أنهت حكومة بشار الأسد مرحلة تجميد الإقراض والتمويل داخل البلاد، وعمّمت قبل أيام على المصارف العامة والخاصة العاملة في سورية، قراراً بإنهاء مفعول التعاميم التي كانت سارية، خلال الحرب الدائرة، وفيها تشديد على ضرورة "التريّث" في منح القروض الجديدة وتمويل المشروعات الاستثمارية وتمويل التجارة الداخلية والخارجية.
ولاقى القرار الحكومي ردود فعل متباينة داخل الأوساط الاقتصادية والاستثمارية ومجتمع المال والأعمال، إذ اعتبره كثير من المحللين أنه مجرد دعاية سياسية خاصة مع استمرار الحرب الدائرة، منذ نحو 7 سنوات، وتأثيرها السلبي على القطاع المصرفي والمالي، في حين اعتبرها آخرون أنها محاولة من الحكومة لتشجيع الاستثمار المتراجع وضخ سيولة لتمويل التجارة والاستيراد خوفاً من زيادات مرتقبة في أسعار السلع والخدمات خاصة الأغذية والمشتقات البترولية.
وأشار التعميم الصادر عن حكومة الأسد، والذي اطلع عليه "العربي الجديد"، إلى البدء بمنح البنوك القروض والتسهيلات الائتمانية مباشرة بالليرة السورية، لأغراض تمويل المستوردات والمشاريع الإنتاجية وتمويل شراء السيارات.
وكشفت مصادر مصرفية خاصة من العاصمة السورية دمشق عن أن تعميم مصرف سورية المركزي بعودة القطاع المصرفي إلى أنشطة الإقراض والتمويل، لم يلقَ استحساناً من المصارف الحكومية الستة المهيمنة على السوق، لأنه فرض قيوداً عليها مقابل تقديمه تسهيلات للمصارف الخاصة.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن وزارة المالية في دمشق تدرس الآن مقترحات مديري المصارف الحكومية التي رفعت "احتجاجاً" إلى رئاسة الوزراء على القرار، لمساواتها بالمصارف الخاصة، وإزالة القيود المفروضة عليها، وخاصة ما يتعلق منها بدعم المشاريع التنموية والإنتاجية وتوجيه التمويل والقروض إلى القطاع الصناعي، وبنسب فائدة منخفضة لا تتجاوز 10% في السنة، في حين فُتح باب الإقراض للمصارف الخاصة من دون شروط وبنسبة فائدة مرتفعة.
وحول نسبة الفوائد لقروض المصارف الخاصة، بينّت المصادر أنها متفاوتة، تبدأ من 13% سنوياً كحد أدنى، وتصل إلى 21% إذا كان القرض طويل الأمد، مثلاً، بنك "بيمو السعودي الفرنسي" فتح باب القروض العقارية والترميم السكني لمدة 10 سنوات، وحدد سعر الفائدة الفضلى بنحو 15% خلال السنوات الثلاث الأولى، لترتفع بعد ذلك إلى أكثر من 20% سنوياً.
وتضيف المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن ثمة حصصاً كبيرة من كعكة القروض، تم تخصيصها للمصارف الحكومية، وإن بنسب فائدة منخفضة، فالمصرف التجاري السوري التابع للدولة، على سبيل المثال، استأثر بتمويل منطقة خلف الرازي في العاصمة دمشق بعشرات المليارات من الليرات، وهي قروض مضمونة التحصيل.
اقــرأ أيضاً
وهذا التشكيك ينسحب على الأرباح التي ادعت المصارف تحقيقها، العام الماضي، كما يرى عبد الجليل، متسائلاً: كيف يربح المصرف التجاري أكثر من 25 مليار ليرة، وهو يعترف أن العلميات كانت متوقفة، ويرحب اليوم بعودة الإقراض وإنهاء مرحلة التريّث؟".
ويؤكد مدير سابق لفرع في المصرف التجاري السوري، أن بعض المصارف الحكومية، مثل مصرف التسليف الشعبي، لم يقدم أي قرض منذ بداية الحرب السورية، سوى 1.8 مليار ليرة العام الفائت إلى العسكريين بسعر فائدة 11%، وتقتصر عملياته على طرح شهادات الاستثمار.
وعلى رغم ذلك، يعلن المصرف في بياناته المالية قبل أيام، ارتفاع الأرباح السنوية وتطور السيولة لديه بنسبة 70% عن العام الفائت. إذاً، ثمة مغالطات وتضليل في أرقام المصارف، ما يصعّب على أي باحث كشف الأسرار والخسائر التي تخفيها.
