منظمة العمل الدولية تعيد مصر إلى "القائمة السوداء"

12 يونيو 2019
انتهاكات للحريات النقابية في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

أعادت منظمة العمل الدولية بشكل رسمي مصر إلى قائمة ملاحظاتها القصيرة المعروفة إعلاميًا بـ"القائمة السوداء"، والتي تشمل الدول التي لا تطبق معايير العمل الدولية في ما يتعلق بالحريات النقابية.

وكانت المنظمة قد رفعت اسم مصر من القائمة في مايو/أيار 2018، بسبب إعداد قانون النقابات العمالية وإجراء انتخابات عمالية بعد 12 عامًا من دون القيام بهذا الاستحقاق.

وكانت هذه المرة الثانية التي يرفع فيها اسم مصر من القائمة القصيرة، وكانت المرة الأولى في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وإطلاق مصر الحريات النقابية. لكنها عادت إلى القائمة من جديد طوال السنوات الماضية.

وأرسل النظام المصري، قبل مشاركته في مؤتمر العمل الدولي المنعقد حاليا في العاصمة السويسرية جنيف، وفدا إلى المنظمة مكونا من 55 عضوًا، يتألف من 21 عضوًا بالحكومة و10 من أصحاب الأعمال، وما يزيد عن 25 قيادياً نقابياً من اتحاد العمال الرسمي والاتحاد العالمي للنقابات.


كما سبق وأن حاول النظام التحايل على المنظمة بأن وافق مجلس الوزراء المصري، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 213 لسنة 2017، بشأن إصدار قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم النقابي في الثاني والعشرين من مايو/أيار الماضي.


أجاز التعديل للعاملين بأي منشأة تكوين لجنة نقابية لهذه المنشأة بما لا يقل عن 50 عاملاً منضماً لها، كما أعطى الحق للعاملين في المنشآت، التي يقل عدد العمال فيها عن 50 عاملاً، والعاملين من ذوي المهن والحرف، بتكوين لجنة نقابية مهنية عمالية على مستوى المدينة أو المحافظة لا يقل عدد أعضائها عن 50 عاملا، وذلك بالاشتراك مع غيرهم من العاملين المشتغلين في مجموعات مهنية أو حرفية، أو صناعات مماثلة، أو مرتبطة ببعضها، أو مشتركة في إنتاج واحد، على أن تعتبر المهن المتممة والمكملة لبعض الصناعات، داخلة ضمن هذه الصناعة، وفقاً للمعايير الدولية المطبقة في هذا الشأن.

كما أجاز التعديل أيضًا، إنشاء النقابة العامة من عدد لا يقل عن 10 لجان نقابية تضم في عضويتها 15 ألف عامل على الأقل، وعلى أن يكون إنشاء الاتحاد النقابي العمالي من عدد لا يقل عن 7 نقابات عامة تضم في عضويتها 150 ألف عامل على الأقل.

تعديلات جاءت في توقيت متوقع، ووفق خطة حكومية مكررة، لتستبق مؤتمر منظمة العمل الدولية في يونيو/حزيران من كل عام، خشية التعرض لانتقادات حادة، حيث إن القانون الحالي مناهض للحريات النقابية ومخالف للمعايير الدولية التي من المفترض أن تلتزم بها مصر، بموجب توقيعها وتصديقها على الاتفاقيات الدولية".

وكانت منظمة العمل الدولية، قد أبدت ملاحظات في تقريرها النهائي حول قانون المنظمات النقابية والمشاريع المتعلقة بالشأن العمالي وموقف الحريات النقابية في مصر، الصادر في فبراير/شباط 2018.

وتركزت ملاحظات المنظمة على الحريات النقابية والتمييز بين النقابات المستقلة والاتحاد العام لنقابات عمال مصر، فضلًا عن التحفظ على مواد بقانون التنظيمات النقابية، وضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر وتوافق مشاريع القوانين مع تلك الاتفاقيات.

