البنزين دون رصاص"، في حين يرتفع سعر "الديزل" إلى 22.53 ديناراً للتر الواحد.
هذه الزيادة المنتظرة جعلت الشارع الجزائري في حالة من الغليان، فالتجارب التي عاشها مع رفع أسعار الوقود مطلع سنتي 2016 و2017، كشفت أن الزيادة أثرت سلباً على أسعار السلع الغذائية والخضر والفواكه واللحوم، وأعمال التشييد والبناء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخدمات وخدمات النقل بكل أنواعها.
وقد أبدت كل حلقات سلسلة الإنتاج والاستهلاك في الدولة غضبها من رفع أسعار الوقود بداية من المنتج والمزارع وصولا إلى المستهلك، الذي يمثل آخر الحلقات وأضعفها.
وفي السياق، استقبل المزارع عبد الباقي بكيس من محافظة المسيلة (250 كلم عن العاصمة) خبر رفع أسعار الوقود بكثير من الانفعال، حيث قال المزارع لـ "العربي الجديد" إن مصاريف النقل وتشغيل مضخات المياه ارتفعت بقرابة 40% منذ بداية 2016، وإذا تمسكت الحكومة بخيار رفع أسعار الوقود سترتفع المصاريف بحوالي 60%.
وأضاف أن المزارعين سيكونون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما رفع الأسعار، وهو الوارد الآن، أو ترك الزراعة كما فعل الكثيرون في السنتين الماضيتين.
وواصل المزارع الجزائري قائلا إن الشاحنة التي كانت تنقل لي الخضر والفواكه إلى سوق الجملة في العاصمة بنحو 30 ألف دينار (290 دولارا) سيرفع صاحبها ثمن النقل بحجة ارتفاع أسعار الوقود، بالرغم من عدم توافق الزيادة في ثمن النقل مع الزيادة في مصاريف الوقود، وهو ما كشفته التجربة في السنة الماضية والسنة الحالية، وفق بكيس.
وعلى نفس الرأي، سار عميد نقابة الجمعية الجزائرية للبحارين الصيادين، حسين بلوط، الذي أنذر الجزائريين بارتفاع آخر في أسعار السمك التي باتت خارج القدرة الشرائية للجزائريين منذ شهور، بعد القفزات التي طاولت أسعارها.
ويقول بلوط لـ "العربي الجديد" إن محركات سفن الصيد تشتغل بالديزل، فقبطان السفينة سيضطر إلى رفع الأسعار، لإحداث التوازن بين مصاريف الرحلة واليد العاملة وقيمة ما يصطاده حتى لا يقع في الخسارة.
المواطن المستهلك هو الآخر ستصله درجة غليان الأسعار بفعل رفع أسعار الوقود إلى الضعف، إذ يعتبر الحلقة الأخيرة التي تدفع الثمن الذي يكون في كثير من الأحيان فوق طاقة جيبه.
ويقول المواطن الجزائري نور الدين دهقان: "أسعار المواصلات ارتفعت السنة الماضية والسنة الحالية بدون ترخيص من وزارة النقل، فالناقلون من القطاع الخاص رفعوا سعر التذاكر بين 5 و10 دنانير، ولم تحرك الحكومة مراقبيها، والأكيد سترتفع الأسعار مجددا بالرغم من تأكيد وزارة النقل أن أسعار نقل المسافرين لن ترتفع".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد"، أن المواطن هو من سيدفع من جيبه ثمن فشل الحكومة، أين يتجه يجد الأسعار ارتفعت، والسبب إما رفع أسعار الوقود أو رفع الضرائب.
ومما زاد من تخوف الجزائريين وغضبهم هو رفع الحكومة حجم الضريبة على الاستهلاك الداخلي، المطبقة على 90% من السلع الموجودة في الأسواق، حيث رفعت حجم الضريبة بنسبة متفاوتة تصل إلى 10% فيما يتعلق بالتبغ والبن والمكسرات (اللوز والفول السوداني والكاجو) بالإضافة إلى خدمات الإنترنت وعملية شحن أرصدة خطوط الهواتف النقالة.