وحول عودة الحكومة السماح للبنوك بمنح القروض الاستثمارية والتجارية، يجيب المصرفي السوري "العربي الجديد"، إن ثمة إيجابيات وسلبيات في هذه الخطوة، لكن تنشيط بعض القطاعات، كالمهن والحرف والمشروعات الصناعية، عبر التسليف، هو أمر ضروري، كما في ذلك ضرورة للمصارف لزيادة التوظيفات المالية من خلال أقنية وأنشطة تسليفية متوقفة منذ سنوات.
اقــرأ أيضاً
وحوّل نظام بشار الأسد سورية إلى بقايا دولة بعد أن دمّر اقتصادها وقطاعاتها الإنتاجية ونسف بنيتها التحتية، وتجاوزت خسائر الحرب 275 مليار دولار، خلال السنوات الست التي أعقبت الثورة في مارس/آذار 2011، حسب تقرير رسمي.
وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 55%، وتفاقمت نسبة الفقر إلى نحو 80% والبطالة 70%، حسب تقارير حديثة.
وتوقع محمود حسين خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يؤدي انطلاق عمليات الإقراض إلى زيادة عرض الليرة السورية في السوق، والذي يفوق اليوم 700 مليار ليرة، ما سينعكس سلباً على سعر صرف الليرة، إلا إذا سُحب فائض السيولة عبر رفع نسب الفائدة وطرح سندات وأذونات خزينة، متسائلاً: "ماذا يمكن أن يفعل القرض الذي يُقال إن سقفه للمشروعات الزراعية والصناعية، لن يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية (الدولار 465 ليرة)، على وقع ارتفاع الأسعار وصعوبة تأسيس مشروعات جديدة وهول الدمار الذي أصاب الشركات القائمة؟
ولاقى القرار الحكومي ردود فعل متباينة داخل الأوساط الاقتصادية والاستثمارية ومجتمع المال والأعمال، إذ اعتبره كثير من المحللين أنه مجرد دعاية سياسية خاصة مع استمرار الحرب الدائرة، منذ نحو 7 سنوات، وتأثيرها السلبي على القطاع المصرفي والمالي، في حين اعتبرها آخرون أنها محاولة من الحكومة لتشجيع الاستثمار المتراجع وضخ سيولة لتمويل التجارة والاستيراد خوفاً من زيادات مرتقبة في أسعار السلع والخدمات خاصة الأغذية والمشتقات البترولية.
وأشار التعميم الصادر عن حكومة الأسد، والذي اطلع عليه "العربي الجديد"، إلى البدء بمنح البنوك القروض والتسهيلات الائتمانية مباشرة بالليرة السورية، لأغراض تمويل المستوردات والمشاريع الإنتاجية وتمويل شراء السيارات.
وكشفت مصادر مصرفية خاصة من العاصمة السورية دمشق عن أن تعميم مصرف سورية المركزي بعودة القطاع المصرفي إلى أنشطة الإقراض والتمويل، لم يلقَ استحساناً من المصارف الحكومية الستة المهيمنة على السوق، لأنه فرض قيوداً عليها مقابل تقديمه تسهيلات للمصارف الخاصة.
وقالت المصادر لـ"العربي الجديد" إن وزارة المالية في دمشق تدرس الآن مقترحات مديري المصارف الحكومية التي رفعت "احتجاجاً" إلى رئاسة الوزراء على القرار، لمساواتها بالمصارف الخاصة، وإزالة القيود المفروضة عليها، وخاصة ما يتعلق منها بدعم المشاريع التنموية والإنتاجية وتوجيه التمويل والقروض إلى القطاع الصناعي، وبنسب فائدة منخفضة لا تتجاوز 10% في السنة، في حين فُتح باب الإقراض للمصارف الخاصة من دون شروط وبنسبة فائدة مرتفعة.
وحول نسبة الفوائد لقروض المصارف الخاصة، بينّت المصادر أنها متفاوتة، تبدأ من 13% سنوياً كحد أدنى، وتصل إلى 21% إذا كان القرض طويل الأمد، مثلاً، بنك "بيمو السعودي الفرنسي" فتح باب القروض العقارية والترميم السكني لمدة 10 سنوات، وحدد سعر الفائدة الفضلى بنحو 15% خلال السنوات الثلاث الأولى، لترتفع بعد ذلك إلى أكثر من 20% سنوياً.
وتضيف المصادر التي طلبت عدم ذكر اسمها، أن ثمة حصصاً كبيرة من كعكة القروض، تم تخصيصها للمصارف الحكومية، وإن بنسب فائدة منخفضة، فالمصرف التجاري السوري التابع للدولة، على سبيل المثال، استأثر بتمويل منطقة خلف الرازي في العاصمة دمشق بعشرات المليارات من الليرات، وهي قروض مضمونة التحصيل.
