نجح مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري في تقديم قائمة متحدثين رفيعة المستوى ضمت كبار التنفيذيين في شركات عالمية وإقليمية، مثل سيمنز وجنرال إلكتريك وإعمار ويونيليفر وكوكاكولا وألستوم، إلا أن حجم ونوعية بقية الشركات المشاركة لم يكن على المستوى المأمول.
ووفقا للمعلومات، فقد شارك في المؤتمر نحو 900 شخص، ومعظمهم كان ينتمي لشركات
"مصرية" متوسطة وصغيرة، ومثلهم من الصحافيين، تسبب هذا العدد الضخم في زحام غير مبرر في أروقة المؤتمر، وربما كان القصد الإشارة إلى نجاح المؤتمر في استقطاب آلاف "المستثمرين".
فباستثناء المصارف المصرية الداعمين التقليديين لمثل هذه الفعاليات، مثل القلعة والسويدي وعامر وسامكريت وسوديك، لم نرَ سوى عدد قليل للغاية من صناديق الاستثمار المباشر وشركات الاستثمار في الملكية الخاصة، ومستثمري البنية التحتية مثل أبراج وصندوق الاستثمار الصيني، ووجود هذه النوعية من المستثمرين كان مطلوبا ليكون مؤشرا على عودة مصر كوجهة جاذبة للاستثمار الأجنبي المباشر الحقيقي.
لكن، ومن ناحية أخرى، شهد المؤتمر لقاءات تعارف كثيرة بين المستثمرين المصريين ونظرائهم الخليجيين ومردود هذه اللقاءات، يجب أن يظهر في الشهور القادمة في شكل صفقات
أو استثمارات مباشرة كمؤشر على نجاح المؤتمر.
مصارف الاستثمار
كانت مصارف الاستثمار (شركات الوساطة) هي الأنشط والأكثر حضورا، وبعضها معروف بضلوعه في عمليات الخصخصة في التسعينيات.
قبل المؤتمر بأشهر عدة، تعاقدت الحكومة مع هذه الشركات لتقوم بترويج عشرات المشروعات الحكومية على المستثمرين الأجانب، وكان نصيب كل شركة من "الكعكة" ما يعادل ثلاثة مشروعات.
طغى الاستثمار العقاري على هذه المشروعات، وكانت معظم المشروعات التي رأيناها في المؤتمر من فئة الإسكان الفاخر، إلى جانب أكثر من قطعة أرض تعرضها الحكومة "للبيع" لإقامة مشروعات سياحية وترفيهية.
اقرأ أيضاً:
مليارات مؤتمر شرم الشيخ تفشل في رفع بورصة مصر
وغابت مشروعات الصحة والتعليم عن الأجندة، سواء في قائمة المشروعات المطروحة أو الجلسات القطاعية.
طيلة أربع سنوات، منذ ثورة يناير/كانون الثاني وحتى الآن، لم تنجح الحكومات المصرية المتعاقبة في ترويج مشروعات البنية التحتية على المستثمرين، ولم توقع الحكومة سوى صفقتين: واحدة في القطاع الطبي، وهي مستشفى الإسكندرية التعليمي، وأخرى في الكهرباء مع السويدي.. وهذا ما يسمى "استثماراً" إذ يقوم المستثمر بتصميم وبناء وتشغيل وتمويل (ذاتي ومن المصارف) هذه المرافق.
أما على مستوى "العقود" فالوضع مختلف حيث تتسابق الشركات العالمية في الحصول على "عقود مقاولات" تموّلها الحكومة وتتعهد بدفع قيمتها، وهذا يحدث طيلة الوقت وفي كل القطاعات.
مليارات سيمنز
نأتي إلى أشهر الاتفاقات التي وقعت في المؤتمر، فقد أعلنت الحكومة أن سيمنز العالمية سوف تستثمر أربعة مليارات دولار (وفي رواية أربعة مليارات يورو) في تطوير محطات كهرباء وأنها تدرس استثمار ستة مليارات أخرى.
بيان الشركة الرسمي لم يذكر أية أرقام مالية عن قيمة التعاقدات، بل يقول بوضوح إن الشركة فازت بـ"عقد مقاولات" لتصميم وتوريد وتشييد محطة كهرباء جديدة في بني سويف بقدرة أربعة جيجاوات.
بعبارة أخرى، أعطت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الكهرباء عقودا تبلغ قيمتها مليارات الدولارات لشركات أميركية (جنرال إلكتريك) وألمانية (سيمنز) بالأمر بالمباشر، وبالتالي فهي "عقود مقاولات".
ماذا عن التمويل؟
معلوماتنا أن التمويل من مصارف مصرية ودولية، والمدين هو الحكومة المصرية! وإن صحّ
هذا، فالمليارات التي أعلن عنها في "فرح" شرم الشيخ هي ديون وأعباء جديدة، على الأقل في ما يخص مشروعات الطاقة.
إذن، لا تقل إن سيمنز ستعطي لمصر عشرة مليارات استثمارات، بل قل مصر ستدفع لشركة سيمنز مقابل عقود تكلفتها عشرة مليارات دولار، بالإضافة إلى فوائد الدين.
لا يوجد خلاف على أهمية هذه المحطات في سد عجز الطاقة المتزايد، لكن المطلوب أن تتحلى الحكومة بالشفافية، وتكشف لنا معايير الاختيار وطرق التمويل.
اقرأ أيضاً:
4 قطاعات تغيب عن مؤتمر مصر الاقتصادي
اقرأ أيضاً:
سيناء المصرية غرقت في الظلام طيلة أيام المؤتمر الاقتصادي