وفي تعليق على هذه الزيادات، قال السعيد صناورية- متقاعد من العاصمة الجزائرية: "كل شيء زاد سعره إلا الرواتب والمعاشات فهي ثابتة، في حين تهوي القدرة الشرائية إلى القاع بسرعة".
وأضاف المواطن الجزائري، في حديث مع "العربي الجديد": "معاشي 19 ألف دينار (180 دولارا) وهو لا يكفي الآن حتى لأكمل 15 يوما من الشهر، والظاهر مستقبلا أنه لن يكفي أسبوعا واحدا".
وترى نادية، التي تعمل في أحد مصانع الأدوية، أن الغريب في كل ما يعيشه المواطن هو خروج بعض الوزراء مؤكدين أن الزيادات التي تقرها الحكومة لن يكون لها تأثير على القدرة الشرائية، قائلة: "لا أدرى بأي منطق يسيرون".
وأضافت نادية لـ "العربي الجديد" أنها باتت لا تقود سيارتها، خاصة في قلب العاصمة، بعدما ارتفعت الميزانية المخصصة للوقود إلى مستويات غير مسبوقة.
ويضمن نظام الدعم الجزائري تغطية جزء من أسعار الوقود والماء والكهرباء والحليب والزيت بالإضافة إلى أسعار السكر والطحين.
اقــرأ أيضاً
وقررت حكومة رئيس الوزراء، أحمد أويحيى، التي عينت في أغسطس/آب الماضي، إدخال بعض الزيادات على الرسوم المطبقة على بعض المواد واسعة الاستهلاك، منها مواد الطاقة والأغذية وأخرى من الكماليات، وذلك في الوقت الذي يعاني المواطنون من شدة الغلاء.
ومن بين الزيادات تبرز أسعار كافة أنواع الوقود، فحسب النسخة النهائية من قانون الموازنة العامة، تقترح الحكومة رفع أسعار الوقود، للسنة الثالثة على التوالي، بزيادة بين دينارين و5 دنانير. ليرتفع بدءاً من يناير/كانون الثاني المقبل، في حال مصادقة البرلمان على الاقتراح، سعر اللتر الواحد من الوقود من نوع "بنزين الممتاز" إلى 41.39 ديناراً، و40.98 ديناراً لـ "البنزين دون رصاص"، في حين يرتفع سعر "الديزل" إلى 22.53 ديناراً للتر الواحد.
هذه الزيادة المنتظرة جعلت الشارع الجزائري في حالة من الغليان، فالتجارب التي عاشها مع رفع أسعار الوقود مطلع سنتي 2016 و2017، كشفت أن الزيادة أثرت سلباً على أسعار السلع الغذائية والخضر والفواكه واللحوم، وأعمال التشييد والبناء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الخدمات وخدمات النقل بكل أنواعها.
وقد أبدت كل حلقات سلسلة الإنتاج والاستهلاك في الدولة غضبها من رفع أسعار الوقود بداية من المنتج والمزارع وصولا إلى المستهلك، الذي يمثل آخر الحلقات وأضعفها.
وفي السياق، استقبل المزارع عبد الباقي بكيس من محافظة المسيلة (250 كلم عن العاصمة) خبر رفع أسعار الوقود بكثير من الانفعال، حيث قال المزارع لـ "العربي الجديد" إن مصاريف النقل وتشغيل مضخات المياه ارتفعت بقرابة 40% منذ بداية 2016، وإذا تمسكت الحكومة بخيار رفع أسعار الوقود سترتفع المصاريف بحوالي 60%.
وأضاف أن المزارعين سيكونون أمام خيارين لا ثالث لهما، إما رفع الأسعار، وهو الوارد الآن، أو ترك الزراعة كما فعل الكثيرون في السنتين الماضيتين.