وجاء في التقرير: "نأسف لأن التغيير الواضح الوحيد الذي طرأ على القانون هو تخفيض الحد الأدنى من متطلبات العضوية لتشكيل النقابات العمالية، وهو شرط لا تزال اللجنة تعتبره خارج نطاق المعقول".

كما أعربت المنظمة عن قلقها إزاء تعامل الحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة مع النقابات المستقلة، وقالت إن قانون التنظيمات النقابية نص على تسوية تلك النقابات لأوضاعها وفقًا للقانون الجديد، وخاصة عقب إصدار مجلس الدولة بيانا ينص على أن وزارة القوى العاملة لا تقبل طلب تسجيل المنظمات النقابية المستقلة، فضلا عن التدخل الشديد في شؤونها الداخلية والمسجلة بموجب إعلان وزاري.

أما وزارة القوى العاملة المصرية، فلم تنشغل كثيرًا بإعادة إدراج مصر في "القائمة السوداء" بقدر انشغالها بما سيكتب في الصحافة؛ فقد أصدرت الوزارة بيانًا رسميًا نص عنوانه على الآتي: "برجاء من السادة الصحافيين أن يكونوا حريصين في تناول أي أخبار خاصة بوضع مصر على القائمة القصيرة.. وأن مصر أولا وأخيرا بلدنا كلنا".

ومن خلال البيان، شدد وزير القوى العاملة المصري، محمد سعفان، على أن الدولة المصرية حريصة كل الحرص على الارتقاء بمناخ العمل المصري، وأنها تنفذ كل ما تعِد به لتحقيق إضافة وأثر إيجابي من خلال التعاون المشترك مع منظمة العمل الدولية، معربًا عن استعداد الحكومة المصرية للتعاون التام المنظمة لتتوافق قوانينها مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها.

وقال الوزير في تصريحات صحفية على هامش الدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي المنعقد حاليا بقصر الأمم بجنيف، بحسب البيان "إن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة القوى العاملة، أنجزت 3 قوانين عمالية، منها إصدار قانوني التنظيمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم، وانتخابات مجالس إدارة شركات القطاع العام والأعمال العام، ومشروع قانون العمل الجديد المعروض حاليا على البرلمان".

وأكد أن الحكومة المصرية ممثلة في وزارة القوى العاملة بكافة الملاحظات التي أبدتها لجنة الخبراء بالمنظمة منذ عام 2008 على قانون النقابات رقم 35 لسنة 1976، وأسهم القانون في إحداث تغيير جذري في قاعدة التنظيم النقابي المصري من خلال الانتخابات النقابية العمالية الأخيرة.


وقال من خلال البيان: "إننا ما زلنا نعمل حاليا على تعديل بعض أحكام قانون التنظيمات النقابية تنفيذا لتوصية لجنة الخبراء بالمنظمة، والمجلس الأعلى للحوار المجتمعي في مصر، وذلك بتخفيض الحدود الدنيا اللازمة لتشكيل المنظمات النقابية، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية، لتعزيز امتثال مصر لمعايير العمل الدولية".

وشدد وزير القوى العاملة المصري، على أنه بعد وضع مصر على قائمة الملاحظات القصيرة لحالات الدول المخالفة للاتفاقيات الدولية، بلجنة تطبيق المعايير في الدورة الحالية (108) لمؤتمر العمل الدولي، ما زالت الدولة المصرية تؤكد حرصها على توافق تشريعاتها لمعايير العمل الدولية، وأنها على استعداد لإدخال أي تعديل توصِي به لجنة الخبراء بلجنة معايير العمل الدولية، وذلك بإجراء حوار مجتمعي خلال الفترة القادمة مع منظمات أصحاب الأعمال وممثلي العمال، لنؤكد للعالم كله حرص مصر على امتثالها لمعايير العمل الدولية.

دلالات