وتباينت آراء اقتصاديين ومصرفيين سوريين تحدث إليهم "العربي الجديد" حول جدوى عودة القروض المصرفية بالبلاد مع استمرار الحرب والخسائر التي مُنيت بها المصارف خلال 7 سنوات، وتوقف جميع العمليات المصرفية، وأثر زيادة السيولة في تضخم الليرة السورية التي هوت قيمتها من 50 ليرة مقابل الدولار عند بداية الثورة في 2011، لتتجاوز حالياً 450 ليرة، ما يعني أن قيمة العملة الأميركية زادت أكثر من 9 أضعاف أمام العملة السورية خلال فترة الحرب التي لا تزال مستمرة.
ويقول المصرفي السوري ياسر عبدالجليل: "أشكك أولاً في بيانات المصارف، بخاصةٍ الحكومية، والتي كشفت عنها مطلع العام الجاري، إذ من غير المعقول، أن تزيد ودائع المصرف التجارية في العام 2017 عن 1098 مليار ليرة، بواقع زيادة نسبة التضخم عن نسبة الفائدة. بمعنى، من سيودع أمواله في خزائن المصارف ليأكلها التضخم؟ وهذا التشكيك ينسحب على الأرباح التي ادعت المصارف تحقيقها، العام الماضي، كما يرى عبد الجليل، متسائلاً: كيف يربح المصرف التجاري أكثر من 25 مليار ليرة، وهو يعترف أن العلميات كانت متوقفة، ويرحب اليوم بعودة الإقراض وإنهاء مرحلة التريّث؟".
ويؤكد مدير سابق لفرع في المصرف التجاري السوري، أن بعض المصارف الحكومية، مثل مصرف التسليف الشعبي، لم يقدم أي قرض منذ بداية الحرب السورية، سوى 1.8 مليار ليرة العام الفائت إلى العسكريين بسعر فائدة 11%، وتقتصر عملياته على طرح شهادات الاستثمار.
وعلى رغم ذلك، يعلن المصرف في بياناته المالية قبل أيام، ارتفاع الأرباح السنوية وتطور السيولة لديه بنسبة 70% عن العام الفائت. إذاً، ثمة مغالطات وتضليل في أرقام المصارف، ما يصعّب على أي باحث كشف الأسرار والخسائر التي تخفيها.
وحول عودة الحكومة السماح للبنوك بمنح القروض الاستثمارية والتجارية، يجيب المصرفي السوري "العربي الجديد"، إن ثمة إيجابيات وسلبيات في هذه الخطوة، لكن تنشيط بعض القطاعات، كالمهن والحرف والمشروعات الصناعية، عبر التسليف، هو أمر ضروري، كما في ذلك ضرورة للمصارف لزيادة التوظيفات المالية من خلال أقنية وأنشطة تسليفية متوقفة منذ سنوات.
ويبيّن المصرفي عبدالجليل، أن قروض أصحاب المهن تختلف عن قروض أصحاب الدخل المحدود بسورية، سواء لجهة سقف القرض والمدة أو حتى الفائدة، إذ كانت نسبة فائدة قروض أصحاب الدخل المحدود سابقاً بحدود 11%، وفائدة أصحاب المهن 14%، إلا أن نسبة الفوائد الجديدة بعد تعميم المصرف المركزي باستئناف القروض، لم تحدَد أو يُكشف عنها حتى اليوم.
من جهته، يقول الاقتصادي السوري محمود حسين: "أعتقد أن قرار عودة المصارف للإقراض، جاء بناء على ضرورات المرحلة"، متوقعاً أن تبدأ عمليات إعادة الإعمار بتمويل وقروض خارجية، ما يلزم المصارف العاملة بسورية، التوجه نحو تمويل العمليات التجارية والسكنية وترميم المنشآت الصناعية والحرفية، واعتبر أن جزءاً كبيراً من القرار، يمكن وضعه ضمن الدعاية السياسية وحرص نظام الأسد على تسويق تعافي الاقتصاد السوري.وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 55%، وتفاقمت نسبة الفقر إلى نحو 80% والبطالة 70%، حسب تقارير حديثة.
وتوقع محمود حسين خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يؤدي انطلاق عمليات الإقراض إلى زيادة عرض الليرة السورية في السوق، والذي يفوق اليوم 700 مليار ليرة، ما سينعكس سلباً على سعر صرف الليرة، إلا إذا سُحب فائض السيولة عبر رفع نسب الفائدة وطرح سندات وأذونات خزينة، متسائلاً: "ماذا يمكن أن يفعل القرض الذي يُقال إن سقفه للمشروعات الزراعية والصناعية، لن يتجاوز 5 ملايين ليرة سورية (الدولار 465 ليرة)، على وقع ارتفاع الأسعار وصعوبة تأسيس مشروعات جديدة وهول الدمار الذي أصاب الشركات القائمة؟