وواصل المزارع الجزائري قائلا إن الشاحنة التي كانت تنقل لي الخضر والفواكه إلى سوق الجملة في العاصمة بنحو 30 ألف دينار (290 دولارا) سيرفع صاحبها ثمن النقل بحجة ارتفاع أسعار الوقود، بالرغم من عدم توافق الزيادة في ثمن النقل مع الزيادة في مصاريف الوقود، وهو ما كشفته التجربة في السنة الماضية والسنة الحالية، وفق بكيس.
وعلى نفس الرأي، سار عميد نقابة الجمعية الجزائرية للبحارين الصيادين، حسين بلوط، الذي أنذر الجزائريين بارتفاع آخر في أسعار السمك التي باتت خارج القدرة الشرائية للجزائريين منذ شهور، بعد القفزات التي طاولت أسعارها.
ويقول بلوط لـ "العربي الجديد" إن محركات سفن الصيد تشتغل بالديزل، فقبطان السفينة سيضطر إلى رفع الأسعار، لإحداث التوازن بين مصاريف الرحلة واليد العاملة وقيمة ما يصطاده حتى لا يقع في الخسارة.
المواطن المستهلك هو الآخر ستصله درجة غليان الأسعار بفعل رفع أسعار الوقود إلى الضعف، إذ يعتبر الحلقة الأخيرة التي تدفع الثمن الذي يكون في كثير من الأحيان فوق طاقة جيبه.
ويقول المواطن الجزائري نور الدين دهقان: "أسعار المواصلات ارتفعت السنة الماضية والسنة الحالية بدون ترخيص من وزارة النقل، فالناقلون من القطاع الخاص رفعوا سعر التذاكر بين 5 و10 دنانير، ولم تحرك الحكومة مراقبيها، والأكيد سترتفع الأسعار مجددا بالرغم من تأكيد وزارة النقل أن أسعار نقل المسافرين لن ترتفع".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد"، أن المواطن هو من سيدفع من جيبه ثمن فشل الحكومة، أين يتجه يجد الأسعار ارتفعت، والسبب إما رفع أسعار الوقود أو رفع الضرائب.
ومما زاد من تخوف الجزائريين وغضبهم هو رفع الحكومة حجم الضريبة على الاستهلاك الداخلي، المطبقة على 90% من السلع الموجودة في الأسواق، حيث رفعت حجم الضريبة بنسبة متفاوتة تصل إلى 10% فيما يتعلق بالتبغ والبن والمكسرات (اللوز والفول السوداني والكاجو) بالإضافة إلى خدمات الإنترنت وعملية شحن أرصدة خطوط الهواتف النقالة.
وفي تعليق على هذه الزيادات، قال السعيد صناورية- متقاعد من العاصمة الجزائرية: "كل شيء زاد سعره إلا الرواتب والمعاشات فهي ثابتة، في حين تهوي القدرة الشرائية إلى القاع بسرعة".
وأضاف المواطن الجزائري، في حديث مع "العربي الجديد": "معاشي 19 ألف دينار (180 دولارا) وهو لا يكفي الآن حتى لأكمل 15 يوما من الشهر، والظاهر مستقبلا أنه لن يكفي أسبوعا واحدا".
وترى نادية، التي تعمل في أحد مصانع الأدوية، أن الغريب في كل ما يعيشه المواطن هو خروج بعض الوزراء مؤكدين أن الزيادات التي تقرها الحكومة لن يكون لها تأثير على القدرة الشرائية، قائلة: "لا أدرى بأي منطق يسيرون".
وأضافت نادية لـ "العربي الجديد" أنها باتت لا تقود سيارتها، خاصة في قلب العاصمة، بعدما ارتفعت الميزانية المخصصة للوقود إلى مستويات غير مسبوقة.
ويضمن نظام الدعم الجزائري تغطية جزء من أسعار الوقود والماء والكهرباء والحليب والزيت بالإضافة إلى أسعار السكر والطحين.