لم تغب عن المراقبين في المغرب الخسائر التي تكبدتها شركة الطيران المغربية، بعدما أطلقت أولى رحلاتها نحو الصين، قبل أيام من تفشي فيروس كورونا، لتعود وتوقف الرحلات.
وأكد المدير العام للناقلة المغربية، عبد الحميد عدو، أن تداعيات وقف الرحلات، كانت كبيرة بالنظر للاستثمارات التي أنجزت من أجل إطلاق الخط الجوي ما بين البلدين.
وينتظر أن ينعكس وقف الخط سلباً على تدفق السياح الصينيين إلى المملكة، خاصة أن السياحة كانت من أبرز الدوافع التي استدعت إطلاق الخط الجوي نحو العملاق الآسيوي.
ولم يخف بنعدو قلقه من تداعيات تمدد الفيروس إلى إيطاليا التي تعتبر سوقا مهمة بالنسبة للمغرب، مؤكدا على أن الشركة ستتخذ التدابير من أجل خفض التكاليف لمواجهة مشاكل مالية محتملة في العام الحالي.
وتوالت إلغاءات حجوزات السياح الصينيين في الفنادق المغربية، حيث وصلت إلى 28 ألفاً في شهر فبراير/شباط و24 ألف إلغاء في شهر مارس/آذار. ويمثل ذلك العدد إلى حدود الآن حوالي ثلثي السياح الصينيين الذين استقبلتهم المملكة في العام الماضي.
ورغم عدم تسجيل إلا حالة إصابة واحدة بفيروس كورونا في المغرب، إلا أن القلق بدأ يسيطر على مستوردين وتجار. ويعتبر المغرب مستهلكا كبيرا للمنتجات الصينية، حيث إن حوالي 20% من العجز التجاري للمملكة مصدره المبادلات التجارية مع هذا البلد الآسيوي.
وتعتبر الصين رابع شريك تجاري للمغرب، فقد ارتفعت المبادلات التجارية بين البلدين في الثلاثة أعوام الأخيرة، بنسبة 50% وزادت صادرات المملكة في اتجاه العملاق الآسيوي بنسبة 60%.
وبلغت قيمة تلك التبادلات التجارية بين المغرب والصين حوالي 5.2 مليارات دولار في العام 2018. واعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أنه يمكن للمغرب أن يكثف وارداته من أسواق أخرى غير الصين في حال استمرار إغلاق مصانع في الصين.
وأكد الخراطي على أن الأسعار قد ترتفع عن المستوى الحالي في التوجه للاستيراد من أسواق أخرى غير الصين، خاصة مع قرب شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب الاستهلاكي.
وأعلمت ماركات عالمية مستوردين محليين بأن السلع القادمة من الصين ستعرف تأخيرا يتراوح بين شهرين وثلاثة أشهر، ما يشكل خسارة تمثل 20% على مستوى حجم المعاملات بالنسبة لبعض المستوردين.
واعتبر الاقتصادي المغربي محمد بنعياد، أن توقف تزويد السوق المغربية ببعض التجهيزات الضرورية الصينية، كتلك التي تتعلق بالألواح الخاصة لتوليد الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، له انعكاسات سلبية على المغرب.
وأشار مصدر جمركي بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى تسجيل تأخير ملحوظ في عدد الحاويات التي تصل إلى الموانئ المغربية مباشرة من الصين. وتتجه الأنظار في المغرب إلى الأسواق الكبيرة مثل " درب عمر" بالدار البيضاء، التي تؤمن جزءاً كبيراً من السلع الصينية، حيث سجل تباطؤاً للنشاط في الفترة الأخيرة جراء كورونا.
ولفت مراقبون الانتباه إلى أن تراجع الاستيراد من الصين بسبب كورونا، يأتي في سياق متسم، مع وقف التهريب عبر سبتة ومليلية المحتلتين في الفترة الأخيرة، ما من شأنه أن يفضي إلى انخفاض في العرض وارتفاع في أسعار بعض السلع. وأشار هؤلاء إلى أن تأثيرات كورونا على واردات المغرب ونشاطه الاقتصادي، ستتجلى أكثر في حال مست شركاءه الرئيسيين، خاصة في أوروبا التي تمثل 58% من التبادلات التجارية للمملكة.
ورغم القلق الذي يسود حول تعويض الواردات الصينية، إلا أن الخبر السار الذي رافق هذا الوضع، يتمثل في انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، ما ينعكس إيجابا على أصحاب السيارات وشركات نقل السلع والقطاعات الإنتاجية وغيرها.