وتفاقمت الأزمة على مدى العام الماضي، إذ حلت سوق سوداء للدولار فعلياً محل النظام المصرفي الرسمي بعد خفض قيمة الجنيه السوداني، ما زاد صعوبة استيراد السلع الأساسية مثل القمح.
وتضاعف سعر الخبز إلى مثليه في يناير/ كانون الثاني الماضي، ما أدى إلى خروج مظاهرات بعدما ألغت الحكومة الدعم.
وهبط سعر صرف الجنيه السوداني منذ بداية العام، بعدما خفضت الحكومة قيمة العملة إلى 18 جنيهاً مقابل الدولار، وهو أعلى بأكثر من المثلين عن سعر الربط عند 6.7 جنيهات مقابل الدولار.
وشهدت العملة مزيداً من الخفض، إذ يبلغ سعر الصرف الرسمي الآن 29 جنيهاً مقابل الدولار. وجرى تداول الجنيه السوداني بسعر 40 جنيهاً للدولار في السوق السوداء اليوم الثلاثاء.
وصعد معدل التضخم السنوي في السودان بنسبة 63.94% على أساس سنوي، في يوليو/تموز الماضي، مقارنة بـ63.86% في يونيو/ حزيران السابق له.
وأرجع الجهاز المركزي للإحصاء في السودان (حكومي) الارتفاع إلى صعود أسعار مجموعة الأغذية والمشروبات.
وفي حي بانت بمدينة أم درمان في الخرطوم، وقف عشرات المواطنين في صف طويل خارج أحد المخابز.
وقال عبد الله محمود (53 عاما) وهو عامل يومية لـ"رويترز": "هذا شيء لا يطاق. أنا هنا منذ الصباح الباكر في صف العيش لأكثر من ساعتين، ولم أحصل عليه حتى الآن، ولم أذهب إلى العمل".
وشرحت فاطمة ياسين، 36 عاما، وهي تقف في صف النساء "أسعار كل السلع غالية، والعيش غير متوفر، نحن نعيش حياة صعبة، والحكومة لا تهتم بنا".
وشُوهدت صفوف مماثلة في مدن أخرى بالقرب من العاصمة الخرطوم. واستورد السودان مليوني طن من القمح في 2017، حسبما قالت الحكومة في ديسمبر/ كانون الأول، مقارنة مع إنتاج محلي بلغ 445 ألف طن.
وقال أحمد صالح، وهو صاحب مخبز بالخرطوم لرويترز "منذ الأمس، توقفنا عن العمل لعدم حصولنا على حصتنا من الدقيق". لكن والي الخرطوم عبد الرحيم محمد حسين قال في تعليقات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية أمس الإثنين إن الولاية ستتسلم حصتها من إمدادات القمح "خلال يومين".
وعزا تجار القمح من القطاع الخاص، الذين عهدت إليهم الحكومة مسؤولية الاستيراد في بداية هذا العام، نقص الطحين (الدقيق) إلى شح العملة الصعبة. وقال أحد التجار إن رجال الأعمال يضطرون بشكل متزايد إلى شراء العملة الأجنبية من السوق السوداء بسعر أعلى لتمويل الواردات.
ولفت تاجر آخر إلى أنه "في الوقت نفسه، تحدد الحكومة سعر بيع الدقيق بأسعار غير حقيقية للدولار، فلا يمكن أن نبيع الدقيق بالخسارة".
وتشهد نسب التضخم في عموم البلاد صعوداً متسارعاً منذ نهاية 2017، مدفوعاً بهبوط حاد في سعر صرف العملة المحلية، مع وجود سوقين للصرف، رسمية وموازية.
وتستهدف الموازنة السودانية للعام الجاري إبقاء معدل التضخم في حدود 19.5%، مع معدل نمو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 4.4% في2017.