تحسن سعر صرف الليرة التركية ومؤشرات أسواق المال، بعدما توافق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم وحزب "الحركة القومية"، وقدما أمس الأربعاء، مقترحا مشتركا لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بدلا من موعدها المقرر العام المقبل.
وبحسب سماسرة عملات وخبراء أسواق مال في إسطنبول، فإن الشارع التركي أحس بـ"الانفراج"، وزوال حالة الترقب جراء تسريع الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتجرى بعد 65 يوماً، بدلا من نوفمبر/تشرين الثاني العام المقبل، على رغم أن البرلمان التركي سيناقش مقترح "الانتخابات المبكرة" غداً الجمعة، ويبت به يوم الأحد المقبل، بعد عرضه على الجمعية العامة للبرلمان، للمناقشة والتصويت.
ويقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو إنه "حينما سرت شائعة تقديم الانتخابات، تراجع سعر صرف الليرة التركية قليلاً، جراء ما تم تناقله عن رفض حزب العدالة والتنمية تقديم الانتخابات، ولكن ما إن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان التوافق على الانتخابات المبكرة، حتى تحسنت الليرة مقابل الدولار من 4.061 إلى 4.035 اليوم، ولتنزل إلى دون 5 ليرات لليورو، لأول مرة منذ نحو شهر، وتسجل 4.995 ليرة لليورو".
وحول أسباب تحسن سعر الصرف وارتفاع سعر الأسهم ببورصة إسطنبول أمس واليوم، يضيف كاتب أوغلو لـ"العربي الجديد" أن هناك أسبابا مباشرة أهمها زيادة ثقة السوق والشعب التركي بالاقتصاد، إضافة إلى أن "أعداء تركيا لن يستطيعوا تدبير المكائد نظرا لضيق الوقت، خصوصاً أن الانتخابات بعد نحو شهرين، يتخللها شهر رمضان والأعياد".
وأضاف أن "النظام الرئاسي الذي ستتحول إليه البلاد، سيلغي البيروقراطية ويسرّع بتنفيذ القرارات والمشاريع ورؤية الدولة لعام 2023، ما يعني ببساطة غياب التناقضات، إن في البرلمان أو الحكومة، ما يؤمن عامل الثقة للمستثمر الخارجي". وتوقع أن تأتي حكومة تكنوقراط تهتم بتنفيذ المشاريع الكبرى.
وحول ما يمكن أن يتخذه المصرف المركزي من قرارات تصب في صالح الليرة التركية خلال اجتماعه المرتقب 25 أبريل/ نيسان الجاري، لا يتوقع كاتب أوغلو أن "يتخذ المركزي قرارات مفصلية، كتعديل أسعار الفائدة أو التدخل المباشر بالأسواق، لأن المتعارف عليه، وما ستفعله الحكومة التركية، هو تسخير فترة الانتخابات لصالح الشعب وعدم اتخاذ أي قرارات يمكن أن تنعكس سلباً على معيشته، بل على العكس، ربما نرى دعماً ومحافظة على مستوى معيشة الأتراك".
ويرى أتراك، منهم رئيس حزب الحركة القومية المتحالف مع الحزب الحاكم، دولت بهجلي، أن "الانتخابات المبكرة ستجلي المسيرة الضبابية والفترة الوعرة المحاطة بالمخاطر، وسيكون ذلك في مصلحة الشعب التركي ومن أجل تركيا".
ويقول الاقتصادي التركي خليل أوزون في تصريح إلى "العربي الجديد" إن "لم يكن هناك أي مبرر اقتصادي لتراجع سعر صرف الليرة نحو 7% خلال ثلاثة أشهر، خصوصاً أن قيمة الصادرات التركية وصلت إلى 157 مليار دولار، وهي الأعلى بتاريخ الدولة، كما أن الإقبال السياحي عند مستويات مرتفعة، وتستهدف تركيا 40 مليون سائح بعائدات تقدر بنحو 30 مليار دولار في السنة الجارية، كما أن نسبة النمو هي الأعلى على مستوى العالم. كل ما في الأمر، أن أسبابا سياسية، داخلية وخارجية، أثرت على سعر الصرف ووضعت الليرة في سلسلة التراجع".
ويضيف "اليوم وبعد اتخاذ قرار الانتخابات المبكرة، زالت معظم الشكوك لدى الشارع، كما سيتملك الخوف أي مضارب أو محتكر للعملات الأجنبية"، ما أدى إلى تعاف طفيف منذ أمس، متوقعاً "استمراره ليصل الدولار لنحو 3.8 ليرات خلال الانتخابات".
ولم يتوقع الاقتصادي التركي أن يتدخل المصرف المركزي، كأن يضخ بالسوق كتلا دولارية من احتياطاته الكبيرة التي تصل إلى 120 مليار دولار، أو يتخذ قرارات بشأن سعر الفائدة، لافتاً إلى أنه بعد الانتخابات لن نرى أسعار فائدة مرتفعة وسنرى اقتصاداً أكثر نشاطا وأسرع لجهة تنفيذ المشاريع الكبرى".
ولفت أوزون إلى أن موسم السياحة قد بدأ بتركيا، والتوقعات تشير لجذب أكثر من 40 مليون سائح خلال السنة، ما يعني زيادة عرض عملات أجنبية وزيادة الطلب على الليرة، وهو عامل إضافي لتحسن سعر صرف الليرة سنلمسه قريباً".
وأشار إلى أن تراجع سعر صرف الليرة قد يكون من أهم الأسباب التي دفعت الأحزاب لتقديم الانتخابات، بهدف قطع الطريق على ما كان يحضّره المتربصون لتركيا، داخلياً وخارجياً".
وشهدت الليرة التركية تراجعا خلال الشهر الجاري، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، إذ بلغت الأسبوع الفائت 4.143 ليرات للدولار و5.127 لليورو، قبل أن تبدأ بالتعافي منذ أمس الأربعاء.